اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الديمقراطية وبراثن الرجعية -//- لطيف ﭙـولا

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الديمقراطية وبراثن الرجعية

لطيف ﭙـولا

ما اكثرهم ,اليوم ,دعاة الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة .. انه ,والحق يقال , رداء جميل وحديث وعصري , لكن لا يناسبهم, لانه ليس على مقاساتهم , ويبدو مهلهلا على نـُظـُمهم البالية .. وراح يرتديه كل من هب ودب ,افرادا وجماعات , يافطات براقة مزورة تجذب البلهاء لبضاعة كاسدة ,غير مرغوب فيها , بانت حقيقتها الممقوتة ,لابد من تزويقها بشعارات انسانية  لتـُمرَّر الى أناس متخلفين وسط هذه الفوضى ..

تناولت شعوب اوربا هذه المصطلحات, الأغريقية , بشكل ثوري, ومنذ القرن الثامن عشر , ونشرتها في ربوعها عن طريق كتابها وفلاسفتها المجددين .. ورغم الظروف الاجتماعية القاسية التي كانت تمر فيها اوربا ,الا انها نمت واستطالت واحدثت ثورة اجتماعية وسياسية واقتصادية اثناء تطبيقها لتلك المصطلحات على واقع بائس ومرير , فتك به الاقطاع والرجعية مئات من السنين العجاف .  ولان اوربا هضمت معنى هذه المصطلحات , وسارت على نهجها في طريق التقدم والرقي, شمل كل مجالات الحياة , ولتترك وراءها كل المصطلحات  والشعارات الكاذبة التى عفى عليها الزمن , والقوانين المجحفة ,والأيقونات المبجلة ,التي تجسد العبودية ,وتحلل الظلم والقهر الاجتماعي, والاستغلال الطبقي, لتصبح بعد فترة من اندلاع تلك الثورة أثرا بعد عين .

أما في شرقنا , وبالأخص , الشرق الاوسط, فان الانظمة  القائمة فيه ,ومعها كثير من الاحزاب والجماعات السائرة في ركابها , تعزف على اوتار الديمقراطية زورا ليل نهار, لكنها ترقص على انغام الاوتوقراطية !!.  تنشد اغاني الحرية, وتطبق الديكتاتورية ..فيأتي عزفها السياسي والاجتماعي والاقتصادي كله نشازا في نشاز , ترفضه النفس البشرية الحرة , لأنها بعيدة كل البعد عن سمفونية الحياة , واحلام البشرية المتطلعة الى الحرية والعدل والمساواة ..

مفهوم الديمقراطية:

الديمقراطية (democracy) كما قلنا مصطلح اغريقي يعني:

حكم الاكثرية ,الدولة الديمقراطية , الروح الديمقراطية , المساواة السياسية والاجتماعية . ......

وبعكس ذلك, مصطلح ألأوتوقراطية (autocracy ) يعني حكم الفرد المطلق .. الديكتاتورية ( dictatorship ) الحكم الشمولي .. فهل اختلط المعنى عند البعض

وراح يطبق الاوتوقراطية بدلا من الديمقراطية .؟!.

وكنتُ مرة اشرح مفهوم الديمقراطية  لاحد الرفاق ! من حزب كان يلهث وراء كسب الجهلة ..

فقال لي , ومن دون مُستحى , معبرا عن الاخلاقية التي تربى عليها, إذ قال لي: (استاذ احنا راح نطبق  الديمضراطية !!!).. وساروا على نهجها ! ونحن من ورائهم نتلقى غازاتهم السامة   ..( استميحكم عذرا ).

تاريخ الديمقراطية :

ابتكر الأغريق هذه المصطلحات اثناء بحثهم ونقاشاتهم وجدالاتهم الفلسفية ليرسموا طريقا جديدا لحياتهم, ولينقذوا الشعب من اعباء الانظمة الأتوقراطية, الدكتاتورية الهدامة ,ومن سياط الرجعية الرافضة للعلم والتقدم والعدل والمساواة . وتوصلوا الى ان الديمقراطية democracy حكم الاكثرية ,هو الطريق الصحيح لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات .

ولما كانت اوربا تعاني هي الاخرى من ويلات الانظمة الفردية المتسلطة ,ومن سياط الرجعية المتهرئة ..شمَّر علماءها وكتابها وشعرائها وفلاسفتها وسياسيوها عن سواعدهم ,وراحوا يعزفون جهارا على انغام الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة ,في كتاباتهم واشعارهم وخطبهم . لتصبح تلك الكتابات والخطب والقصائد والاناشيد بمثابة مشاعلا انارت عقول شعوب اوربا الغارقة في ظلام الدكتاتوريات والتخلف قرونا عديدة ,لتبدأ مرحلة الاصلاحات والبناء الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتقني في كل مجالات الحاة ..

