اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الأسباب الخفية لتوريث الحكم !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

الأسباب الخفية لتوريث الحكم !

 

في سنين منفانا العراقي ، الذي يبدو أنه لن ينتهي والذي توزعت جغرافيته شرقا وغربا ،اضطررت شخصيا لزيارة العديد من البلدان العربية والاوربية بحثا عن سقف آمن ، فاستضافتني سجون بعض البلدان ، عربية واوربية ، تحت حجج واهية ، ليس لجريمه سوى اني عراقي مشكوكا في ولائهبالنسبة لسجاني ووثائقه . خلال وجودي في البلدان العربية ، كنت الاحظ هذا الالحاح والتنافس بين الحكام الطغاة على نشر صورهم وتماثيلهم ولافتات بأقوالهم ومقتطفات من خطبهم في كل زاوية ، ففي كل مكان تجد الحاكم ، عابسا او مكشرا عن اسنانه ، يحدق اليك بنظراته الباردة ليثبت لمواطنيه ولك أيضا يقظته ومتابعته ومراقبتهحتى وانت في سرير النوم !

الشوارع العربية وهي تلتهب يوما بعد اخر ، منذ ان اشعلها ، الشاب التونسي محمد بو العزيزي ، جعلتنا نشهد عروشا تتهاوى واحد بعد اخر ومنها من ينتظر ، ومثل غيري تابعت ما جرى في تونس ومصر وليبيا، وفرحت لسقوط حكام طغاة ، قامت شعوبها بإسقاطها وقدمت لأجل ذلك التضحيات الغالية من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة ، وننتظر سقوط اخرين !

وسائل الاتصال  الحديثة  وفرت لنا الفرصة لنتابع اولا بأول مجريات الثورات في بلدان المنطقةواشكال الاحتجاج التي ابتدعتها الجماهير مطالبة بحقوقها المشروعة ونرى الانظمة القمعية مكشوفة وهي ترتكب جرائمها بحق الشعوب التي كانت ومازالت تحكمها بالحديد والنار، ومن بين ما كنا نتابعه ،كنا نرصد مشاهد الغضب الشعبي الذي توجهه الجماهير الثائرة لصور وتماثيل الطغاة الذين ابتلوا بحكمهم وظلمهم عقودا طويلة . في تونس نقلت لنا وسائل الاعلام مشهد تمزيق صورة كبيرة للحاكم مما جعله يحمل بجدارة لقب  زين الهاربين بن علي ، ثم توالت المشاهد تباعا ومعها الالقاب المناسبة ، في كل مكان تلتهب فيه الشوارع بالغضب ضد الحكام الطغاة ، في مصر وليبيا واليمن وسوريا ، حيث احرقت الصور وحطمت التماثيل وضربت بالأحذية اذ صارت تعبيرا عن الغضب الشعبي الذي تجاوز حواجز الخوف من الحاكم الظالم ، مما دفع ببعض البدان العربية الى سحبعددمنالتماثيلوالصور للحاكم قبلأنيسارعالمتظاهرونالغاضبونإلىتحطيمها وحرقها .

وانا اتابع ذلك كله ، وارى كيف ديست بالأحذيةتماثيلالقذافي ، وكيف احرقت صور مبارك ومزقت صور علي صالح وبشار الأسد ، خطر لي بأني عرفت الى حد ما اسباب نزعة التوريث عند الحكام العرب الاحياء والاموات منهم !فالقضية عندهم تتعلق بأسباب غير معلنه ، غير الاسباب التي تتحدث عنها قوى المعارضة في كل بلد ، وخبراء السياسة في العالم والمنظمات والمعاهد الدراسية المختصة !  ان الامر لا يتعلق باحتكار السلطة من قبل عائلة الحاكم وحزبه الاوحد وبطانته ودوائر الحكم الامنية والعسكرية ومصالح الرأسماليين المرتبطين بهم ، فالحكام العرب اذ يبذلون جهودا جبارة في اعداد ابنائهم وتدريبهم وصرف الملايين من اجل استلام مقاعد الحكم بدلا منهم ، فأن الأمر يأتياساسا من منطلق الحرص على اموال الدولة وسمعة البلد !!

كيف يكون هذا ؟!

ان العديد من الحكام العرب ، كما هو معروف ، لم يكتفوا  بنشر صورهم لوحدهم ، بل ونشروا معها صور كذا نفر من افراد العائلة ، فهناك صور الابن الاكبر والاوسط الذين يتولون مهاما امنية وسياسية في اجهزة الدولة ، وايضا الزوجة وربما الابنة اللواتي يتولين مهاما اجتماعية وانسانية ، وحتى صور الاحفاد احيانا حين تكون هناك فرصةتستوجبها المصلحة الوطنية ! كل شخص من هؤلاء ، يكون عدد وحجم صوره ، ليس حسب مهامه ومكانته بل ايضا حسب عدد المتملقين من حوله الذي يبادرون لنشر صوره املا بحظوة اكبر . لو تحدثنا كمثال عن القذافي، الذي تقول احد النكات التي انتشرت مؤخرا بعد هروبه ، بأن منظمة اليونسكو تحذر من المساس به باعتباره مخلوق نادرمهدد بالانقراض وتدعو الى نقله الى محمية طبيعية هو وملابسه العجيبة والغريبة، القذافي الذي نافس كثيرا المجرم الديكتاتور المقبور صدام حسين ، بصوره الكبيرةوالجداريات العملاقة وهو في أزيائه المضحكة ، وتماثيله النصفية والكاملة ، وهي تنتشر في باحة كل المؤسسات والفنادق والمطاعم الفاخرة في ارض ليبيا الخضراء وسفاراته في كل مكان في العالم ، فلو أن حاكما جديدا جاء من بعد القذافي بطريقة ما ، فعلىالحاكم الجديد ، اذا اراد ان يتمتع بحقوقه القانونية ، ان يزيل كل هذه الصور والتماثيل والاقوال والخطبمن كل مكان ، اذ لا يعقل ان يحكم وصور القذافي وتماثيله واقواله من حوله ، عندها لكم ان تحسبوها ببساطه : كم سيتطلب من الدولة والحكومة الجديدة ان تنفق من الاموال والجهد لإزالة كل هذا ؟!

أن القذافي ومبارك وعلي صالح ، وغيرهم من الحكام العرب ، فكروا وحسبوها بشكل عملي جدا ومنطقي ومن باب الحرص والمسؤولية، ووجدوا انه لا يوجد حل افضل من توريث الحكم اذ لا يعقل ان الابن سيزيل صور والده او اخيه وامه وخالته و... ،ببساطة ستبقى كل الصور القديمة في مكانها ، من باب الامتنان والوفاء ، عندها سيمكن وبسهولة توفير ملايين الدولارات لإطعام المساكين والمحتاجين ، كما انه سيكون جميلا ان تظهر الصورة الجديدة للابن الحاكم الجديد الوريث الى جانب صورة الاب المتقاعد ومعهم بقية العائلة السعيدة من دون وجع رأس مؤسسات الدولة المثقلة بهموم الشعب !

نشرت في الصباح البغدادية 12/09/2011

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.