اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• المربد وما أدراك ما المربد ؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

                    وجهة نظر

 

 المربد وما أدراك ما المربد ؟

 

لا أقصد بالعنوان ـ السؤال عن معنى كلمة "المربد" ،  أذ أدرك ان الكثيرين يعرفون اصله اللغوي وماذا قال فيه جدنا الاصمعي ، وكيف أنه ما هو الا أسم لموقع في البصرة ، وجد مع تأسيسها ، كان مربطا للخيل وألأبل، وفي العهد الاموي تحول الى سوق ادبية ، صارت تقدم فيه قصائد الشعر بالمفاخرة والخطب ، مثله مثل سوق عكاظ . في الايام السود ، التي عصفت بالعراق ، خلال حكم الطاغية صدام حسين، وبفعل من سياسة التبعيث ، وحرارة تصفيق وردح جلاوزة المجرم صدام حسين من حواري النظام ومثقفيه وطباليه، تحول المربد من جديد الى مربطا للخيل والابل! إذ كان النظام الديكتاتوري يبيد الشعب العراقي حروبا وسجونا وانفالا وحصارات وقبورا جماعية ، بينما كل مرة هناك مئات الشعراء ـ !! ـ في "المربط" يطبلون ويردحون لفارس الامة والقائد "الزرورة " ، الذي عسكر البلاد والشعر والبس الثقافة ثياب الخاكي والموت !

لقد قيل ان لمهرجان المربد ديونا كثيرة وعليه ان يسددها للشعب العراقي ، فهل تم شيء من هذا خلال سنوات ما بعد سقوط الصنم ؟

مع سقوط النظام العفلقي الشوفيني ، وفي العراق الجديد ، العراقي الديمقراطي ، كنا نأمل ، ان يتعافى العراق كوطن ، وان تعود الروح الحقيقية الى الحياة الثقافية ، وان تسود الممارسات الصحيحة التي تنظر الى الثقافة العراقية والمثقف ، بمنظار الانتماء للعراق والثقافة العراقية بروافدها المتعددة، وان لا يكون هناك تمييزاً ، او مكانا للاخوانيات والمحاباة والموالات في وضع قوائم ضيوف أي مهرجان ثقافي ، خصوصا مهرجان يراد له ان يكون مهرجانا للثقافة العراقية ، مثل مهرجان المربد ، فما الذي  يا ترى يمكن أن يقال عن المربد الثامن ؟!

شخصيا لا اعرف كل أسماء القائمين على المهرجان ، ولا اعرف كل أسماء اعضاء ما سميت بـ " الهيئة العليا لمهرجان المربد الثامن" ، ولم اسمع كثيرا عن المهرجانات السابقة ، بقدر ما نشر في الصحف العراقية ، وظل في البال عالقا بعض ما نشر من الشعر الذي قدم هناك ، والكثير من الانتقادات عن عدم كفاءة القاعات ورداءة اجهزة الصوت ، وفوضى في الادارة ، وتدخل بعض رجال دين في قراءات بعض الشعراء ، وامور اخرى يعرفها الاخوة المربديون جيدا .

اقول هذا وأأكد بأني لا افتح في كلماتي هنا ، نارا على احد ، ولكن أمامي قائمة طويلة بأسماء المدعوين الى مهرجان المربد الثامن، وهي تحوي 284 أسما ، وهو عدد كبير وجيد ، وبينهم زملاء واصدقاء واساتذة لي ولهم باع معروف في الحياة الثقافية والابداع ، لكن أثارتني تلك الملاحظة ، التي تتصدر القائمة ، وشعرت وكأن كاتبها يوجهها لاسماء يعرفها جيدا ولا يريد حضورها ، واقصد الملاحظة التي تقول " وتعتذر الهيئة العليا واللجنة التحضيرية عن استقبال من لم يرد اسمه في قائمة المدعوين " ! ، وكأنها سور وحاجز تريد اغلاق باب المهرجان ؟

أن شعار الدورة الثامنة ، التي زهت بحمل أسم مبدع عملاق مثل مظفر النواب ، يتكون من كلمات : " ثقافة .. حرية .. تغيير " ! شيء رائع جدا ، ان تصل اصوات الشارع ومتظاهري ساحة التحرير والاحتجاجات المطلبية الى قاعات الشعر ، فتقفز كلمة "التغيير" الى هناك ، مما يدعونا الى انتظار قصائد تحمل روحا جديدة، لكن ماذا عن "الحرية" هنا ؟ اين الحرية في الانتفاع من مهرجان ثقافي بغض النظر ان يكون المرء مدعوا أو لا ، وأين المباديء الموضوعية في التعامل مع الثقافة العراقية ومنتجيها عند اختيار ضيوف المهرجان ؟