وعندما بدات رياح الثورة الفرنسية (1789م ) تهب من معاقلها في باريس وفرساي , بعد ان اذكت اوارها افكار فولتير (1649- 1778م )الثورية وقلمه اللاذع , وكتابات جان جاك رسو( 1712 – 1778 م) الاجتماعية التحررية , وألهب جماهيرها ( ميرابو) بخطبه الثورية  النارية , وعشرات من  الكتاب والشعراء والفلاسفة والمصلحين , بدات الرجعية الهرمة تقذف آخر ما لديها من سلاح عتيق ووسائل مفضوحة, لم تقوَ جميعها على الصمود امام تيار الثورة الاصلاحية  الجارف ,ولم يتسنَّ لها ان تلتقط انفاسها من جديد او تهرب بجلدها, لتطلب النجدة من اخواتها رجعيات اوربا ..ولما زحفت الجماهير المُعذبة  الى معاقلها الذهبية

المقدسة ,وفي مقدمتها سجن باستيل سيء الصيت ,هوت خائرة بلا رأس تحت مقصلة ( روبسـﭙــير) ..وتلاشى ذلك المجد الزائف, المبني على عذاب وشقاء الشعب المُـستـَعبـَد قرونا عديدة في فرنسا . واهتزت اوربا كلها من قوة ذلك البركان ,فوصلتها هزات ارتجاجية إرتجفت بفعلها عروش وتيجان ,لتتلاشى تلك الأُبهة, وتلك الهالة ,من بطانة الاقطاع والرجعية التي سحب البساط من تحت اقدامها ,وبان زيفها ودجلها على ضوء مشاعل الثورات التي شملت كل اوربا ,وليصبح عهدها البائد  الظالم ,المظلم في ليلة وضحاها اثرا بعد عين .. وكانت ثورة , ليس فقط على اصحاب العروش فحسب, بل وعلى النمور الورقية الحامية لها , وعلى مخلفاتها الاجتماعية السيئة ,من البؤس والفقر والمرض والتخلف والجمود والذي استمر قرونا من الظلام  , ولتزدهر على انقاضها العلوم والمعرفة والتطور والتقدم, ولتدشن اوربا عهدا جديدا ,عهد الحرية والديمقراطية والعلمانية ,وبناء الانسان الاورﭙـي المعاصر  ..

ديمقراطية الشرق :

ما لبثت ان وصلت رياح الثورة التقدمية الاجتماعية العلمانية التحررية والديمقراطية الى دول الشرق, ومنها شرقنا الاوسطي ,الذي اناخت على صدره الانظمة الرجعية الدكتاتورية الشوفينية بكل ثقلها  مئات من السنين دون ان يتذوق ولو مرة طعما للحرية .. وصلت اليه رياح الثورة والحرية , وبطرق متعددة , لتوقظه من سباته العميق, بعد ان طبعت في ذهنه أن عبوديته التي نشأ عليها مكتوبة على جبينه وفي لوح القدر ..

الا ان عجلة التاريخ لا تعود الى الوراء  , وان كان بالامكان تاخيرها عن التقدم ولو لحين, كما لا يمكن منع بركان يغلى في داخله  من الانفجار .. وعليه بدات رياح الثورة تجتاح الشرق لتوقظ شعوبه من سبات عميق ... بدءا بثورة اوكتوبر 1917 م في روسيا القيصرية وفي الصين ومعظم شرق وجنوب شرق اسيا والعراق وايران ومصر وسوريا وشمال  ووسط وجنوب افريقيا .. جميعها كانت ثورات تحررية متأثرة بشكل او باخر بمفاهيم الثورات الحديثة وبرامجها التحررية .. ولكن بسبب البؤس الفكري لقادة بعض الثورات ,والشعوب المبتلية بالتقاليد الرجعية والقبلية ,وبسبب  تراكمات الماضي الثقيلة, والجهل والتخلف , كل ذالك سبب  تمردات وانكسارات في صفوف الثوار وتأخير او استحالت تطبيق برامجها بتلك العقلية ..وكانت نتيجة ذلك  التناحر والتحارب بين ابناء الثورة ومصادرة حقوق

