اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• "الخدمات النوعية " التي يقدمها أعداء الحزب الشيوعي العراقي لنضاله !

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

·       "الخدمات النوعية " التي يقدمها أعداء الحزب الشيوعي العراقي  لنضاله !

 

 

                                        

 حسين الرحال          محمود احمد السيد       زكي خيري 

 

 

                    

احتفاء بالذكرى السابعة والسبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، قررت اعادة قراءة كتاب حنا بطاطو (1926 ـ 2000) المؤرخ الشهير الفلسطيني الاصل ، والمختص في تاريخ المشرق العربي الحديث، والذي يعتبر بحثه التاريخي الاجتماعي عن العراق المعنون " الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية الحديثة في العراق " (نشر عام 1978) الاكثر اهمية من بين كل اعماله الاكاديمية ، وفي هذا العمل انصف بطاطو الشيوعيين العراقيين ، في بحث موضوعي عميق ، لا اعتقد ان دارسا لتأريخ العراق الحديث يمكنه الاستغناء عنه .

واذ تنقلت بين صفحات الكتاب باجزاءه الثلاثة ، وخلال مراجعتي الكتاب الثاني ، المعنون " الحزب الشيوعي"، وجدتني اصيح بصوت عال كأني ارخميدس ، مكتشفا لمفارقة وجدتني احكيها لشريكة حياتي :

ـ اتدرين ان اعداء الحزب الشيوعي العراقي وبالرغم منهم يقدمون خدمات "نوعية" من اجل تطور نشاط وعمل الحزب ورص صفوفه ومساعدته في مراجعة برامجه واكتشاف مكامن قوته وضعفه ؟!

وهي ترمقني بأستغراب منتظرة مني اكمال ما اريد قوله ، رحت أسأل من جديد :

ـ  اتتذكرين الجنرال الفرد مود ، الذي درسنا عنه جميعا في المدارس خلال زيارته للعراق عام 1928 م ، وتأييده الصارخ لوعد بلفور والاحتجاجات التي انطلق في بغداد ضد زيارته ؟

ولم أنتظر جوابا ، رحت اقرأ من حنا بطاطو وفي صفحة 49 تحديدا :

ـ ... ، وكان السير الفرد موند هو السبب المباشر للتظاهرة ، وكان موند مؤيدا بحماسة للحركة الصهيونية ، وكان يزور فلسطين ، فقرر زيارة العراق " لدراسة احواله الزراعية" ، كما اعلن  يومها .

ويسترسل حنا بطاطو ليروي لنا بالتفصيل عن التظاهرة الاحتجاجية التي دعى لها "نادي التضامن" ، الذي تأسس اواسط عام 1926 ، وكان ايامها نقطة تجمع للعناصر الشبابية الوطنية ، ونواة لعمل الماركسيين الرواد والشيوعيين الاوائل في العراق، ومنهم حسين الرحال ، رائد الفكر التقدمي في العراق، يوسف زينل ، محمود احمد السيد ، صاحب " جلال خالد" اول رواية عراقية ، زكي خيري ، عاصم فليح ، مهدي هاشم ، عبدالله جدوع، محمد سليم فتاح، مصطفى علي ، ابراهيم القزاز، عوني بكر صدقي، عبدالحميد رفعت، عبدالفتاح ابراهيم، فاضل محمد البياتي، واخرين. تلك الايام كانت الحلقات الماركسية الاولى في بدايات تأسيسها ، وكان الوعي الماركسي بل والشيوعي يتلمس طريقه الى عقول الشباب والمثقفين منهم ، وكان حسين الرحال وجماعة صحيفة "الصحيفة" التي ظهرت اول اعدادها في 28 كانون الاول 1924 قد بدأوا نشاطهم الفكري في التبشير لافكار جديدة تنتقد التقاليد القديمة وكانوا اول من تحدث عن كون"المادية التاريخية" هي من تفسر التاريخ ، ودافعوا عن تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، واجتهدوا في تفسير التغيرات الاجتماعية تبعا للعوامل الاجتماعية والاقتصادية ، وتبع ذلك ظهور حلقات ماركسية في البصرة والناصرية ، وعرف العراقيون والسياسيون اسم ونشاطات العامل الشيوعي يوسف سلمان يوسف ، الذي صار فيما بعد معروفا للعالم أجمع بأسمه " فهد ".

