اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (317)- المقام العراقي في حقبة التحول/ جزء2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (317)

 

المقام العراقي في حقـبة التحـول/ جزء2

      على الاجمال فإن المقام العراقي الذي تمَّت تأديته في القرن العشرين يدين بالفضل الكبير لغناء واساليب القرن التاسع عشر..! واستطاعت حقبة التحول تتبع العديد من مظاهر القلق والحد منها، على انه من الواجب ان لا نغفل من ان معظم مغني المقام العراقي المعاصرين لهذه الحقبة كانوا قد ولدوا او نشأوا وتعلموا الشكل المقامي وامتلكوا مضامينه التعبيرية من القرن التاسع عشر..! وهذا يدلنا الى حقيقة هي ان الاصول المقامية ومضامينها التعبيرية عميقة في احاسيسهم ومشاعرهم، اضافة الى ذلك لم تتغير معظم المواضيع الرئيسة والاساســية في غناءوموسيقى العراق التراثية تغيُّرا جذريا، ولكن جرت محاولات لدراستها والاهتمام بها، مما يؤكدلنا وجود العادات الفكرية المتأصلة الخاصة بالشعب العراقي، ولا يمكننا تفهُّم هذا الغناء وهذه الموسيقى التراثية في القرن العشرين تفهُّما كاملاً بدون ان نلقي نظرة ولو سريعة على الفترة التي سبقته.

 

        واذا استمر بنا الحديث عن غناء القرن التاسع عشر، نلاحظ وجود نفس الهموم والمعاناة الثقافية الخاصة بهذا التراث وهويته وادائه المقامي، فإلى أين يجب ان يتأمل المستمع من اجل اكتشاف شخصيته الحقيقية..!!؟ ان الكثير من المغنين المقاميين في القرن التاسع عشر، لا يتخذون اجابات مباشرة لهذه الاستفهامات، تعبيرا عن رفضهم التلقائي المسبق للاقوام التي احتلت وحكمت العراق منذ اسقاط المغول التتر للدولة العباسية_ 656ه ـ1258م _ وتتابع الاقوام الغازية. فهذه الاقوام عدوٌّ رئيسي بالنسبة للعراقيين، كما انها شيء اسوأ، انها الاقوام المتعددة التي فرضت العصور المظلمة على العراق، منذ ذلك التاريخ حتى 14 تموز عام 1958م، وعليه فإن اول ملاحظة ينتبه إليها عند سماعنا للمقامات العراقية المغناة حتى يوم الناس هذا، خاصة في نواحيها التعبيرية اكثر منها كشكل مقامي تقليدي، هي ادانة عميقة للفترة المظلمة التي مرَّ بها العراق طيلة سبعة قرون ميلادية بالتمام والكمال. تلك الفترة التي فرضت الجهل والتخلف والفساد على كل البلاد.

 

ولكن حتى لو فرضنا سبعمائة عام من العزلة عن العالم، ولنفترض ذلك، فهل يمكن رفض هذا التراث الغناسيقي المتأثر بالاقوام التي كانت تحكم البلاد..!!؟ فما هو البديل اذن..؟ هل نقطع الحياة.؟ هل نقطع التاريخ..!!؟

 

      ان في ذلك حديث كثير، حديث طويل، تراكمات اخرى يتعذر الاسهاب فيها الآن. ان حياتنا الراهنة بُنيتْ على ذلك الماضي، مهما كان سيء او اكثر سوءا او اقل من ذلك نسبيا. فلابد من سير الحياة، فالمغنون يحاولون الاستنجاد بتعبيراتهم الحقيقية التي تزخر بالعتب والشكوى والاحتجاج والاستنكار والاسى من الحال الذى قدره التاريخ لبلدهم. فعند سماعنا لهذه المقامات العراقية يتملكنا الاحساس بهذه الافكار والمشاعر. ولكنها بالمقابل سرعان ما تتحول الى مشهد من العواطف الحقيقية والعمل البناء وتفاؤل نحو المستقبل وعدم اليأس من الحياة. فعلى الكـتَّاب والمؤلفين والمغنين والعازفين وكل المعنيين، ان يحاولوا تنقيح التاريخ في محاولة اخرى لتوكيد تراث البلاد الطبيعي، خاصة وقد برز تيار وطني جامح في هذا المنحى وبرعاية فنان عبقري فرد هو الموسيقار الملا عثمان الموصلي(1852هـ1923م) الذي دعى الى تنقية التراث وتنقيحه، فكان اول البادئين بذلك،فإذا كان لبلدنا شخصية وتراث، فإننا نجدها ليس في تعابيرنا الرافضة للفترة المظلمة ذات القرون الســـبعة فحسب، بل في اكتشاف واستنطاق ازمات ما قبل هولاكو والمغول.

 

      بصورة عامة استدعى النقاش لاكتشاف وتوكيد الشخصية، شخصية المجتمع ,شخصية الامة، الشخصية الوطنية. محاولات قام بها الكثير من الكتَّاب والمؤلفين المقاميين، اضافة الى المغنين والعازفين ومن يعنيهم غناء وموسيقى المقام العراقي بصورة مباشرة، فبالنسبة الى هؤلاء في القرن التاسع عشر وعلى الاخص في بغداد، تكون القضايا اكثر حدة، الى حد لا يوجد مجال للنظر في مدى تعقيدات الشكل المقاميform الكامن في كيان المقام العراقي، فمعظم المغنين المقاميين اناس بسطاء الثقافة، حد العفوية، كما ان غناءهم وسيلة نافعة لكشف وجهات نظر المجتمع اكثر من الكشف عن وجهات نظرهم الشخصية..! ان الهدف حفظ التراث وحمايته، مجال للنقاش، وبدون نقاش ايضا..!!

 

والى حلقة الجزء الثالث ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

عبد المجيد العاني مجموعة من المقامات

https://www.youtube.com/watch?v=gThefzRu-Js

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.