اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ثورة 14 تموز أسبابها ونتائجها

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف بولا

مقالات اخرى للكاتب

ثورة 14 تموز أسبابها ونتائجها

الثورة في ،الحقيقة ، تبدا في بذرتها ففي البذرة تختزل كل صفات الشجرة والتي تـُعرف من الوان ازهارها وطعم اثمارها ، كذلك الثورة ، سياسية كانت او فكرية او علمية او فلسفية او دينية او اجتماعية تختزل في عقل مدبرها ، مثلا مثاليات المسيحية ونبلها وسموها تختزل في البذرة الاولى والتي تتجسد في عقل المسيح له المجد وكذلك الاسلام والبوذية والماركسية وان كانت البذرة الاولى تحمل صفات وافكار جاءت من بذور قبلها عبر مراحل اجتماعية سبقتها.  فمثلا المسيحية جاءت لتكمل ما بدأته ديانات اخرى قبلها لم تعد صالحة لتغير الانسان فراحت تقرا الواقع الجديد باسلوب مناسب يجسد الصراع القائم وليعبىء الجماهير للتغير النوعي الذي حصل فعلا بقيام الكنسية ودحر الكهنة الرجعيين الذين قاوموا افكار المسيح المسالمة والعادلة والتقدمية والتي ادت الى  سقوط الديانات القديمة في روما واليونان وفارس .  وهذا ما يحصل ايضا بالنسبة للثورات السياسية والتي يتحمل قادتها مسؤوليات التغيير وليكملوا  ما بدأه الرواد من قبلهم .  فثورة الزنج والقرامطة والبابكية وثورات اخرى في جميع انحاء  العالم كلها حصلت بسبب التراكم الكمي والصراع التناحري والغليان الشعبي الناتج عن  الظلم والقهر والاستعباد فيكون تحصيل حاصل الثورة . وكل ثورة تجسد طبيعة مكانها وزمانها وطموحات الشعب الذي اوقدها وليس بالضرورة ان تحقق كل مكاسبها مرة واحدة لان الصراع قد ينتقل الى داخل الثورة نفسها لان قانون التطور اصلا مبني على الصراع والتنافس  . فما هو صالح لهذا اليوم ولهذا المكان قد يصبح غير ذلك غدا وفي مكان اخر لذا تتولد ثورات اخرى داخل الثورات وتناقضات جديدة تنقض النقيض وهذا ماحصل في المسيحية ، من رحمها توالدت مذاهب ناقضت المركز في روما كاللوثرية واليعقوبية والنسطورية والاريوسية ومذاهب اخرى  وكذلك حصل في الفكر الفلسفي، من

-         1 -

الفلسفة اليونانية وعبر الالمانية والثورات الاشتراكية  وما حصل من تناقض وصراع حصل تغير اني لا يظهر على  السطح ، او مرحلي يتفاقم اذا توفرت الاسباب ، او قد يحدث تغييرا وبطرق متعددة كما حصل في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وما يحصل في العالم الثالث.  وقد تساعد العوامل الخارجية في اذكاء روح واسباب وعوامل التغيير كما يحصل في اذكاء التنور بالنار كذلك يحصل في تدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الاخرى وفي كل السبل لاحداث تغير قد يخدم حساباتها واستراتيجيتها ومصالحها كما حصل في تدخل الدول الكبرى في شؤون اوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي وافغانستان والعراق واحدثوا تغيرات سياسية واقتصادية في كل هذه البلدان  . ومثلما يحدث ايضا في الطبيعة من تحولات كمية وغليان والتحول النوعي الذي يتجسد بانفجار البراكين كذلك يحصل في المجتمعات البشرية ونتيجة التناقضات والقهر الناتج من الفوارق الطبقية والاجتماعية والسيطرة الاستعمارية ومصادرة الحقوق الفردية والانسانية يتولد الصراع التناحري بين الطبقات المستغِلة والمستغَلة ويبدأ الغليان ويتصاعد الى ان يصل حد الانفجار مقرونا بغضب جماهيري عارم قد يفلت من السيطرة ليتحول الى لهيب يدمر كل شيء بدلا من ان يبني ويعمر ماهدمته الاوضاع الشاذة التي ثار من اجلها . وهذا ماحصل في ثورة 14 تموز 1789 في فرنسا وفي 14 تموز 1958 في العراق واماكن اخرى كثيرة في العالم  .  ولمصالح الدول الكبرى ومنافساتها للسيطرة على العالم الثالث تأثير كبير على مسار الثورة في هذه البلدان  وتتخذ موقف التاييد والرفض للثورة في بلد ما بناء على مقتضيات مصالحها ، وكان شعبنا الاشوري احد ضحايا تلك المصالح فدفع الثمن باهضا ولا يزال . عندما قامت الثورة في امريكا عام 1776م  ضد الاستعمار البريطاني  الذي كان قد احتل امريكا سارعت فرنسا لمساعدتها لانها كانت في صراع مستمر مع بريطانيا من اجل الحصول على المستعمرات ، وبالمقابل عندما قامت الثورة في فرنسا وقفت بريطانيا ضدها لانها هزت عروش الملوكية في اوروبا وايدتها امريكا المتطلعة للحرية اما بالنسبة للعالم الثالث المبتلى اصلا بمشاكل قبلية ودينية ومذهبية وعرقية وحدودية