المناضل والقائد الشيوعي الراحل زكي في كتابه "صدى السنين في ذاكرة شيوعي مخضرم " يروي لنا عن تلك التظاهرة الاحتجاجية ضد زيارة الجنرال موند ، في الصفحات 61 ـ 63  ، وكيف انها كانت الاولى من نوعها لتنظيمها والمساهمة الواسعة من قبل الشبيبة وطلاب المدارس، ولفتت الانتباه بوجود اللافتات المخطوطة والمحمولة ، التي تتصدر الصفوف المنتظمة في كراديس . يشير زكي خيري :

ـ وفي اخر النهار لم تعد المظاهرة طلابية ، فقد بلغ عدد المتظاهرين العشرين الفا من مختلف الفئات الاجتماعية .

ويواصل الحديث عن ممارسات السلطة الملكية وكيف ان قوات الشرطة الخيالة بأمرة الضباط الانكليز، واجهت المظاهرة بالعنف وفاجأت المتظاهرين العزل بكمين نصبته قرب موقع المتحف الوطني الحالي فسقط ثلاث جرحى احدهم المناضل زكي خيري ، الذي كسر حصان ضابط الشرطة بحوافره عظم ترقوته ، وتم اعتقال زكي خيري ليلتها رغم اصابته، وعن اعتقاله يروي لنا في نفس المصدر :

ـ وكانت تلك اول مرة اعتقل بها ، وفي الصباح نقلوني الى غرفة التوقيف مع الاخرين، وكان بينهم حسين جميل ، عبد القادر اسماعيل ، عزيز شريف ، حسين الرحال واخرون .

واذ نعود الى حنا بطاطو ، لاعرض السبب الذي جعلني اطلق صيحتي ، فهو ما يذكره في الصفحة 49 عن مظاهرات 8 شباط 1928 ضد الجنرال موند ، ونتائج اعتقال العديد من المساهمين بها ، حيث يقول بطاطو عن هذا الاعتقال  :

ـ جمع بين عاصم فليح ومهدي هاشم وزكي خيري ، الذين كانوا يومها شباب قلقين ومستائين ثم اصبحوا فيما بعد مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي وقادته ، والتقى فليح وهاشم في مركز شرطة السراي حيث احتجزا مع متظاهرين اخرين ، وهناك سمعا بخيري (زكي خيري) وبالاصابات الجسدية التي عاناها على ايدي رجال شرطة الكولولونيل بريسكوت الخيالة.

نعم ، في زنازين السجن تعارف الرواد الاوائل على بعضهم البعض ، وبدون هذه الاعتقال لربما تطلب المزيد من الوقت لموعد لقائهم ، فيا ترى كم هي مفيدة ونوعية هذه "الخدمة" التي قدمها اعداء الشيوعية لتأريخ الشيوعية ، برميهم في زنزانة واحدة ، لمناضلين ساهموا في رسم التأريخ المجيد للعراق المعاصر ؟!

سيبقى الحزب الشيوعي مشرقا ، شامخا ، وستبقى اجراءات اعداءه دائما عاملا لقوة هذا الحزب !

فالسجون والاعتقالات تكشف للحزب جوهر ومعدن مناضليه الاشاوس ، فصلابة فهد اثارت جلاديه ، الذين قال لهم في لحظاته الاخيرة قبل اعدامه :

ـ نحن اجسام وافكار ، وان دمرتم اجسامنا فلن تدمروا افكارنا !

وأن اجيالا تبعت فهد تعلمت الدرس جيدا ، وزمّ عشرات المناضلين شفاههم عن البوح بأسرار حزبهم ، اما الذين تهالكوا تحت عصي الجلاد وخانوا الامانة وتحول بعضهم الى وشاة ومخبرين ، فقد لفضهم التاريخ ، وتخلص جسم الحزب منهم ، ليجد الجلاد نفسه ، ورغما عنه ، بشكل أو اخر يساهم بازاحة الحواش الرخوة من جسم الحزب ، ليبقى الحزب قويا ، صلدا ، شجرة ، ريانة ، بهية ، دائمة الخضرة ، شامخا كنخلة عراقية باسقة، وليتدرب كوادر الحزب في المواجهات مع اعداء الحزب ، ليكونوا أكثر حنكة وعزما ودربة في العمل الحزبي النضالي ، وليكتشفوا عن مدى اقتراب حزبهم من الجماهير ، ومدى صحة شعاراتهم وملائمتها لمطالب الناس .

ان كانت " الراسمالية تحفر قبرها بيدها " ، على حد قول ماركس ، فأن الممارسات القمعية ، من قبل اعداء الشيوعية ، وهم يضيقيون على عمل الحزب ويحاولون الحد من نشاطه وتهميش وجوده بين الجماهير ، أقول أنها تدفع بالشيوعيين  الى ابتكار اساليب عمل جديد ، وصلات افضل مع الجماهير .

 

 * طريق الشعب العدد 154 الخميس 31 آذار 2011‏

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.