اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• اليسار والثورات العربية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين طعمة

الناصرية

 

اليسار والثورات العربية

 

في خضم المتغيرات السياسية والاجتماعية والحراك الشعبي الدافع للتغيير والمطالب بالحريات العامة التي تترى على الساحة السياسية العربية , والتي جاءت بعد عقود طويلة من الاستبداد والدكتاتورية التي أعتاد عليها المواطن العربي .فقد أصبحت حالة الاستلاب تتماهى مع شخصية هذا المواطن ,داعما وساندا لها بوعي أو بدونه ,مهللا لمن يسد عليه منافذ حريته وتطلعه نحو آفاق أكثر إنسانية وتقدم.حتى أصبح الحديث عن التغيير في المنطقة العربية ضربا من الخيال وحالة مستحيلة التحقيق .وأظهرت كثير من دراسات علم الاجتماع وعلم النفس ,إن المواطن العربي ليس لديه الاستعداد لتغيير مفاهيمه البالية ,نظرا للتراكم الحاصل في منظومته الفكرية ,وبالكم الهائل من قيم التخلف والعبودية والاستغلال والاستكانة إلى  هذيان الدعاة الذين كانوا يرسمون له وعيه وتفكيره وعمله طيلة حقب طويلة من التأريخ المعاصر .فكان نتاج هذا الهذيان ,إن صار المواطن العربي يعاني من عقد سيكولوجية غريبة ,ليس بمقدوره التحرر من قيوده هذه .بل وصل به الامرأحيانا أن يتلذذ بالخضوع والخنوع في حضرة جلاديه , ومغالاته حد الإذلال في أبداء الطاعة لهم ,بغرائبية تحقيرية للذات ,وفق نزعة و أنماط غريبة بعيدة عن إنسانية الإنسان .إن ما يهمنا الآن هو موقف اليسار وسط هذه المتوالية والأحداث السريعة والمتغيرات التي تحصل على الساحة العربية ,الاجتماعية والسياسية,ودوره وحضوره في الأوساط الشعبية الدافعة للتغيير .إن اليسارالان متهم بانحسار دوره العملي في خضم هذا الانفجار الكبير والتحرك الجماهيري الواسع الذي تشهده الساحة العربية قياسا إلى حركات متشددة حاولت بوسائلها وخطبها المتعددة ,ووسائل إعلام ساندة لها ,من الهيمنة على المشهد السياسي الراهن وتجيير الانتفاضات والثورات العربية باسمها ,لأن صوته(أي اليسار العربي )جاء هامدا خافتا ,لم يرق إلى مستوى المسؤولية التاريخية بمواجهة الأحداث المتسارعة على الساحة العربية ,وهو صاحب التأريخ المجيد في قيادة الانتفاضات الشعبية ,والنضال الوطني الداعم لمطالب الجماهير الواسعة بمختلف شرائحها ,عمالا وفلاحين وطلبة وشبيبة ومثقفين ,بمنظماتها الجماهيرية المهنية العديدة.أي انه يمثل وبجدارة فائقة ,قوة التغيير الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لصالح المحرومين والفقراء والمعدمين,والداعم والساند لمطالب الشعوب للتحرر من القهر والاستبداد ونيل الحقوق المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية,بالإضافة إلى ذلك امتلاكه خزين هائل من الوعي والفكر الإنساني المتمثل بالنظرية الماركسية,القادرة على التكيف مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية,حين تتوفر الشروط الموضوعية له.

إن من أهم هذه الشروط , ظهور القيادات الواعية للمرحلة الحالية ,القادرة على إيجاد أشكال نضالية جديدة تستوعب كل الحركات اليسارية التي تعاني من التمزق نتيجة الانشقاقات الكثيرة التي حصلت في الأحزاب الشيوعية والماركسية والديمقراطية ,نتيجة التنظيرات والجدل الفكري والسياسي الذي أدى باليسار أن يصبح عاجزا عن أداء مهامه الكبيرة, واختلالا في توازنه ومقدرته على التأثير بالأحداث المتتالية والمتسارعة.بالإضافة إلى هذه الأسباب الداخلية ,هناك ظروفا موضوعية قاهرة أثرت بشكل كبير على مسيرته الفكرية والسياسية وأولها الطامة الكبرى اثر انهيار المعسكر الاشتراكي برمته ,بدراماتيكية غريبة ومتسارعة.وكذلك العنف والاضطهاد الذي واجهه اليسار من الأنظمة الشمولية التي تتوجس من تنامي قوته وتأثيره في الشعوب المقهورة وتنامي وعيها.

إن اليسار اليوم في مفترق طرق عديدة ,تعترضه وتقف بوجهه مهام كبيرة وصعبة ,سوى على مستوى ما يتعلق به داخليا, من توحيد كل فصائله وتوافقاته الفكرية والسياسية ,و إيجاد مشروع مرحلي يوافق الظروف التي تستجد يوميا على الساحة العربية.كذلك إعادة الثقة بالجماهير التي تتوق وتأمل وتنشد العدالة الاجتماعية وتحقيق المجتمعات الخالية من التمييز الديني والطائفي والقومي وتحقق الرفاه للطبقة العاملة وتدعم الفلاحين وخلاصهم من الاستغلال والتعسف .وكذلك الحقوق العامة للمرأة والطفل ,وشرائح المجتمع من مثقفين وفنانين وعامة أبناء الشعب .يجب على قوى اليسار اليوم أن تتوجه إلى الشباب, بالاستفادة من الوسائل الحديثة في علم الاتصالات والفضائيات لنشر إعلامها ومشاريعها السياسية , وآراءها في المستجدات والمتغيرات على جميع الأصعدة.لقد فقدت الجماهير حماسها وتوثبها واندفاعها بعد التدخلات الداخلية والخارجية لحرف نتائج الثورات لصالح الامبريالية ونظامها العولمي وليبراليتها الجديدة, من خلال دول عربية تعمل وفق إرادتها , جاهدة لسرق هذه الثورات ,وحرف مسيرتها .معززة ذلك بالأموال الطائلة ووسائل إعلام هائل وفضائيات تعبئ وتتبنى مشروعا معروفا للجميع.إن الجماهير العربية ,ومن خلال الوعي الاجتماعي والسياسي الجديدين,تتطلع نحو التيارات الوطنية الذي يمثله اليسار بتأريخه وكفاحه الطويل مع الجماهير خير تمثيل.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.