-         2 -

والرازح تحت وطأة الجهل والتخلف يتأخر نضوج الثورة فيه بسبب التناقضات الداخلية والتي يصعب ضبط مسار الثورة صوب الهدف الوطني المنشود , وهو تحرير الوطن والثروات الوطنية ويسهل على القوى الاستعمارية والخارجية والرجعية المحلية النفاذ الى صفوف الثورة وتخريبها من الداخل بسبب وجود ثغرات واسعة يسهل النفاذ منها . وهذا ماحصل فعلا بالنسبة لثورة14  تموز 1958 في العراق حيث الغليان الشعبي   الذي استمر قرونا طوال الحكم التركي ولم يستطع الشعب توحيد صفوفه في ثورة شاملة لاسباب ذكرناها اعلاه ، ولكن بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وظهور دولة العراق وانتشار الثقافة والوعي الوطني وتشكيل احزاب وطنية وقومية ثورية وانتشار الوعي لدى كافة طبقات الشعب وكانت ثمرة هذا الوعي تاسيس احزاب وطنية ونوادي اجتماعية وازدهار الصحافة التي لعبت دورا كبيرا في تنوير المجتمع  والذي كان له الدور الرئيسي في توعية الجماهير وحشد قواها وانشاء المنظمات العمالية والفلاحية والطلابية والنسائية والتي كرست كل نضالاتها الثورية لاستنهاض الهمم والتثقيف وزرع الروح الوطنية والاستماتة في سبيل الاهداف الوطنية السامية . وبقدر الصراع الحاصل من الفوارق الطبقية والوعي الفكري باتجاه تحرير الوطن والشعب والثروات ، زادت التحولات الكيفية في اعماق هذا البركان الذي بدأ الغليان الشعبي فيه كما قلنا ومنذ قرون وتحول من الكم الى النوع بعد ان وصل الى حالة الانفجار عشية 14 تموز ليغطي هذا الانفجار شمال العراق ووسطه وجنوبه لان اسباب الانفجار والشروط الموضوعية لهذا التحول النوعي كانت موجودة في كل شبر من ارض الوطن الا ان عوامل الفرقة والتناقض والصراع سرعان ما ظهرت على  السطح بسبب الثغرات المتواجدة في صفوف الثورة والثوار والناتجة عن  التنوع الديني والمذهبي والقومي والقبلي ولكون عقلية قيادة الثورة مسيرة بفعل هذه التأثيرات والضغوطات والتأثيرات الخارجية والقوى الاستعمارية والتي كان لها احلاف ضمن هذه القوى داخل الوطن والتي اصبحت فيما بعد اداة لها وباسماء مختلفة ومتسترة مرة بجلباب الدين او القومية او الديمقراطية او الليبرالية او التقدمية