 لفت انتباهي ان هناك اسماء من بين المدعوين ، طالما نظّرت وسوقت لعبارات ومصطلحات ـ اعتبروها نقدية ـ صارت ممجوجة ـ كالشتائم ـ مثل "مثقفي الخارج ومثقفي الداخل "، حسناً .. لنسلم بهذا التقسيم الفج والقسري، ولنسأل كم مثقفا من " اهل الخارج " تمت دعوتهم الى مهرجان المربد الثامن ؟

في الصحافة العراقية ورد ضمن الاخبار المنشورة عن مهرجان المربد الثامن بأن من ضمن الضيوف هناك ثلاثين شخصية عربية و"أجنبية" ؟ يا ترى كم عدد الشعراء والمثقفين العراقيين المدعوين من خارج الوطن ، هل هم جزء من هذا " الثلاثين " ؟ ويا ترى هل هذا العدد من " أهل الخارج " المدعو قسمة عادلة ؟ وكم شاعرة أو مثقفة نجد بينهم ؟ وكم شاعرا من الشباب ؟ وهل "الهيئة العليا" لا تعرف اسم الضيف الدانماركي ـ يبدو الاجنبي الوحيد ! ـ فتكتب اسمه "نلسن الدنماركي "، ام ان هذا اسمه حقا، او ان هاتفا أخويا وحارا أخر الليل وعاجلا طلب اضافة أسمه ـ بداعتي لا تزعلني ! ـ فلم يكن هناك وقت للاستفسار عن اسم السيد " نلسن " ! الكامل ؟ يا ترى الم يكن بالامكان ان يكون هناك تيمو الفنلندي ، وجاك البريطاني ؟ وسارا الفرنسية ؟ و ... !

خلال السنوات التي كان فيها "المربد" مربطا للخيل والابل ، أيام كان الشعراء " الكسبة " يتبارون لتحويل كلمات وخطب و"خرط " المجرم صدام الى قصائد شعر وبعر ،  لا أحد يستطيع ان ينكر الدور الابداعي والموقف الواضح الذي حمله المثقف العراقي الذي تشرد قسرا في المنافي خارج الوطن دافعا ضريبة اتخاذه موقف من حكم العفالقة الديكتاتوري ومحاولة مسخ روح الثقافة العراقية ، والان حين يراد للمربد ان يكون مربدا حقيقيا ، وللشعر ان يعاود بهاءه ،  الا يستحق هذا المثقف العراقي المنفي ، من كوكب "اهل الخارج" ان تكون له حصة مناسبة ؟

اجد ان ما كان يقال عن " أن هناك اجحاف مستمر في مسألة المدعوين ، اذ انها تقتصر على اسماء معينة وتستبعد أخرى " ، تبدو وكأنها ستكون صفة ملازمة لمهرجان المربد ، وخصوصا الدعوات المجحفة بحق مثقفينا خارج الوطن ، فحتى بعض الاسماء الواردة في القائمة المنشورة للمدعوين والمحسوبة ـ ربما ـ على المثقفين خارج الوطن ، هي عمليا أسماء مثقفين عادت وتوطنت في الوطن ، وبهذا فهم عمليا من "مثقفي الداخل " !

 اعتقد اننا في منظماتنا الثقافية والمهرجانات الكبيرة ، مثل مهرجان المربد ، ومن اجل ان نعطيه وجها عراقيا، منصفا للثقافة العراقية ، ومنتجيها ومبدعيها ، بحاجة الى عمل مؤسساتي منظم وموضوعي وفقا لاسس لا تعرف الارتجال والمحاباة والاخوانيات ، ولاجل ذلك يجب ان يتم جرد الكفاءات الادبية في كل مكان ، وبحيث يتم دعوة الشعراء العراقيين الى مثل هذه الفعالية ووفق نسب معينة حسب التقسيمات الجغرافية ، من داخل الوطن وخارجه ، وايضا دعوة مثقفين اجانب للمساهمة ، وان ذلك ممكن عبر ايجاد ألية للتنسيق مع النوادي والجمعيات الثقافية العراقية خارج الوطن ، او بالاتصال بالمثقفين العراقيين الناشطين واستشارتهم ، عبر وسائل الاتصال المتوفرة والتي لا عد لها ، من اجل ان لا يكون هناك شعور وكأن اسماء الضيوف اعدت واختيرت على اسس لا علاقة لها بالثقافة !

 

 سماوة القطب

 

 * نشرت في المدى /  الصفحة الثقافية / العدد (2105) الثلاثاء 19/04/2010

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.