مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1395)- المقام العراقي رواية العراقيين
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 19 أيلول/سبتمبر 2025 20:33
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 133
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1395)
المقام العراقي رواية العراقيين
من افرازات الحداثة المقامية
ان ايجابية آفاق التحديث والتطوير في الاداء المقامي خلال النصف الاول من القرن العشرين، وايجابية العلاقة والبناء المحكم بين الحداثة المقامية والعاطفة الادائية التي تعبِّر عن مشاعر الجماهير المستمعة. يتضح بأجلى صورة في بعض المقامات العراقية المسجلة بأصوات المغنين المقاميين خلال النصف الاول من القرن العشرين..! وعلى الاخص منها تسجيلات مطرب العصور المقامية محمد القبانجي. ومعظم التسجيلات الصوتية المسجلة بأصوات مغنين مبدعين آخرين عند انتصاف القرن العشرين، وعلى الاخص منها تسجيلات حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي.
ان طبيعة هذه العلاقة يجب ان تؤكد على نحو خاص، دون الاعتقاد حين نتحدث عن اي تغيُّر في مفهوم التاريخ بين أفكار وعواطف مغني المقامات العراقية. اننا نقصد ان تسجيلاتهم المقامية او نشاطهم المقامي بصورة عامة، كان بالضرورة متأثر بصورة مباشرة بالتغيرات الحاصلة في العلوم التاريخية او العلوم الاخرى. رغم اننا نستطيع ان نجد تفاعلات من هذا النوع..!
ان مغني المقامات العراقية يعرفون بعضهم، سواء من خلال اعمالهم الفنية او معرفة شخصية. فتفاعلات الطرق الغنائية المقامية معروفة جداً، واهمها في القرن العشرين الطريقتين القندرجية والقبانجية..! فتأثير رشيد القندرجي او محمد القبانجي في المغنين الآخرين، مؤكداً جداً، وربما يمتد الى حد أبعد وهكذا الامر..! الا ان هذه التفاعلات الاكيدة والمعروفة في الاوساط الفنية المقامية العراقية والممكن اثباتها والحديث عنها وعن تفصيلاتها، هو ما نتحدث عنه في هذه الحلقة من موسوعتنا في الحقيقة..! ليس هو المهم فقط، بل الرؤية المشتركة لردود الافعال تجاه الحياة الواقعية. الامر الذي ينتج عنه في التاريخ والادب مواضيع متشابهة وصوراً من الوعي التاريخي. ردود الافعال هذه تمتد جذورها في كامل الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية او الحياة برمتها..! فاذا كان النقاد الموسيقيون والمؤرخون والكتاب المهتمون بشؤون الغناسيقى، قد حققوا تأثيراً ملحوظاً في هذه القضايا، فليس هذا التأثير سبباً رئيساً. بل هو نفسه نتيجة للاتجاهات الفكرية والجمالية والذوقية الجديدة بين النقاد والكتاب والفنانون والقراء والمستمعين معا. التي جاءت نتيجة التطور الاجتماعي بصورة عامة.
يمكن لملاحظة اخرى ان ندلي بها في هذا الشان. ففي النصف الاول من القرن العشرين، او لنقل في فترة ما قبل سقوط النظام الملكي وقيام الحكم الجمهوري. كانت النخبة الاجتماعية هي القائد الفكري والجمالي للتطور الاجتماعي..! حيث ينضج المفهوم الاوسع عن التاريخ استنادا الى هذا الاساس. حتى تغير هذا الوضع تغيراً جذرياً كبيراً ضمن التغيرات التي جاءت بعد 14 تموز 1958.
اننا نعيش مشكلة مركزية، او بالاحرى ان الانسان اينما وجد، يعيش مشكلته المركزية التي تعتمد على التغيرات التاريخية. مشكلة(التطور نحو الامام) اي بصورة مختصرة(التقدم) وفي موضوعنا الفني. وجدنا ان ابرز نقاد وكتاب ومغني المقام العراقي في النصف الاول من القرن العشرين، كانوا قد حققوا انجازا كبيرا. حيث خطوا اهم خطوة لهم الى امام، باضفاء صورة تاريخية على افكار وجماليات التطور والتقدم في الاداء المقامي..!
اما درجة الاحكام الذي ترتبط به امور التطور الفني وتقدمه مع احتمالات المجتمع النخبوي المستقبلية. فيمكن ان تدرس بصورة جيدة، بإلقاء نظرة عجلى على المجتمع التقليدي وعلى البعض ممن عُرفوا بخصوم فكرة التطور الفني والتقدم في فترة النصف الاول من القرن العشرين او قبل 14/تموز 1958 تحديداً.
ما يزال البعض من هؤلاء التقليديين يطرحون افكارهم دون قيد نسبياً..! لأن مردودات افكارهم التي روّجوا لها، لم يزل لها وجود رغم كل التطورات الفنية والتغيرات الجمالية والفكرية التي حدثت في القرن العشرين برمته..! وهكذا يعلن الرجعيون الرومانتيكيون من الاصوليين التقليديين، خاصة من كتاب ومغني بدايات القرن العشرين حتى الاربعينيات تقريبا، عن هذه المسالة. على انهم يسخرون من جميع افكار التطور والتقدم ويصفونها بأنها ضحلة وحمقاء..!! وهم من ناحية اخرى يعالجون تغيراتهم وتطوراتهم الوهمية بتفاعلات ضيقة جداً داخل كيان المقام العراقي بصورة محلية صرفة. وهم يضيفون اعتماداً على افكارهم التطورية هذه. بأنه اذا كان التقدم والتطور الفني في الاداء المقامي العراقي ممكناً بحال من الاحوال، فلن يكون الا في هذه الطريقة..! وكل ما عداها زيف او سخرية مريرة وتهريج مقيت..!
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة / الطالب حسين الاعظمي يغني امام مطرب العصور المقامية محمد القبانجي وينصت الى نصائحه. في الزيارة التاريخية لاستاذنا القبانجي الى معهد الدراسات النغمية العراقي يوم 11/11 /1974 . ويظهر جلوساً يميناً الاستاذ القبانجي والاستاذ روحي الخماش والاستاذ شعوبي ابراهيم وحسين الاعظمي وخلفه الطالبان حمودي عزيز وجودت عبد الستار. الواقفون الطلبة باسل كامل الجراح وسعدي حميد السعدي ومختار ومحمد زكي ومانوئيل وحسين الوردي ومحمد صالح عمر.