-         3 -

واستطاعت هذه القوى مدفوعة باغراءات مادية او مصالح فردية او مذهبية او قومية ان تمرر الخطط الجهنمية المدمرة وتقضي على الوحدة الوطنية التي انضجت الثورة وتصادرها وتصادر مكتسباتها ، وتوجه ضربات قاتلة للمناضلين الحقيقين وتزرع اليأس وروح الهزيمة والاحباط وتخلق ارضية صالحة لنمو الافكار الرجعية والشوفينية وليتحول ذلك الصراع القائم  بين القوى الوطنية والقوى المعادية الى اتون يحرق ابناء الوطن الواحد والذي اصبح اليوم ابعد ما يكون من حلم الثورة والثوار وخير ما يفكر به العراقي اليوم ان يجد له مكانا امنا يحافظ فيه على ما تبقى له من وجود مهدد وكرامة مهانة ووطن مستباح .  لقد عوقب شعبنا لانه حلم بالحرية فدفن حيا واستلبت حقوقه وحرم عليه ان يحلم ..

 

لماذا لم تحقق الثورة اهدافها

مثلما كان  لقيام الثورة اسبابها وشروطها الموضوعية كالتي ذكرناها انفا كذلك ثمة شروط ديمومتها والحفاظ على مسارها الوطني لتحقق اهدافها ، ومع الاسف لم تتوفر تلك الشروط فكانت النتائج عكسية اذ بدات الثورة تاكل ابنائها ومن اسباب ذلك -1- التناقضات المستفحلة في قيادة الثورة وعدم اهليتها وايمانها بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان 2- سيطرة العقلية العشائرية وبؤس تفكيرها على عقلية كوادر وقيادة الثورة ومعظم احزابها المؤتلفة قبل الثورة والمتناحرة بعد قيامها  3- التناقضات والصراعات والاختلافات في برامج الاحزاب الوطنية والقومية والتي خاضت معارك دموية فيما بينها للسيطرة على قيادة الثورة وحرفها عن مسارها واهدافها الوطنية 4- اطالة فترة الانتقال ومصادرة الحريات الديمقراطية ومصادرة المنظمات المهنية والسيطرة عليها وتسخيرها باسلوب قمعي ديكتاتوري 5- ابتعاد القيادة عن الجماهير التي ساندتها وناضلت وتحملت الكثير في سبيل تنفيذ الثورة ودعمها بعد قيامها 6- تنصل القيادة عن منح حرية الاحزاب والنقابات والتظاهرات وعملت على الايقاع بين الفئات الوطنية والقومية ليتسنى لها تمرير مشاريعها الانفرادية الديكتاتورية لاشغال الشعب عن التفكير بانهاء المرحلة الانتقالية والشروع

-         4 -

بالتهياة للانتخابات العامة 7- شن حرب على الشعب الكردي الذي ناضل جنبا الى جنب مع الشعب العراقي عامة لتحقيق الاهداف الوطنية . وبذلك تكون قيادة الثورة قد تنصلت عن اهم اهدافها وهي منح الحقوق القومية للشعب الكردي والقوميات الاخرى التي تشكل المكون الاساسي للشعب العراقي والتي ساهمت جميعا في المسيرة الوطنية وصنع الثورة  8- فتح ابواب الصراع مع شركات النفط دون ان توفر الشروط الموضوعية للفوز في مثل هذا الصراع ، اذ استطاعت هذه الشركات الاستفادة من المعارضة البعيدة شكلا ً والمضروبة اسماً والمتغلغلة داخل بنية النظام والمؤسسة العسكرية وأستطاعت هذه الشركات وبمـآزرة القوى الرجعية وأد الثورة قبل ان تحقق أهدافها وتوجه ضربة ماحقة لكل القوى الوطنية والديمقراطية مما جعل الوطن يدفع وسيدفع الى زمن طويل ثمن خطأ تلك القيادات البائسة فكرياً والطامعة بكرسي الحكم.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.