اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• القصيدة العراقية

ياسين طه حافظ

 القصيدة العراقية

 

صَنَعتْكَ النبوءات والصور الباهره

صَنَعتْكَ الشموسُ الجديده

صَنَعتْكَ الزوابعُ والانهرُ الغاضبه

صَنَعتْكَ الرياحُ محمّلةً بالاوامرْ

صَنَعتْكَ المجازرْ

صَنَعتْكَ"المناشير" لاصقةً بالبطونْ

صَنَعتْكَ الخلايا التي اكتُشفَتْ

والتي اخطأتها الظنونْ

صَنَعتْكَ "السرايا" التي لا تخونْ!

*

وجهُ فلاحك من خشب يابسٍ

نامَ والطين بين اصابع أقدامهِ

تصدم الصبحَ قامتُه يتقحّم في زرعِهِ

والضبابْ

وعلى وجهه مِزَقٌ من خرائط محروقةٍ

وخطوط ارتيابْ.

شاخَ كما نخلةٍ وانحنى للترابِ

يقول له: سنَغَيبُ

ولكن ستطلع من ملحك يوماً حياة !

 

والتي قدِمتْ من بطون المزارع

تطوي الزمانَ ازاراً على وسطٍ متْعَبٍ

بخطىً مثقلات

وعبوس مهيبْ

تدفع الطين حافيةً، مثلما البرق

تلتمع القدمان

متصابرةَ الخطوِ، تحمل في بطنها وجعاً

وعلى رأسها جبلٌ من حطبْ .

هذه القامة الغَضوبْ

حملت كل مأساتنا واحتجاجاتنا

وهي عائدةٌ في الغروبْ!

*

يا عراق الزمان

لتعاسة ابنائك  اقنعةٌ عَلِقَتْ كالثريّاتِ

بالسقف او انتصبت كالشواهدْ

ايّهذي البلاد التي ورثت في الترابِ

جرائمَ مدفونةً

وتعاليم للعيش قرب النبيين والالهه،

ذاك شعبي، انظري:

شمسُ آبٍ تحزّ الوجوهَ اليبيسةَ

شفراتُها القاطعه

وهمُ فوقُ، في الطابق العاشر او في

السراديب يستقبلون خراطيمَ هائجةً

من سمنتٍ وموتٍ وهم يقطرونْ

عرَقاً حامضاً وشقاءً عتيقاً

يلازم هذي السلالات عبر الدهورْ .

ليس ما نسمع منهم مزاحاً،

ليس ما نتوهمهُ قهقهاتْ

انها صرخات

تتطاير منهم قواقعَ سوداً

انها غضبٌ، لعنات

انها الامنيات التي احترقتْ فجأةً

والبيوت التي اخترقت سقفَها الطلقاتْ

انها الاحتجاج على الجوع

والموت وسْطَ حقول الحياةَ!

*

انتَ يا وطني، يا حياةً ترحِبُ بي في الحياة

سأعود لكهفي،

اشقُّ الطريق مع العائدين الى البيت من عمل

في المساء

والذين يعودون من ورشة تتأخرُ

او "خليةٍ" او "نزاعْ" .

نعود الجرائدُ معروفةٌ في الاكفِّ،

نعود الترابُ على الاحذيه

والوجوه الهزيلة مصفرّةٌ ..،

لنعلّقَ آمالَنا ثم نلقي باجسادنا

فوق تخت وفوق حصيرٍ وفوق همومٍ

مخّبأةٍ للصباحْ

ونحدّق ُ في السقف او في الثياب العتيقة

فوق الرؤوسْ

نفكّرُ فيما سيأتي

ونوزع قبل حلول الرواتب اقساطَها :

للطبيب وللكهرباء وايجار جحْرٍ نعيشُ،

نضاجع، نبكي، نموتُ وراء حجارتِهِ

وبه يتخاطف اطفالُنا تتلامع احداقُهم

وستدمع اعينُهم وسيأكلُ هذي

الوجوهَ الشحوبْ

وسيُمضونَ دورتَنا في التعاسةِ

والموتِ كاملةً

فهي تلك الزنازين واولئك السادة الغاضبونَ

وهي هذي الدروبْ...!

هكذا يبدأ الموتُ او تبدأ المعركه

ويدورُ شغيلةُ عصرِ القنانةِ،

عصرِ البنوك الكبيرةِ،

عصرِ الذين يموتون فوق المكائن والارصفه .

