اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• المثقفون العراقيون خارج الوطن ونيران جاسم العايف !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
 
 يوسف ابو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

المثقفون العراقيون خارج الوطن

 ونيران جاسم العايف !

 

اعتدت بأستمرار ، حين يتطلب مني الرد على احد من الكتاب ، ان اناقش الفكرة ومحاورتها ، واجتهد كثيرا للابتعاد عن شخصنة الافكار والاراء ، وهذا يدفعني  غالبا الى عدم ذكر أسماء من يتطلب الرد عليهم فالذي يعنيني عادة هو افكارهم ، لكني هذه المرة وجدتني اضع اسم الشخص المعني ، وهو الاخ الكاتب جاسم العايف، في عنوان ما أود أقوله، رغم مواصلة الحرص على مناقشة افكاره اساسا ، والسبب لاني اردت ان يكون تعقيبي واضحا وموجها للشخص المعني مباشرة ، وكل ذلك في اطار احترام الرأي والرأي الاخر، وارتباطا بكوني لمست صدى ما يقوله الاخ جاسم العايف عند البعض من الاخوة المثقفين المقيمين داخل الوطن، أذ راح البعض وبأجحاف يضع في كتاباته وفي احاديثه حدودا بين مثقفي العراق ، من هم داخله او خارجه ، وتحت عبارات ومفاهيم متنوعة .

استوقفني عند الاخ الكاتب جاسم العايف في مقاله (المربد مرة اخرى) المنشور في جريدة الصباح (01/06/2011) ورود أسمي ، في خلال معرض رده على مقال للاخ الفنان " خالد خضير الصالحي " المعنون  (مهرجان المربد..جدواه الثقافية وأجناسيته ) والمنشور في الصباح (26/5/2011) ، وفي العديد من مواقع الانترنيت ، وكان الفنان الصالحي اجتهد لابداء رأيه في مهرجان المربد الثامن ، الذي عقد مؤخرا ، عبر " قراءة بصرية لاعلان المهرجان" ، وكتوطئة لمقاله استشهد الاخ الصالحي بمقتطفات من مقال لي نشر في صحيفة المدى اولا (19/04/2010) ، وثم في مواقع الانترنيت ، وفي مقالي المعنون (وجهة نظر ـ المربد وما أدراك ما المربد ؟ ) اجتهدت ان اثبت ملاحظات عن واقع مهرجان المربد الثامن ، تركزت على اسلوب توجيه الدعوات الموجهة من قبل الهيئات المعنية للمهرجان ، خاصة ما يتعلق بالمثقفين العراقيين، المقيمين خارج الوطن ، وثم ختمت مقالي باقتراحات لاعتماد أليات عملية ونافعة من اجل ضمان مساهمة مشاركة اوسع للمثقفين العراقيين في الدورات القادمة ، وكتوطئة حوى مقالي تقيما سريعا عن مهرجان المربد بشكل عام واحواله في ايام النظام الديكتاتوري ارتباطا بمعنى اسم المربد واصوله التأريخية ، وعن هذا  قال الاخ جاسم العايف (إن البحث في نشأة المربد واسمه مسألة عفا عليها الزمن، ولم يتم الإجماع عليهما)، وكأن مقالي غرضه البحث التأريخي في اصول كلمة المربد ، وفاته ان الامر في تعليقي يتعلق بتثبيت موقف واضح من "مرابط" النظام البعثي المقبور، وأبراز حقيقة ذكرتها وهي (  تحول المربد من جديد الى مربط للخيل والإبل ! إذ كان النظام الديكتاتوري يبيد الشعب العراقي حروباً وسجونا وأنفالاً وحصارات وقبوراً جماعية ، بينما كل مرة هناك مئات الشعراء ـ !! ـ في "المربط" يطبلون ويردحون لفارس الأمة والقائد "الضرورة " ، الذي عسكر البلاد والشعر وألبس الثقافة ثياب الخاكي والموت! )  ، ولهذا فان مقالي اشار وبوضوح الى  (لقد قيل ان لمهرجان المربد ديونا كثيرة وعليه ان يسددها للشعب العراقي ، فهل تم شيء من هذا خلال سنوات ما بعد سقوط الصنم ؟) ، واذا تجاوزنا هذا فاننا سنقف عند رأي غريب في تقاليد الحوار وتقييم نشاط المثقفين العراقيين ، هو ما يتطلب المناقشة والتعقيب أساسا، فالاخ العايف يشير بوضوح الى ( والاستشهاد بمقالة الأستاذ" أبو الفوز" لا ترفع من شأن مقالة الزميل "خالد خضير الصالحي" المعنونة "مهرجان المربد.. جدواه الثقافية وأجناسيته". فالسيد أبو الفوز، مع كل الاحترام له، يعيش خارج العراق ، ومَنْ هو هناك ،أشبه بمَنْ ، يده بشيء قريب من رماد النار،أما مَنْ هو داخل العراق، فأن  يده في النار ذاتها ، وشتان بين الاثنين ) ، فالاخ جاسم العايف يريد ان يقول لنا  وببساطة وبكل وضوح ان مثقفي العراق الذين يعيشون خارج الوطن لا شان لهم بقضايا العراق ، ولا يفقهون شيئا في أموره ، فهم واذ يعيشون متنعمين بما توفره الحضارة في بلدان اقامتهم من عيش رغيد ، حيث لا مشاكل كهرباء ولا مفخخات ولا ارهابيين ولا حكومات محاصصة ولا فساد سياسي وثقافي بنزع قمصان الزيتوني ولبس قمصان العهد الجديد ، ولا ... ولا ... ، فان هؤلاء المقيمين خارج العراق  بعيدين عن "نار" العراق ، ليس لهم الامكانية لفهم ما يجري على ارض الوطن، وليس لهم من معاناة العراقيين  وشؤونهم سوى "الرماد" وربما عجاجه !!

