كـتـاب ألموقع

• بشرى سارة .. افتتاح مفرزة

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: بشرى الهلالي

تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 10 تشرين1/أكتوير 2010 16:13

الزيارات: 2422

بشرى الهلالي

 ·        بشرى سارة .. افتتاح مفرزة

قبل أيام أعلنت احدى الدول العربية –والعهدة على القائل- بانها قامت بافتتاح خط مترو حديث يمر عبر العاصمة تزامنا مع بداية العام الدراسي الجديد وذلك لتخفيف الزخم المروري الحاصل في العاصمة وتسهيل وصول التلامذة والاساتذة الى المدارس والجامعات في المواعيد المحددة صباحا. ولا افهم سبب اعلان هذه الدولة عن مشروعها الضخم أو سبب اهتمام وسائل الاعلام به.. ربما لتعطي مجالا للتلامذة والكوادر العاملة في مجال التعليم لتحديد موعد نهوضهم صباحا وتحديد مساراتهم ايضا. لكنها تبدو مبالغة من قبل هذه الدولة حيث فقد المشروع عنصر المفاجأة.. كما ان شكاوى الطلبة في تلك الدولة فقدت مصداقيتها حيث ظهر احدهم على وسائل الاعلام مدعيا انه يضطر للنهوض في السادسة والنصف صباحا ليتمكن من الوصول الى الجامعة في الثامنة والنصف. وكان بالاجدر من تلك الدولة ان تستفيد من خبراتنا في مجال اسعاد المواطن وتوفير الظروف الحياتية الملائمة له.. فمنذ اسبوع فقط بدأ العام الدراسي الجديد.. ودون أي تغطية اعلامية مسبوقة تم افتتاح العديد من المفارز في العديد من الشوارع وعلى مناطق متفرقة من الطريق السريع وعند مداخل ومخارج الاحياء ليستقبل الطلبة والكوادر الوظيفية في مختلف المؤسسات الحكومية اليوم الدراسي الاول (مشيا) على الاقدام ومن نقاط مختلفة فتحول المنظر الى عرس جماهيري شاركت فيه جماهير غفيرة من طوابير السيارات الغافية على الجسور والمداخل (المحدودة جدا) اضافة الى اعداد كبيرة من النساء بملابسهن الزاهية وهن يتوجهن الى اماكن عملهن بعيون جاهدن على اخفاء نعاسها من خلال مساحيق التجميل ورجال اضطر بعضهم من كبار السن الى الجلوس على الرصيف بين فترة واخرى طلبا للراحة خوفا من تسارع نبضات القلب.. واطفال بملابس المدرسة وقد اثقلت الحقائب ظهورهم الغضة وطارت معظم المعلومات التي جاهدوا ليلتهم لمذاكرتها فصار كل منهم يحلم بالوصول الى مقعد الدراسة عله يسرق اغفاءة من خلف ظهر المدرس المتعب بدوره من رحلة الطريق الطويلة. وهكذا تحققت المساواة والديمقراطية، فلم يعد هنالك فرق بين الطالب الذي يقطع طريقه سيرا على الاقدام في قرية في اعماق الريف العراقي وصولا الى مدرسته وبين ابن العاصمة المدلل الذي صار يستيقظ مع طلوع الفجر لينتظر  سيارة (الخط) في السادسة والنصف ليصل الى مدرسته التي لاتبعد عن بيته اكثر من ربع ساعة (لو) كان الطريق اقل ازدحاما..

ومع ظاهرة زيادة نقاط التفتيش والمفارز التي انتشرت مع بداية العام الدراسي كثفت معظم دوائر الدولة نشاطاتها، فامانة العاصمة تغلق بعض التقاطعات المهمة منذ العام الماضي لاكمال المجسرات التي تحبو رويدا رويدا كما انها اضافت الى قائمة نشاطاتها اغلاقها لبعض الطرق ومداخل المناطق لغرض الاعمار والاكساء والرصف و و و.. ولا اعلم اين كان كل هذا النشاط خلال ايام العطلة الصيفية. وعلى مسافة ليست بعيدة من الحفريات، تموضعت سيارة حرس في منتصف السريع لتسد نصفه فلا يتبقى لطابور السيارات الذي يقتضي الوصول الى مقدمته ساعة ونصف الا فسحة لسيارة واحدة يعاني سائقها الامرين من مزاحمة السيارات المجاورة وسيل الشتائم الصباحي ليكتشف بعد ذلك ان سيارة الحرس تلك والتي لم تكن موجودة قبل فجر اليوم هي ليست اكثر من سيارة جلس على سطحها المكشوف شاب خاكي تلاعب ساقيه الريح.. راح ينفث دخان سيكارته وهو يتفرج على عذابات المارة. وعلى مسافة بضعة امتار من السيارة المذكورة.. كان لرجال المرور نشاطهم حيث سارعوا الى ايقاف عدد لا يستهان به من السيارات على يمين الطريق للتدقيق في اوراق ملكية السيارة وحزام الامان وغيرها.. فرحم الله مضيق جبل طارق الذي صار نسيا منسيا، فقد ضرب عدد المضايق في بلدنا رقما قياسيا وصار السائق يحلم بان يكون البحر من وراءه ليعبر الى دائرته سباحة حتى لو اضطر للتخلي عن سيارته الحديثة.. وكل هذا لم يمنع المواطن السعيد -وهو يعود الى بيته مساءا بعد يوم (حرب) شاق- من الفرح عندما وجد ان الفرع المؤدي الى بيته مغلق وانه يحتاج الى ان يثبت صحة سكنه في هذه المنطقة من خلال البطاقة التموينية وان عليه معرفة رقم محلته وزقاقه كاختبار يجب اجتيازه للوصول الى بيته، وبعد ان عصر ذاكرته وعرف الاجابة ابتسم الشاب الخاكي وهو يقول له.. نبشركم بافتتاح هذه المفرزة الجديدة في محلتكم.. فهي (لحمايتكم)!!!

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

             8- 10-2010

• < السابق
• التالي >