ونظل الرعاعَ المدانين نحاربُ دون سواترَ ،

نحن، الرعاعَ المدانين، لنا الله والشمسُ والملكوتُ

ونسقطُ جيلاً وجيلاً وجيلاً،

وافكارنا شرفٌ ساطعٌ لا يموتْ!

*

هو صوتٌ مضيءٌ تغلغل في الارض حتى استقرَّ

وفي كل بيتٍ أضاءْ

من يصدّقٌُ ان يحمل الثورةً الفقراءْ؟

من يصّدق ان الضلوعَ التي اهلك الجوعُ

هي اليومَ اعمدةٌ للسماءْ؟

من يصدّقُ أنّا المصابون

بفقر دمِ مزمنٍ:

نسفح هذي الدماء ؟

هكذا هكذا نحن نُبحرُ مثل زوارق هاربةٍ بحمولتهّا

قد تجيء من الماء عارضةٌ وتفرّق ألواحَها

نتلفَّتُ من خشية في الشوارع دون نداءٍ لنا

ليس من في الضجيج يخاطبنا

نتوهمُ أسماءنا ونهزُّ الرؤوسَ على وجعٍ :

قِطَعٌ من احاديثَ عابرةٍ تلك،

حوارُ "زبائنَ" لا يكشفون هويّاتِهم

وسماسرة غرباء يمرّونَ او قهقهاتُ

بغايا تشير لحفلة أمس،

ونحن جموع تريد من الكون خبزاً

تريد من الكون سقفاً

نترقّب في البرد شعلتَنا القادمه.

هي هذي الحياة نصارعها

من سنينْ ،

هي هذي الحياة التي نحن نصنع منها سماواتِنا

*

ها أنا بينكم اطلعتني الصرائفُ

يملؤني لهبُ الله من قدميَّ الى هامتي

اين منّا حياتهمُ الرخوةُ الباهته

اين منّا حياتهمُ الرخوةُ الباهته

ان كَفّي الراعشتينِ هما الان قد كانتا تمسكان

مثل كلاّبتين باللافته!

حسنا ايها السادة الحاكمونْ

ذاك شعبي المدَثَّرُ بالحزن يملأُ كلُ المسافةِ

بين السجون وبين المقابرْ.

عبرَ كل العصورْ

عبرَ كل العصورِ

تاريخُ عارٍ هو تاريخكم

متشابهةٌ في الحَقارِ سلالاتُكم

نعرف ما كان منها وما سيكونْ..

*

لم نكن سُذَّجاً، لم نكن غافلينْ

نحن نعرف كيف تُحاك الشِباكُ

وكيف يصيدوننا سمكاً

ويحيلوننا في الظلام صكوكاً

ويبيعوننا سِلَعاً وضمائرْ

نحن نعرف ان اسماءنا قبل اجسادنا

ذهبتْ للمخافر ..

حسناً ايها السادة الحاكمون

كل شيء يهونْ

فقد غسلَتنْا الحياةُ كثيراً بامطارها

انما،

انا أكرهكم أبدَ الارضِ ، كما انتم تكرهونَ !

انا بالثورة والنقمة اعلنُ أنيَ

من شلةٍ لا تروقُ لكم :

واحد يكنس الارض في شارعٍ

وابن عمي يبيع سجائرَ للعابرينْ

آخرٌ يصبغ احذيةً في الطريقْ

رابع حائرٌ ليس يكفيه راتبهُ ،

واولاء الذين اتوا ودخان معاملهم

ما يزال على الجبهاتْ،

همُ ابناء جيراننا

قبل ان يعرفوا الموز والبرتقالْ

عرفوا مهنةَ القتالْ .

وأنا واحد منهمُ ،

وسَطَ الموت أكتب شعراً

وشعراً كأزرارِ جاكيتةٍ

كشقوق جدارْ

وكالجوع والحنطةِ والطلقاتْ ،

مثلُ اقساط عيشتِنا الكلماتْ :

ان شعري وخبزي ووجهي

عليها ترابٌ شوارعِنا ومرارةُ هذي الحياة...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ألقاها الشاعر في الاحتفال الكبير الذي أقامه الحزب الشيوعي العراقي عصر الخميس 31/3/2011 في بغداد، على حدائق "أبو نؤاس"، بمناسبة العيد الـ 77 لتأسيسه.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.