لو آمنا بهذا القول العجيب واعتبرناه نظرية أو قانونا جديدا وعلى اساسه يجب تقيم المواقف والاعمال ، فان علينا ان نرمي فورا بكل مؤلفات غائب طعمه فرمان الى النهر ، فما هي الا من هذا "الرماد " فأهم اعمال غائب طعمه فرمان كتبت وهو يعيش خارج العراق ، بطرانا متنعما ، بعيدا عن "النار" التي يتحدث عنها الاخ جاسم العايف ، فكيف لفرمان  ان يتلمس معاناة وهموم المواطن العراقي ؟! ومن يعطيه الحق ليدلوا بدلوه وهو في رماده ؟ ولأزيد من التفاصيل ، وارتباطا بهذا الاستنتاج  العجيب ـ ولكم لن تصفوه بالشكل الذي يناسبكم  ! ـ علينا ان نشطب على كل اعمال فيصل لعيبي ومحمود صبري وصلاح جياد وعفيفة لعيبي التشكيلية ، اعمال سلام عبود وسلام ابراهيم الروائية ، اعمال كوكب حمزة وكمال السيد وطالب غالي الموسيقية ، دواوين بلند الحيدري وسعدي يوسف وعبد الله به شيو وبلقيس حميد حسن الشعرية ، اعمال قتيبة الجنابي السينمائية ، ودراسات كاظم حبيب وعقيل الناصري و ...  لست اقدم هنا سوى امثلة محدودة من الاسماء  فعذرا لكل زملائي واصدقائي ، الذين لا يعدون ، ممن يشاركوني المنفى ، فالقائمة تطول بحجم معارف القراء بأسماء المثقفين العراقيين الذين يعيشون خارج الوطن ، والذين ابتلوا بالمنفى كموقف من نظام ديكتاتوري مجرم كان يعتبر المثقف  الواعي الملتزم بقضايا شعبه عدوه الاول .

