اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• جيل .. يفهم اللعبة !!

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

بشرى الهلالي

 ·        جيل .. يفهم اللعبة !!

 

كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة ليلا، هرعت نحو التلفاز وأنا ألوم نفسي لانشغالي بالعمل ونسياني موعد نشرة الاخبار التي تعودت انتظارها منذ سنوات في نفس الموعد. فماكان من ابني الصغير الذي لم يتجاوز الاثني عشر عاما من العمر الا ان يقول ساخرا: (وشكو ضايجة، قابل اكو شي جديد).. فاجأني جوابه، فأجبته بأن معرفة اخبار البلد شئ مهم جدا لنا في حياتنا العملية والثقافية وان عليه كعراقي بدوره ان يبدأ بالاهتمام بهذا الجانب، فقال وهو يسخر ثانية: اعلم ماهي الاخبار ولااحتاج لسماعها وأخذ يتلو علي مايعرفه بطريقة المذيعين: مقتل عشرات الاشخاص في انفجار سيارة مفخخة، انفجار عدد من العبوات اللاصقة في بعض الاحياء والطرق، عدم تشكيل حكومة حتى الان لعدم توصل الكتل الفائزة الى اختيار مرشح لرئاسة الوزراء، وانهى كلامه وهو يشعر بالفخر بنفسه كونه يعرف الكثير. في البداية أثار كلامه وطريقته الساخرة استغرابي، فأنى لطفل في هذه السن ان يفهم ماهي صراعات الكتل الفائزة؟ كما آلمتني مرارة الواقع الذي نعيشه والذي صار مكشوفا حتى لاطفالنا.. ومثارا لسخريتهم، فليس شرطا ان يفهم هذا الطفل معاني ماقاله من كلام، ولكن مجرد حفظه لهذه الكلمات وترديده لها يشير الى حجم المأزق الذي نعيشه والى عدم ثقته لا بوسائل الاعلام وأخبارها المكررة ولا بالقيادات السياسية التي جعلت من تشكيل الحكومة لعبة تتقاذفها أيدي أشخاصا- على حد قول أحد البرلمانيين- لا يتجاوز عددهم الخمسة عشر.

 

والمؤلم أكثر.. هو هذه الثقافة الجديدة التي اكتسبتها وتكتسبها اجيال من اولادنا منذ سنوات والتي بنيت على أساس عدم الثقة بالسياسة والسياسيين واعلامهم، فهل سيكون بامكان السياسيين في المستقبل اقناع هذه الاجيال عندما تصل السن القانونية بالذهاب الى صناديق الاقتراع وانتخاب ممثليهم، خصوصا وانهم لمسوا خيبة امل أهاليهم وشاهدوا ومازالو يشاهدون ماجرته عليهم هذه الانتخابات من ويلات. ولا يقتصر الامر على الاحباط وعدم الثقة، بل يتعداه الى تجاهل امور البلد واخباره السياسية عمدا ومحاولة تجنب الحديث بها من قبل الاجيال الحالية على مختلف اعمارها، فبعد ان كانت احاديث الثورات والتغيير والاحزاب الوليدة تغرينا ايام زمان وبعد ان كان مجرد ذكر اسم ارضنا السليبة يحرك الدمع في العيون والحماس في القلوب ويستثير الرغبة بالتضحية بالنفس والمشاركة في القتال او أي شي يدعم القضية التي لم تكن قضية شعبنا الصميمية، أصبح الحديث في قضية شعبنا وبلادنا يستفز أجيالنا ويدفعهم للابتعاد عنا والانشغال بسماع الاغاني واكتشاف احدث المواقع على الشبكة العنكبوتية، فهم ليسوا بحاجة الى (وجع الرأس) أو كما قالت احدى الفتيات الجامعيات قبل مدة: هم الكبار ميكدرون يحلوها، شيفيد حجينا؟ فهذه الفتاة شأنها شأن غالبية بنات وابناء جيلها تشعر بأن تشكيل الحكومة ليس من صميم مسؤوليتها او مسؤولية جيلها بل من مسؤولية اناس اكبر منها عمرا ووعيا سياسيا وان عليها (الصافي) كما يقولون؟ فهي تريد ان تجني ثمار الديمقراطية بعد ان قامت بانتخاب مرشحها، وبما ان مرشحها مازال حتى الان في طور التفاوض وبعد مرور ستة اشهر، فهي يائسة من جدوى كل شئ حتى الحديث في الموضوع. وبالعودة الى اجيالنا، لايبدو غريبا ان يعاني معظمهم من درس الانشاء في اللغة العربية عندما يتعلق الموضوع بالكتابة عن الوطن او أي موضوع له علاقة بالسياسة، فابنتي بدورها تلجأ الي لكتابة مادة الانشاء لتحفظها عن ظهر قلب وتعيد كتابتها في المدرسة، وكلما حاولت تشجيعها على متابعة الاخبار او قراءة الصحف لمعرفة اخبار البلد قالت: نفس الاخبار، حافظيها، وماتفيد حتى بالانشاء!!

 

http://www.kitabat.com/i75527.htm

 

جريدة الزمان 28-9

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.