اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ما ( نحن) الا بشر مثلكم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بشرى الهلالي

 مقالات اخرى للكاتبة

        ما ( نحن) الا بشر مثلكم

 

لايوجد منفذ غيره.. الطريق الفرعي المختبئ تحت الجسر والذي كتب علينا ان يكون هو فقط مفتاح الدخول الى الخط السريع. ورغم طول المسافة المضروبه في 2 حيث يضطر اهالي هذه المنطقة الى الدوران حول منطقتهم وحول انفسهم صباحا لاكثر من ساعة على طريقة (الحية ودرج) ليتمكنوا فقط  من صعود الخط السريع واستقبال الحياة بكل ماتخبئه لهم في طرق العاصمة الاخرى.. رغم كل ذلك.. رضينا بالهم وقدمنا موعد نهوضنا الذي بات يتقدم باستمرار تزامنا مع غلق طريق ما او اضافة مفرزة في مكان ما.. لكننا لم نكن نحسب حساب المفاجآت التي قد تنزل على رؤوسنا في أية لحظة فتغلق في وجوهنا آخر ومضة أمل او –آخر منفذ- يوصلنا الى اماكن عملنا. وبالامس فقط.. اغدق علينا القدر احدى هذه المفاجآت.. فعلى مشارف المنفذ الصغير كانت تقف آلية عسكرية كطود شامخ تتراجع امامه هيبة سيارات المواطنين المتجمعة في طوابير مبعثرة. وعلى امتداد فم المنفذ الصغير التفت الاسلاك الشائكة تتلوى بكسل لتكمم اية محاولة للتسلل من قبل المواطنين الذين ترجل بعضهم من سيارته ليتوسل الى الرجال الخاكيون على امل السماح له بالمرور للحاق بموعد العمل. وفي خضم الاحداث، وصل الى اسماعنا صوت صفارات السيارات الذهبية والبيضاء ولاح في الافق خيالها وهي تقترب منا.. فاتضحت الصورة اخيرا. لم يكن غلق منفذنا العزيز اعتباطا ولا لاجل اعمال الحفر او جمع القمامة التي تراكمت على جنبيه طويلا ولا لغرض تفكيك عبوة ناسفة.. بل لتهيئة الجو الامني المناسب لمرور المسؤول. لسنا طبعا بحاجة الى التساؤل عن هوية هذا المسؤول، لاننا ندرك جيدا انه ليس وزيرا او نائبا في البرلمان ولا احد اعضاء الرئاسات الثلاث بالتاكيد.. وانما هو احد المدراء او الوكلاء في هذه الوزارة. و(بحسبة بسيطة) لعدد المدراء العامون والوكلاء والوزراء والنواب والرئاسات ونوابهم وحاشية كل هؤلاء.. يصبح نصف الشعب (vip) ويصبح التنقل في العاصمة اشبه برياضة السياقة في الطرق الوعرة التي يمارسها اخواننا الخليجيين (البطرانين) . فكي يصل كل هؤلاء (الرجال المهمون) الى عملهم يوميا ستظل الصفارات تعزف منذ الثامنة صباحا وحتى الرابعة مساءا.. وسيلد في كل لحظة قطع جديد لطرق جديد رئيس او فرعي.

 

سؤال بسيط  تراقص امامي لحظة مرور السيد المسؤول في عدد من السيارات التي لايمكن رؤية وجه سيادته من خلال زجاجها المعتم ولا نعرف بالتاكيد السيارة المحظوظة التي كان يستقلها. سؤال يقول.. هل كان السيد المسؤول يتوقع قبل زمن من الان ان مروره في احد طرق العاصمة سيتسبب في قطعه لفترة من الزمن؟ قفزت الاجابة الى ذهني متمثلة بحديث احد الزملاء حول احد رفاقه في الجيش الذي كان يجعل من نفسه (مسخرة) لاضحاك الضباط وخدمتهم حتى لو اضطره الامر لمسح احذيتهم.. بينما يتمتختر الان ببدلته الانيقة ويجري خلفه جيش من المرافقين في ممرات احد الوزارات لحمايته من عشرات المواطنين الذي يجرون بدورهم خلفه لنيل رضاه والحصول على اجوبة لاسئلتهم. وفي نفس الوقت.. تذكرت ايضا صورة وصلتني على بريدي الالكتروني يظهر فيها الرئيس الاميركي اوباما وهو يتناول الهمبركر مع ضيفه في احد مطاعم الوجبات السريعة وقد رافقه مرافق مدني واحد وقف على مبعدة منه. واوباما الذي اصر حينها على دفع ثمن الوجبة لقب ب(الفكري ويدور رخيص) حسب تعليق احد السادة ال(vip)، رغم انه ابن التجربة الديمقراطية التي استوردناها ولم نطبق منها الا مايتعلق بالحاجة للمواطن في الانتخابات. وعلل احدهم ان تصرف اوباما (عادي) في ظل استتباب الوضع الامني في بلده.. ومن المؤكد ان هذا التعليل هو المناسب  ل(vip) في بلدي، فالوضع الامني هو العذر الجاهز لاختراق كل القوانين المرورية والعسكرية والانسانية لحماية المسؤول واذلال المواطن.

 

احيانا.. عندما نلتقي بمواطن من بلد عربي او اجنبي.. نلاحظ لدى معظمهم ثقة عالية بالنفس واعتزازا بهويتهم وايمانا بان الحكومة وجدت لخدمتهم وحمايتهم.. وفي بلدي.. وزعت الالقاب وارتفعت الاسعار وتراجعت صفة (مواطن) في البورصة حتى صار صاحبها مجرد اداة لخدمة الحكومة والتضحية بكل مالديه لحماية ورعاية افرادها. فمنذ الصباح الباكر.. يوميا.. يضطر العراقي الى اراقة ماء وجهه في معظم مرافق الدولة العامة والخاصة حتى بات يشعر ان من يتحصنون زجاج السيارات المعتم وخلف شاشات التلفاز هم ليسوا بشرا مثله..

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.