اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• من أجل أن لا تموت الحياة!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

                   الكلام المباح

من أجل أن لا تموت الحياة!

 

خلال زيارتي الأخيرة، صيف هذا العام إلى إقليم كردستان، كان لي شرف زيارة مدينة عقرة (ناكري) التاريخية، شمال شرقي مدنية أربيل، عاصمة الإقليم، بدعوة من مثقفيها، الذين أغرقوني بكرمهم، وأخجلوني بحفاوة الاستقبال. بحضور أبرز شخصيات المدينة ومثقفيها، كان لي فرصة الحديث في ندوة عن (هموم ومستقبل الثقافة العراقية) ومثلما توقعت فإن العنوان قادنا إلى محاور سياسية عديدة، إنطلاقا من الارتباط الوثيق للثقافة العراقية، بمختلف روافدها الإثنية، بالواقع السياسي العراقي. باب النقاشات والمداخلات شهد العديد من المداخلات القيمة والأسئلة الذكية، التي فتحت محاور مهمة للنقاش بين جمهور الحاضرين، وأضافت حيوية للقاء، وقادت ضمن ما قدمت إلى الحديث عن الفكر الشمولي وماهيته ونتائجه. اتفقت الآراء على كون الفكر الشمولي فكر معاد للتنوع والتعددية في الأفكار، يعمل لإلغاء الآخر ولا يعترف بالاختلاف في الأفكار ويعمل جاهدا لإيجاد أدوات قسرية وقمعية لفرض وجهة نظره، وكانت تجربة النظام الدكتاتوري المقبور ماثلة أمام الحاضرين في العديد من الأمثلة التي واجهها وعاشها المتحدثون بأنفسهم.

قبل أيام، ونحن نتابع تطورات الثورة الليبية كان فرحنا على أشده ونحن نتابع دخول الثوار إلى معقل الطاغية في باب العزيزية في طرابلس العاصمة، إذ قامت الجماهير الغاضبة بحرق صور القذافي الهارب وتحطيم تماثيله ودوسها بالأقدام. هذا المشهد عرفناه وتابعناه في بغداد يوم سقوط تمثال المجرم صدام حسين الهارب ساعتها، يوم أطلق العراقي الشهم "أبو تحسين" بنعاله البيان الأول عن سقوط النظام الدكتاتوري الشمولي. كلنا نتذكر إن تمثال الدكتاتور صدام حسين حين سقط بقت أجزاء من قدميه على القاعدة الحجرية، وصارت مادة للتندر والتعليقات ورسوم الكاريكاتور، في باب العزيزية تكرر الأمر ذاته مع تمثال القذافي حين أسقطته الجماهير الغاضبة!.

أيعني هذا شيئا؟!

أجدني أعود إلى الندوة في مدينة عقرة، يومها ومن جانبي، وعند الحديث عن الفكر الشمولي، قلت وبصراحة، إن الفكر الشمولي إن كان ارتدى الزيتوني لفترة حالكة مرت في تاريخ العراق، فهو يمكنه الآن أن يلبس عمامة أو ربطة عنق أو شروال، ذلك إن لم تكن هناك مؤسسات مدنية لدولة ديمقراطية، دولة قانون فعلية تحمي العراق من نمو أقدام صدام حسين من جديد فيعلو تمثاله بنسخة أخرى أو زي آخر!.

اليوم، ونحن نتابع ما يجري في وطننا، مسكونين بالطموح لبناء عراق جديد، على أنقاض نظام شمولي خلف لنا تركة ثقيلة، فإن المطلوب من الأجيال الجديدة، والقوى الفاعلة والديمقراطية، هو عدم السماح لهذا الفكر الشمولي بأن يتسيد حياتنا من جديد، فهذا الفكر، بأي زي كان، سيدعو بالتالي ويؤسس لنظام يكون له في النهاية حزب وحيد، يديره زعيم واحد، لا يسمح بالمعارضة، يراقب جهاز الدولة التي تتحول إلى دولة بيروقراطية فاسدة، تخترق المجتمع المدني بأكمله ليكون امتدادا لها، فتكون كل النشاطات الاقتصادية والمهنية خاضعة للإيديولوجية الرسمية، هذا النظام سيحتكر وسائل الاتصال الجماهيرية ويحجم الحريات وتدعمه من أجل تنفيذ ذلك أجهزة أمنية بوليسية تبرر الإرهاب السياسي وتلغي الآخر، وتمتلئ السجون بمعتقلي الرأي وتموت الثقافة وبالتالي تموت الحياة!

 عن طريق الشعب العدد 26 الأحد 11 ايلول ‏2011

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.