ارشيف مقالات وآراء
• ثورة كولان التحررية ومنعطفها التاريخي
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 26 أيار 2010 17:09
عبد الرحمن آلوجي
ثورة كولان التحررية ومنعطفها التاريخي
في الذكرى الرابعة والثلاثين لثورة كولان التحررية لابد من وقفة جديدة على منعطفها ودلالتها التاريخية, ولا بد من قراءة حقيقية لدورها وتأثيرها , وامتداد هذا الدور , ليوصل حلقات الحياة , ويواكب تطور الوقائع والأحداث التالية , وتعقد حلقات السلسلة وترابطها , واندماج الأحداث بما يشكل ملامح المشهد العراقي والكردستاني وآفاق وتلاوين اللوحة .
إن القراءة الجديدة تستوجب مراجعة اللوحة العراقية والكردستانية النابضة بالحياة على الرغم مما يعتورها من تعقيدات وتناقضات , وحراك سياسي واجتماعي واقتصادي متعدد الأوجه والجوانب , وما يطرحه ذلك من تساؤلات حول المنتج السياسي خلال حقبة تاريخية هامة من تاريخ العراق بخاصة والمنطقة بشكل أعم , وبشكل يلفت الأنظار , ما نجده من حدث مثير ومتحرك , - وعلى المستوى الدولي – بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر , والتي هزت وحركت وأثارت كل ركود , وبعثت في الموات والهمود ما كان من رقدة وخمول , ليستيقظ العالم على أحداث في الشرق الوسط عامة وفي العراق بالأخص , كانت من المذهل
ومن المثير للجدل , ولمسالة تداخل القوى والمصالح , وضرورة إدراك وحدة المصير الإنساني , مهما حاولت الأنظمة والحكومة تجريب النزعة الفردية , والنأي بأنفسها عن المحيط المحرك للحدث من المحيط إلى المحيط , والتداخل الحتمي لمصالح الأمم والشعوب و ما تتطلبه بجدية بالغة القضايا الدولية والإقليمية الملحة والمشتركة , ووحدة الأمن والرفاه والازدهار العالمي , وكذلك وحدة شقوة البشرية ومعاناتها , مما يفترض نظرة دولية وإقليمية جديدة , وتحالفات وصيغا ومعاهدات لها ملامح خاصة و وأولويات مستجدة و ومؤثرة على مجمل الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي ,ليدخل العراق المعادلة بوضوح , بعد أن سقط نظام طالبان , وامتدت الذراع الدولية الضاربة لإسقاط النظام العراقي , وثورة كولان وتجربتها الإقليمية الفتية و تنعم بثمرات نضال الأبطال في ثورة أيلول , وآثارها وقواعدها ونهجها و وهي تختط لنهج كان البارزاني الخالد يضع قواعده وطنيا وقوميا ,من خلال رؤية إنسانية واضحة المعالم والصوى والشارات ,فقد كانت ثورة كولان امتدادا تاريخيا حقيقيا لثورة أيلول المجيدة , ومولودا بارا خرج من رحمها بقوة ومعافاة, لتترجم – وبشكل ميداني – قواعد عمل سياسي عراقي وطني , وقومي كردستاني فاعل , يرقى إلى رؤية جديدة تجلت في طرح الديمقراطية والمجتمع التعددي الفيدرالي , وتبني المصالحة العراقية نهجا وفكرا , والسعي بكل قوة لبناء عراق توافقي جديد , يحمل ملامح وأطياف المجتمع التعددي بكل وضوح وقوة , ويسعى لإشادة صرح جديد , تتناغم فيه العملية السياسية , بالاحتكام إلى لغة الحوار العقلاني الهادئ , واعتماد قواعد دستور جديد مستفتى عليه, وإعادة النظر في جملة التراكمات والأخطاء , لبناء تصور ينسجم مع التوجه إلى إشراك كل المكونات والنسج والأطراف والآراء والاتجاهات في العراق , لبناء عالم مستجد ومتكافل ومتعاضد متآخ , بعيد عن منطق القسر والعنف والاحتكام إلى القوة الغاشمة والتسلط المرعب .
لقد عبرت ثورة كولان عن نفسها من خلال تجربة ديمقراطية حديثة العهد في محيط اتسم بالقلاقل والحروب الداخلية والخارجية , وبنمط دكتاتوري فريد , وبسحق لكل التوجهات والقيم والمعايير , وقهر إرادة الإنسان , حتى إذا كان سقوط النظام , برز دور بنائي فاعل وجديد لقادة الثورة , فخاضوا العملية السياسية والتصالحية ومحاولة بناء عراق جديد , بجدية وجدارة واقتدار , مما عزز الرؤية إلى معايير الثورة وقيمها , وصحة نهجها , وعمق
علاقاتها الإنسانية و وسمو ارتقائها غلى مصلحة عليا للعراق بمختلف أنماطه ونماذجه وطيوفه , ليظهر عمق تلاحمه , وصواب تصوره , ودقة طرحه , قبل أن يجد سبيله إلى التطبيق بعقود , مما يؤكد براعة النهج وصواب القواعد والأسس والمنطلقات التي أرستها ثورة أيلول وقائدها العظيم بما أوتي من رؤية إنسانية و وجمال وروعة في الطرح و ودعوة عريضة إلى التعايش بعدل وتكافؤ ومساواة , واحترام بالغ لخصوصية الإنسان وتراثه وفكره الرسالي في الحياة , في رؤية حركية منقطعة النظير, تجلى في تواصل قادة ثورة كولان في عملية اقتدارية رائدة شهد لهم العراقيون والسياسيون المنصفون , وبخاصة
في النفس الهادئ والمديد في غدارة خلافات الإقليم والمركز , ولجم اي توجه تصعيدي , بامتلاك الصبر على المماطلة والمكاره , وتحدي مواد الدستور والتلكؤ في تنفيذ بنوده , ومواجهة كل ذلك بمنطق حواري تصالحي بناء , مما دفع أمين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى إلى اعتبار الكورد جزءا من الحل في العراق وليسوا جزءا من المشكلة .
إن القراءة المنصفة والحقيقية لثورة كولان وتراثها وتوجه قادتها , وبخاصة الرئيس المناضل " كاك مسعود البارزاني " بعد عقود من العمل السياسي والعسكري و تفرض جدارتها , وقدرتها على القيادة والبناء , والمحافظة على أمن وازدهار الإقليم , وقدرتها في دخول العملية السياسية في العراق بجدارة وقوة , رغم ما يشوب تاريخ الثورات والحركات التحررية من عثرات ونكبات وتحديات لابد منها لصقلها , وتهذيب معطياتها , لتبقى – وهي تستلهم من تجاربها – علما شامخا كردستانيا وعراقيا , متفاعلة مع كل حدث بإيجابية ورؤية
خيرة , وقدرة على إدراك المعضلات , وفهم مقومات التحدي السياسي , والبصر بالعواقب
, والاستعداد الدائم للانعطاف إلى كل ما هو ثابت ومستقر وملهم من القيم الوطنية والقومية والإنسانية والبذل لعراق جديد ومبدع ومتواصل مع معايير الحق والعدل .
المتواجون الان
445 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع