اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

سارة السهيل تتحدث للعرب الآن عن حياتها وكتاباتها -//- حوار: داليا فاروق

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

سارة السهيل تتحدث للعرب الآن عن حياتها وكتاباتها

حوار: داليا فاروق

عراق، ارض الرافدين ولكن مثقفيها مهمشمون الثقافة والإبداع والعمل الاجتماعي والتطوعي جميعها اجتمعت في سطور السيرة الذاتية للأديبة والشاعرة العراقية سارة طالب السهيل بنت الشيخ طالب السهيل أحد شيوخ قبيلة بنى تميم بالعراق ، وحول رأيها بواقع العراق وثقافته وكذا ترشيحها للقب أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم كان للعرب الآن معها هذا اللقاء بالقاهرة

كيف تنظر سارة السهيل إلي الصخب الجماهيري الدائر حولها في المواقع الاجتماعية على الانترنت؟

أشعر بسعادة بالغة، فهؤلاء ليسوا جماهير بل هم أهلي و أصدقائي وأحبابي أكبر بهم و أستند عليهم. و منهم من أصبح صديق، وصديق مقرب، و منهم من أصبح بمثابة العم و الخال و الأم والأب، فأنا أتعامل بروحي معهم ولهذا أشعر بمحبة صادقه، وأبادلهم الشعور بمحبة أكبر، و تقدير واحترام بالغ.

صفي لنا شعورك عندما رشحت من ضمن الأسماء لنيل لقب الشخصية الأكثر تأثيراً بالعالم ضمن مئة شخصية أخرى؟

في البداية فكرت هل فعلا أستحق هذا الترشيح وهذا اللقب، وعندما لم أجد إجابة، تركتها للناس و للتصويت، و حكمهم بالنسبة لي عدل وإنصاف، ولا أخفي فرحت الكبيرة، فمن منا لا يفرح بتكريم واحتفاء يكون صادقاً،وقد جعلني هذا الأمر أشعر بمسؤولية كبيرة ، وأسعى دوما للتقدم، وأن أكون أفضل وأطور من نفسي ومن قدراتي وأدواتي لأكون عند حسن ظن الناس بي، واعتبرت الأمر ليس لي وحدي، بل لوطني و بلدي وأهلي وأصدقائي وكل من وقف بجانبي وشجعني، ووجدت العراقيين فخورين وفرحين ملتفين حولي للتصويت، كان الأردنيون أيضا متحمسين جدا، ووجدت رفاقي في كل مكان الى جانبي أنتهز الفرصة وأشكرهم جميعا من كل قلبي، فأنا جزء منهم وهم في قلبي.

أي الألقاب أقرب إلي قلبك الشاعرة سارة السهيل أم كاتبة قصص الأطفال سارة طالب السهيل أم كاتبة المقالات سارة السهيل التميمي؟

بكل صدق كل في لقب من هذه الألقاب في موضعه أقرب إلى قلبي، مع الأطفال أجدني أقرب لكاتبة الأطفال، وفي ندوة أو أمسية شعرية أجد الشاعرة انتفضت، وحين أكتب المقال أجد نفسي مهتمة لأمر الناس وقضاياهم أكثر من أي شيء. الخلاصة أنا مزيج من كل هذا ولكنني أفضل سارة الإنسانة بمشاعرها التلقائية البسيطة.

بين عوالم التشكيل والأدب والطفل والقصيدة والمسرح أيها الأقرب إلى عالم سارة السهيل الجواني والأكثر ملامسة له؟

لاحظت كثيرا مدي سعادة الأطفال وأنا أقص عليهم "سلمى والفئران الأربعة"، كما لاحظت مدي سعادتهم وأنا أجسد تلك القصة في شكل عمل مسرحي عن طريق استخدام لعب الأطفال، ومن هنا قررت أن اٌكرس حياتي للكتابة للأطفال لإدخال السعادة عليهم، وخاصة وأن الطفل العربي، وبالأخص في بلدي العراق بأمس الحاجة للسعادة، كونه يفتقدها بسبب الأهوال والكوارث التي مرت على بلدي، وعلى المنطقة العربية والشرق أوسطية بشكل عام، وقد أصبح هاجسي أن أحدث تغيراً بحياة هؤلاء الأطفال، جيل المستقبل والغد الواعد، سواء كان بفيلم كرتون أو قصة مكتوبة أو محكية أو مسرحيه أو حتى من خلال لقاءاتي معهم بالمدارس والمكتبات من خلال النشاطات التي أقوم بها، كانت البداية عندما كتبت "سلمي والفئران الأربعة"، وقررت نشرها وقد أشاد بها العديد من الفنانين والنقاد و الكتاب، وعلي رأسهم عبدالمنعم مدبولي ويعقوب الشاروني والشاعر الراحل أحمد زرزور ورائد كتابة الأطفال عبدالتواب يوسف وغيرهم، قالوا حينها إنني طفلة أكتب للأطفال، وإنني أمتلك أدوات الكتابة من حيث البساطة والعمق وأدوات القصة الناجحة، وهو ما شجعني علي الاستمرار فأصدرت "قمة الجبل"، و"ليلة الميلاد" و "نعمان والأرض الطيبة"، و"أميرة البحيرة"، إلى جانب الرواية والمقال والشعر، في هذا المقام أريد أن أقول إن كتابتي للأطفال تتجاور مع الكتابة للكبار.

أعتقد أن الأقرب لنفسي دائما هو العمل الذي يكون بين يدي حتى أنهيه تماما كمن يؤدي واجبه لأخر الطريق، فأنا أهوى التنوع والترحال بين الفنون والآداب وعوالم الإبداع وعواصم الجنون

هل لملامحك البريئة أثر على القراء ؟

الإنسان لا ينفصل ولا يتجزأ، وجهي ماهو إلا انعكاس لما في داخلي، (سيماهم في وجوههم)، وإن لم يكن قلبي يشبه وجهي لما صدقني الناس، ولهذا أنا أحتفظ بالمصداقية، كوني لا يمكن أن أقول ما لا أشعر، ولا أن أفعل ما لا أقول، فالتناغم بين مشاعري وأقوالي وأفعالي سر سعادتي ورضائي عن نفسي.

ما سر شغفك بأدب الطفل ومسرحه هل أن الطفلة الصغيرة داخلك تلقي بظلالها على قلمك وإبداعك ؟

أنا طفلة بداخلي وبالطبع أشعر بنفسي منتمية إلي هذا العالم، ما دفعنى أن أقول بأن الطفولة العربية حرمت من كثير من الأمور التي ينعم فيها الآخرون، منها الأمن والسلام والاستقرار والوضع الاقتصادي الغير مناسب، حيث أن معظم الأطفال لا يتأتى لهم أى اهتمام تعليمى عال، طبقة واحدة فقط هي التي تنعم بالتعليم راقي المستوي هم أبناء الأثرياء، وأدى ذلك إلى أن الأغلبية من الأطفال لا تأخذ قسطا كافياً من العلم، وخاصة العلوم الحديثة التي أصبحت من الأولويات في ظل العولمة وما أفرزت من علوم حديثة، العلوم الحديثة من كمبيوتر و تكنولوجيا الإضافة إلي اللغات. هناك كثير من الأطفال اضطروا إلي  ترك الدراسة للعمل في سن صغيرة، تبعا لأوضاع اقتصادية سيئة أو ظروف الحرب، وهناك أطفال لا تعرف معني اللعب بل فقدت الطفولة، و هرمت قبل الآوان، وهذا الموضوع في الدول العربية يعتبرونه شيئا ثانويا، أما في الغرب فهو شيء أساسي، وفى رأيي أعتقد أن الطفولة لا تكتمل إلا بوجود اللعب والترفيه أيضا، فنحن في عالمنا العربى لم نحصل علي الأساسيات حتى نطالب بالكماليات، وهذه النقطة خطيرة جدا ولهذا كثيرا ما أتعاطف مع الطفل العربي، ومن هنا جاء اهتمامي بهم إلي جانب أنني طفلة بداخلي فعلا كما قلت من قبل، أحب الأطفال وأشعر أنني مسئولة عن أي طفل وأتمنى لو أملك الحلول لكنت جعلت كل طفلة أميرة وكل طفل ملك.

حتي الآن طبعت الكثير من الروايات في مجال أدب الطفل وهي "سلمي والفئران الأربعة" و"قمة الجبل" و"نعمان والأرض الطيبة" و"اللؤلؤ والأرض" شغفي بالكتابة للطفل واهتمامي به جعلني أرفق شريط كاسيت بقصة سلمي، كي يعلم الطفل القراءة ويمكن الأم التي لا تجيد القراءة والكتابة أن تتابع أطفالها، وكنت أول كاتبة عربية تعمل كتب للأطفال بطريقة برايل، حتى أعطى الفرصة لكل طفل أن يجد الكتاب قريباً منه، أما بالنسبة لقمة الجبل، فهي لمرحلة عمرية أكبر، وهي بداية المراهقة، وقليل من الأدباء من يركز علي تلك المرحلة، و قصة صينية بعنوان السور الحزين، وهي تتلاءم مع الأطفال فوق السنة السادسة عشرة، حيث تجمع ما بين الرومانسية والوطنية، أما بالنسبة لسمات أدب الطفل، فليس هناك مفردات تميزه، ولكن لابد أن يمتلك خصائص معينة للاختيار، فليست المواضيع التي يحبها الطفل مثل السحر والخيال والعالم الغامض، وفي نفس الوقت لابد أن يتوافر في أديب الطفل الضمير، لأن الطفل مثل العجينة يمكن تشكيله وفق المبادئ التي نريد غرسها فيه.

ماهي عيوبك؟

رغم أن النفس البشريه السوية تحاول إخفاء عيوبها قدر المستطاع، إلا إنه لا بد من ظهور بعضها، أما عن عيوبي، فيجب أن تسألي عنها أصدقائي وأهلي، لكن ما أعرفه عن عيوبي، أنني سريعة الغضب، سريعة الرضا، حساسة، مما يجعل للكلمات تأثيرا عليّ، فأنتقي كلماتي مع الناس، وأنتظر أن ينتقوا كلماتهم معي، وقد تجدينني أحيانا عجولة، وغير قادرة علي تنظيم ساعات نومي ومواعيده.

كيف ترين الحركة الثقافية والفنية في العراق؟

ليس هناك بلد كالعراق، بتاريخه السياسي و الديني و التراثي، وكم شهدت أرض العراق رموزاً للأدب والعلم وأعلاما في الفقه والشرع وأساتذة في النحت والموسيقى، فضلا عن الشعراء وعلماء النحو واللغة.

مر على العراق من صنع المجد والحضارة وأورثنا إياها، فمنها من صان وزاد وعمر ومنا من عاث فسادا.

رحماك ربي!! هذه البلد أرضع أبناءه  العلم، الذين اخذوا الثقافة موروثا رغما عنهم، وولدوا بثقل تاريخي أرغمهم على المواجهة والمواصلة والتحدي.

هذه هي أرض الرافدين يولد بها كل يوم عالم وشاعر وفنان وستبقى منارة للعلم والأدب.

أشعر بأن الساحة الثقافية في العراق حاليا في ازدهار، وأنها أفضل بكثير من الأعوام السابقة، أتابع النشاطات والمؤتمرات، وأخبار المهرجانات والاحتفالات، وأرى أن الناس سئمت القتل والحرب والدمار وتوجهت للثقافة والفن.

رغم أني لا أنكر أنه في السنوات السابقة القريبة عانت الثقافة في العراق من قصور في النشاطات، والشكوى من الإهمال، رغم المؤسسات التي تعنى بهذا الجانب، لكن ليس على قدر الطموح والمرجو، وأيضا عانت الثقافة العراقية، ومثقفي العراق من الإهمال الإعلامي، فكم مؤتمر ثقافي وأدبي عقد في العراق ولم يسلط الضوء عليه، فالشعوب العربية بأسرها تكن كل الاحترام والتقدير للثقافة العراقية، ويجب ترجمة هذا الأمر لفعل حقيقي.

أريد أن أقول أيضا إن على وزارة الثقافة، والتي هي أكثر الجهات اعتناء بشريحة المثقفين الاستفادة من الخبرة المتراكمة لدى مثقفي العراق التي هي وليدة التجارب، والمشاركات المحلية والعربية لتنشيط الحركة الثقافية وإثرائها بالتنافس بين أدباء المهجر وخبراتهم ورحلاتهم وطعمها في كتاباتهم وبين الأدباء المحليين ونكهة الأصالة والأرض.

مثالا على ذلك كتبت ديوانى ( دمعة على أعتاب بغداد)  محاولة من أن ينفع الدمع حين يحزن أهل العراق.

وحين تكون القصيدة ملاذاً لنفثات الشاعر، فحاولت عن طريق الأبيات الشعرية والكلمات الملونة أن تنقلنا لنحضن بغداد والشمس والشهيد والتوجس الذي يغمر روحاً قلقاً على وطن أسمه العراق.

فحاولت بذلك أن أمسح دموعي على أعتاب بغداد.

وتحدثتُ عن الشهيد طالب علي السهيل من نخيل العراق وبنو تميم وكلمة الحق التي لابد أن تنتصر، بقربتى من المدينة التي دائمة أرددها في أبيات قصائدى، والتي جعلتها رمزاً للوطن الحبيب.

وفي قصيدة دمعة على أعتاب بغداد التي أخذ الديوان عنوانه من اسمها، ناديتُ بشهامة أهل العراق لإنقاذ مواطن عربي بريء ، وناشدتُ المروءة والضمير، وعبرتُ عن إرهاب القتلة للأبرياء في أرض الرافدين .

ورغم حرمانى أثناء النظام السياسي البائد في العراق الحبيب إلا أنني تمكنت أن أبقيه حاضراً في ساحتى الشعرية ، قلباً طهوراً وفراتاً يفيض بالمحبة وليل يتموج كشعر وسحر ووشم وعشق .

إذن ماهي مواصفات فارس الأحلام؟

لا أحب الخوض بهذه الأسئلة بوسائل الإعلام، فهذه الأمور ليست للدعاية والنشر، وما يعني القراء مني ككاتبة، و حياتي الشخصية ليست من اهتماماتهم.

لكن أستاذة سارة هذه الأسئلة من مفاتيح الشخصية، ومن حق القراء التعرف على شخصية الكاتب، فهل لنا أن نعرف ما الذي يهم سارة السهيل بالرجل بشكل عام، ولندع جانبا فارس الأحلام؟

بشكل عام الرجل الذي أحترمه، هو الرجل التقي الذي يخاف الله بنفسه وبأهله وبوطنه الذي ملبسه ومأكله ومشربه حلال، والذي لم يؤذ إنساناً بحياته، وبالطبع صاحب العلم والمعرفة والأصل الشريف.

ما رأيك بالزواج الغير متكافئ؟

يقوم الزواج بناء على القلب والعقل معا دون تراجع أحد منهم، كما أن التكافؤ شرط أساسي لنجاح مؤسسة الزواج التي ينشأ عنها أطفال يحتاجون لجو صحي يترعرعون به، فالتكافؤ الاجتماعي والعائلي والمادي والعلمي شرط أساسي لنجاح الزواج، وإن كان لابد من اختلاف المستوى فيجب إن يكون الرجل هو الأعلى أو الأكثر خاصة في بلادنا الشرقية التي يعاني بها الرجل من حب السيطرة، فإن لم يكن الأفضل من المرأة سيذيقها درجات متفاوتة من التعاسة والعذاب تبعا لعقد النقص والشعور بالدونية

هل أنت امرأة قوية؟

ههههه عند اللزوم (ضاحكة) أنا قوية من الخارج، لأحمي نفسي، وأصونها، ورقيقة من الداخل مثل الصخر الذي يتفجر منه ينابيع المياه والشلالات الدافئة.

ما سر نجاحك؟

الصدق والطموح والسعي للأفضل والعلم والمثابرة والفضل لله سبحانه وتعالى.

لو طلبنا منك رسم لوحة بريشتك تلخص رؤيتك للعراق كيف سيكون شكل وموضوع هذه اللوحة؟

ستكون اللوحة جزءاً منها ملون، والجزء الأخر أبيض وأسود، ذلك الذي يعبر عن الماضي الذي سنحاول أن ننساه، ونعالج كل أخطائه ومشكلاته، أما جزؤها الأول الملون فهو المستقبل الذي يدل علي فرحة أمهات الشهداء العراقيات والأطفال الأيتام وكل فرد عاني من الفقر والحرب والجوع والحصار ومن الطائفية ومن الاحتلال ومن كل أنواع العذاب، الذي عاني منه الشعب العراقي، وفي هذا الجزء الملون نريد أن نبدل كل الأحزان إلي أفراح، ونريد أن نرسم فى هذه اللوحة ورداً، بدلا من السلاح، وعلماً عراقياً في كل بيت، بدلا من أعلام الأحزاب الطائفية والسياسية .

وفي هذه اللوحة، أيضا، أريد أن أرسم جزءاً ثالثاً خاصاً بالعمل البناء، وفيه العامل الذي يبني، والجندي الذي يدافع، والأم التي تربي، والحكومة التي هى مسئولة عن هذه الأطفال، وقائمة بواجبها على أتم وجه. هذه اللوحة هي التي أتمناها وأتمنى أن أرسم لوحة أخرى تعبر عن كل الدموع التي نزلت علي بغداد من أجل الحرية والعودة إلي الحضارة والتاريخ حتى تزول كل هذه الدموع .

ما سر تعلقك بمدرستك راهبات الوردية؟

أحبها جدا من كل قلبي، فهناك كبرت وتربيت أحسن تربية، على يد الراهبات الأخوات الفاضلات، وما أخترن من معلمات طيبات زرعن قيماً وأخلاقيات انقرضت بهذا الزمن، وأنا أحمل الجميل حتى الممات ولا أنسى الفضل أبدا.

بماذا أفادك كثرة الترحال؟

مابين بلدان الشرق والغرب والتنقل بين عمان ولندن والقاهرة، حاولت أن أعيش علي أمل لقاء بالعراق الحبيب، أعيش في عمان كوطن والقاهرة التي لها أثر كبير جدا وانعكاس واضح في تكوين شخصيتي الأدبية، وعلي ثقتي في قدراتي الثقافية، وأيضا لندن حيث العلم والنور، هناك تعلمت المسؤولية والالتزام والاعتماد على النفس وتعلمت قيمة الأشياء، وتعرفت على الدنيا مبكرا، قمت بجولات حول العالم في أوربا وأمريكا والصين والهند وبلاد شرق آسيا (تايلاند وماليزيا ) وبلاد آخري كثيرة، ومن كل بلد أخذت خبرة وتجربة ومعرفة، وكل ذلك انعكس عليّ، وعلي كتاباتي وشخصيتي وعلي تجربتي ومعرفتي، وأعطتني مواد للكتابة استفدت منها من حيث الرؤيا وأعطتني قبول الأخر واستيعابه، وكثيرا من المعطيات التي استفدت منها بسبب تعدد سفري وإقامتي في البلدان المختلفة، وذلك جعلني أقبل الأخر، وهذا يعطي نوعاً من الديمقراطية الفكرية والسياسية والأدبية بحيث أني أقبل الأخر، وأقبل المشاركة معه، ولو كان مختلفاً عني في لغته وبلده وفكره، فأنا أحب الإنسان الطيب في كونه أنساناً ولا يكون لدى أي فروق في المسميات، سواء إنسان مسلم أو مسيحي أو أي ديانة أخرى أو قومية أخرى، وهذا واضح من خلال تعاملاتي، ومسيرتي، وذلك فعلا وليس قولا. وتعلمت معنى الانتماء للوطن الأكبر، كما تعلمت الإنسانية ورقة الإحساس والشعور مع الأشياء من حولي، وتعلمت أن التجارب والخبرات تنعكس على الفكر، وتصب في صالح القلم وأيضا على الصعيد الشخصي كيف أواجه المشكلات وأواصل المشوار، رغم الصعوبات والتحديات، وتعلمت أن أتغير للأفضل، وأن من لا يتعلم لا يتغير، وبالتالي لا يتقدم، بل يبقى في مكانه، وتعلمت أن التغير يجب أن لا يشمل القيم والمبادئ مهما كلف الأمر.

سمعنا أنك من رواد دور المسنين ما سر تعلقك بهم وبالأيتام؟

أحزن كثيرا لو رأيت شيخاً مسناً في حالة حزن أو ذل أو عوز، وأتعجب كيف لأولادهم وأقاربهم قلب ليتركونهم يعانون الوحدة والحزن والأرق والخوف، فكيف ينام وأحد أقاربه ربما جائعاً أو يشعر بالبرد أو المرض لا يكون إلي جواره. من يرعاه!!!،  هل لهذه الدرجة قست قلوبنا وعمت المادة أعيننا وأصبحنا وحوشاً، وربما الوحش أرأف، فكرامة هذا المسن من كرامتي وعزة نفسه لا تهون عليّ، ن هنا أحاول قدر المستطاع أن أفعل واجبي، ولكن أنا لا يمكنني فعل المستحيل، فالأعداد كبيرة والمآسي كثيرة.

هل اهتمامك بالأيتام نابع من كونك يتيمة و تشعرين بمعاناتهم؟

فقد الأب أو الأم، كفقد الروح وانتزاعها من الجسد، وسيبقى الألم يرافقني إلى اللحد، أشعر بالأيتام كونهم أطفال، وكونهم لا يملكون من يرعاهم ويساعدهم، وكونهم يستحقون العيش كغيرهم من الأطفال، وليس أقل، أما عن كوني يتمت صغيرة، ربما هذا أحد الأسباب في عقلي الباطن، وإن لم أنتبه له.

ما هو شعورك كونك ابنة الشيخ طالب السهيل ومتى تعتقدين أن ثقافة الفن والحياة ستنتصر على ثقافة القتل والموت في بلاد الرافدين؟

والدي مات شهيدا من أجل بلده الحبيب العراق، وإذا كانت شهادته على أيدي الغدر والإرهاب والظلم، فأنا على قناعة أن الله لا يضيع حقه، وهو ساكن في قلبي وفي وجداني وأستعين به فى يقظتى وفى منامي وأستعين به في كل أمر من أمور حياتي الشخصية والعامة، وستجدينه بين كل سطر من كتاباتي، والشهيد لم يمت ليس فقط عند الله " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، وأيضا لم يمت في قلب محبيه وأهله وأولاده . كفاني فخرا أن أكون ابنة رجل وصف بالطيبة والكرم والشجاعة والفروسية والزهد وإنصاف المظلوم ونصرة الضعيف، وزاد صفاته الطيبة بالإيمان والتقوى والحلم والصبر، وختمها بالشهادة ولم يكن فقط سخي اليد بل سخي الروح، وقد قدمها في سبيل أهله وشعبه ووطنه، هو ورفاقه الطيبون الذين مارسوا السياسة النظيفة، وقدموا كل شيء للوطن، وتركوا ما يملكون زهداً بالملك وحباً بالوطن، فالوطنية عطاء في منهاجهم، وقد أقسموا قسماً، وأوفره للممات بأن يكونوا فقط عراقيون حبا و انتماء و فداء.

فماذا تريدين أن يكون شعوري بعد هذا، فإنه بالطبع شعور بالفخر، ثم المسؤولية والالتزام بهذه التعاليم السامية، ومحاولة السير على هذا النهج الطاهر.

ثمة تصاعدا لموجات تشدد ديني في العراق تتمظهر في تحريم الفن والموسيقى وغيرها من أشكال الإبداع الثقافي من قبل جهات متزمتة إلى أي حد يقلقك ذلك كمبدعة وكإنسانة تتذوق الفن والأدب والموسيقى؟

نحن عرب شرقيون و شرق أوسطيون، وهذا ما نجده بالعراق، سواء من المسلمين والمسيحيين أو ديانات أخري، جميعها موجودة علي أرض بلادنا وجغرافيتنا جميعنا عرب، سواء من الأكراد أو من الديانات الأخرى سواء من المسيحية أو الإسلامية، وأيضا يوجد من الآشوريين والكلدان والتركمان واليزيدين والشبك والصابئة المندائيون، كلهم يجتمعون علي خط أحمر أخلاقي وديني واحد، فلا يوجد أحدً منا يقبل الخروج عنه أو عن الدين أو الأخلاق أو الأصل أو الاحترام، فطالما كل الشعوب لديها أخلاق ودين وقيم مثلها مثل بعضها، ولا يوجد اختلاف أو فروقات بين الجار المسيحي والجار الأجنبي والجار الكردي والجار المسلم، جميعنا نجتمع علي هذا الخط الأحمر الديني والأخلاقي الذي نقف عنده .

بالتالي لا يوجد فقط في الإسلام ذلك الخط المتشدد الذي يرفض الأمور الغير محترمة، فكلنا لا نقبل الأمور الغير محترمة، سواء من الديانة المسيحية أو من الطوائف الكردية و الاشورية أوغيرها، وجميعنا لا نقبل الفن المسيء للأخلاقيات والديانات، فالمقاييس ليست دينية، وإنما بشروط اجتماعية فرضها المجتمع، بميزان المعقول والمقبول، فالفن المسف يسيء للفن بمعناه الراقي ورسالته السامية النبيلة، كل الفنون رائعة، كل الفنون جميلة كل الفنون مقبولة، إلا الفن الهابط الذي يخاطب جيب الجمهور في مصيدة المنتج بعيدا عن فن الفكر و الذوق و الجمال الغير مبتذل والأناقة الراقية، هناك من لا يفرق بين الجمال والابتذال والانفتاح والانحطاط والثقافة والفجور، الفرق شاسع جدا وواضح.

برزت في عدة مهرجانات مسرحية وغنائية كعضو لجان تحكيم ماذا أضافت لك هذه التجربة؟

الوصول إلى التميز، إلى مبدأ تحقيق أهداف النجاح، والسعى إلى تكريم الجهد المميز والفكر المبدع في جميع المجالات الفكرية والعلمية، وذلك بإذكاء روح المنافسة للتميز والارتقاء بمستوى الأداء والجودة للمضي نحو الأفضل، حيث تعمل المهرجانات باتجاه العمل على تشجيع العمل المميز والجهد البارز ذي الصفة الفردية والجماعية، وتأصيل المبادئ الأخلاقية في آداب المهن وإتقان العمل، وإظهار الإبداع الحضاري لعملية الفرز والنقد .

وشخصيا تعرفت علي الكثير من الأدباء والكتاب والمخرجين حيث ناقشنا المحتوي الأدبي والفني في لجان التحكيم في الغرف الداخلية لنتعرف على أوجه نظرهم، حيث استفدت أيضا من خبراتهم، ودائما بعض الفنانين المصريين كانوا يقولون لى أن خبرتي أكبر من سني، وعقلي أكبر من عمري، وكوني في معظم المهرجانات أصغر عضوة في لجنة التحكيم من ناحية العمر، بينما ما كان معى كانوا الأكبر مني عمرا وخبرةً، وقد أثنوا عليّ، وهذا ما أعطاني ثقة بالنفس . وهي تجارب أحببتها جدا و لا مانع من تكرارها.

ماذا تعني لك الأردن ؟

ولدت بالأردن منفية عن وطني الأم العراق، للأسباب السياسية المتعلقة بوالدي، والتي تعرفينها، ووجدت بهذا الوطن الاردني أماً بديلة اماً حنوناً، احتضنتني وكبرت بين أحضانها بجو مليء بالحب وبطفولة بريئة، جعلتني أكبر بلا عقد، بنقاء ثلوج جبال عمان السبعة في ليالي شتائها البارد وكزهرة الدحنون في مراعيها الخضر، كبرت بين زميلات دراسة وصديقات عرفنني حق المعرفة، و تابعن خطواتي، فوجدت التقدير والاعتزاز المتبادل، ولهذا أكن لهذا الوطن الأردني قيادة و حكومة و شعبا كل الحب و العرفان.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.