ان الامر هنا  والذي جعلني اكتب هذا التعقيب ، لا يتعلق عندي بما يقوله الاخ جاسم العايف عن "يوسف ابو الفوز" بل هو للاسف موقف متداول وملموس عند البعض من الاخوة المثقفين داخل الوطن ، يتسرب في احاديثهم وكتاباتهم ، بدوافع عديدة !! ، وكلها بعيدة عن الموضوعية في النظر الى دور المثقف  العراقي  بغض النظر عن موقعه الجغرافي . رأي يقود الى الاعتقاد ، وكأن  مثقفي العراق المقيمين خارج خارج الوطن اذ سجلوا موقفا واضحا وغادروا العراق مضطرين ـ خصوصا الهجرات الاولى  قبيل بدء حروب البعث الكارثية ـ وواصلوا نضالهم الابداعي بالكلمة والفعل  ، كثير من المثقفين امتشقوا السلاح في قوات الانصار في جبال كوردستان  ، وانتظروا زوال نظام المجرم صدام حسين للعودة ، ولم تتوفر الظروف المناسبة لعودتهم بكرامة فاثروا البقاء حيث هم ، وكأنهم عند الاخ العزيز جاسم العايف ونظريته حول النار والرماد، اقول  وكأنهم طلقوا العراق ، وفقدوا عندها حق الخوض في شؤون وطن قدموا له حياتهم وعصارة جهدهم ؟!

ان واقع كون المثقفين العراقيين خارج الوطن يعيشون في ظروف حياتية افضل كثيرا من معيشة زملائهم واخوانهم داخل الوطن ، لا يعني انهم لا يتحسسون معاناة ابناء شعبهم ويكابدون مثلهم الوجع والالم ويعملون من اجل غد مشرق افضل لابناء جلدتهم ، والطريف جدا والملفت للانتباه ، ان الاخ جاسم العايف ومع استرساله في الكلام في مقاله المذكور وهو يحاور الفنان "خالد خضير الصالحي"، راح يوضح ويشرح ويقدم تفاصيل عديدة تدعم وتتفق مع الافكار والملاحظات التي قدمتها في مقالي المذكور الذي يعتقد أنه لا يرفع  ويدعم وجهات نظر الزميل الصالحي ،  فكيف حصل ان ناره اتفقت مع رمادي في ثنايا المقال ، وكان في بداية مقاله  قد حاول التقليل من شأن دلالات أقوال واراء كاتب يعيش متنعما خارج الوطن ، وورط نفسه للأدلاء بدلوه  في قضية هي ربما بنظر الاخ العايف حكرا فقط  لمثقفي الداخل ؟؟ وكأن مثقفي الداخل كلهم سواسية في نزاهة الموقف  والمسؤولية ما داموا على  مقربة من النيران ، وكأن لم يكن بينهم من اكتوى الشعب العراقي بنيران تقاريرهم ودسائسهم وردحهم وارتهانهم للديكتاتور ، وكأن بعضهم لم ينزع الزيتوني ليرتدي قميصا يلائم امكانية تسلقه تلة الاحداث والفوضى المعاشة  ليتنعم وينشط على مختلف الاصعدة ومنها الثقافية ؟

آن لنا كمثقفين أن نفهم جيدا وبوضوح ، ان المثقف المنفي ، خارج الوطن ،  له شرف الموقف والتصدي لنظام جائر،  وهو في مغادرته الوطن ، لم يكن في سياحة للترفيه عن نفسه، وايضا لهذا المثقف شرف المشاركة والمكابدة في العمل الجاد من اجل حياة عراقية افضل ، شأنه شأن زملائه المخلصين والجادين المتواجدين داخل الوطن ، بل ويمكن القول وارتباطا بواقع حياة ومعيشة المثقفين خارج الوطن ، التي لا تحتوي الكثير من المنغضات والمصاعب التي يكابدها يوميا المثقفين داخل الوطن ، فان مثقفي العراق خارج الوطن ، لديهم الامكانية الافضل التي تفرض عليهم مسؤولية العمل لانتاج وتقديم اعمال ونشاطات ثقافية نوعية تعني وترسم مستقبلا زاهرا للثقافة العراقية ، وتحفظ للعراق وجهه المشرق وهو يعيش فوضاه السياسية وخرابه الاجتماعي الخلاب ، فنار العراق واحدة وان تعددت اشكال المواقد !!

 

* نشرت في الصباح البغدادية 21 حزيران 2011

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.