شعوبهم المظلومة ,وخاصة حقوق القوميات الصغيرة.. حتى قيل ان الثورة تأكل أبنائها !! .ونشأت انظمة عسكرية دكتاتورية لا تقل خطورة وتخلفا وبؤسا عن الحكومات الرجعية الاقطاعية .. ولما كانت الدول الاوربية قد قطعت شوطا بعيدا في الصناعة .. وكانت المنافسة بينها شديدة للحصول على مواد الخام, وسوق تصريف بضائعها .. ركب الراسماليون رؤوسهم وقادتهم مصالحهم وأنانيتهم وجشعهم ,وتخلوا عن شعاراتهم الانسانية في الدمقراطية والحرية والمساواة واقتصرت على دولهم فحسب ..! . ولتجنب الازمات الاقتصادية والبطالة والفقر في اوطانهم ,وخشية من تنامي قوة الاحزاب الاشتراكية التي تتبنى قضايا العمال والفلاحين وتقف بجانب الطبقات المسحوقة وتتبنى مطاليبها , بسبب كل ذلك التجأت الدول الاوربية الى اسلوب  الحروب الاستعمارية  للوصول الى مستعمرات في الشرق تحقق اطماعها في الحصول على المواد الخام واسواق لتصريف بضائعها ..واثناء حروبها المفتعلة تلك , وبحجة الدفاع عن اوطانها ومصالحها تلجأ الى قمع الاحزاب المعارضة التي تطالب بمكاسب اجتماعية للطبقات المسحوقة ..

ولما كان لكل فعل رد فعل , تنامت ايضا في العلم الثالث حركات التحرر الوطني ليس لمحاربة الرجعية واذنابها في الداخل فحسب , بل في شن حروب تحررية ضد المستعمرين .. فانتصر شعب فيتنام ولاوس وكمبوديا, وشعب مصر والجزائر, وفي العراق ثار العرب والاكراد والاشوريين , وفي  وسوريا ولبنان وفي بلدان اخرى. وانسحبت جيوش  المستعمرين ,يجرون اذيال الخيبة .. ولكنهم استطاعوا ان يعودوا من نوافذ ومنافذ اخرى متنكرين باقنعة شتى , إّذ تحالفوا مع القوى الرجعية التي ضُربت مصالحها واوشك عهدها على الزوال .. وبهذا تكون اوربا قد كالت بمكيالين , مكيال الديمقراطية في اوطانها, ومكيال الرجعية والدكتاورية  في مستعمراتها في  العالم الثالث ..لان ذلك يناسب ويخدم مصالحها , وان كان على حساب الشعوب التي تتطلع الى الديمقراطية , فضاعت حقوق شعوب وقوميات كانت ترجو من  الغرب خيرا ,الا انها قد خـُيب ظنها ( فلا ترجو من الفحام ذهبا !!).. وراحت الدول الاوربية تـُفـَصِّل نوعا جديدا من الدمقراطية للعالم الثالث ,نوعا خاصا وغريبا ترتديه الرجعية واذنابها لتخفي عوراتها ونواياها الحقيقية . وقد علمتها الضرب على اوتارها ,تلك الاوتارالتي صنعتها من شرايين شعوبها .. لان الديمقراطية مسموحة قولا ,ومُحرمة فعلا في العالم الثالث ..اما الحرية فهي لهم فحسب ,تتمثل في تخريب وتدمير الشعوب والاوطان. اما المساواة تـُطبق  في سلب ثروات الشعوب وجعل ابنائها متساوين في البؤس والفقر والتخلف .. فحسب ..

نحن نخشى من احابيل المستعمرين الذين اذاقونا الأمرين .. بعد ان تخلوا عن حروبهم فيما بينهم ,لاكتنازهم الاسلحة النووية وخطورتها على وجودهم في حالة نشوب حرب بينم , فتغير تكتيكهم حتى بعد حروبهم الكولنيالية التي ايقظت شعوب العالم الثالث ووحدت صفوفها في مجابهة المستعمرين .. التجأت الدول الاستعمارية الى مخطط  الايقاع بين هذه الشعوب وإثارة الفتن , وتكريس سياسة فرق تسد باثارة النعارات القومية والدينية بين شعوب المنطقة ,بغية خلق ثغرات واضعاف قوى الشعوب المتطلعة للحرية  . ورحت  تنفخ ليل نهار في الكور لتشعل النار هنا وهناك , وليكن وقودها ابناءها ومزارعها ومعاملها  وثرواتها وسلامها وامنها ..

سقوط الديمقراطية :

حاول البعض ان يشوه مفهوم الديمقراطية نظريا وعمليا .. فمن الناحية النظرية يدَّعي البعض , بل ويثقف على اساس أن الديمقراطية دخيلة ! , جاء بها الاستعمار والكفرة, فلا تنسجم مع مجتمع له خصوصيته وتقاليده المشرعنة في التسلط والقهر والاستعباد .

ولما كانت الديمقراطية تنفي هذا الأسلوب في حكم الشعب , اذن هي غير صالحة, على الاقل , من وجهة نظر الطـُغاة .. اما من الناحية العملية فقد ركب بعض الوصوليين موجة الديمقراطية والحرية والمساواة , بعد ان ادركوا ان زمام الامور اوشكت ان تفلت  من ايديهم لامحالة ..رفعوا شعار الديمقراطية وركبوا امواجها ,وما ان جلسوا على كرسي الحكم حتى ظهر زيفهم وبعدهم عن روح الديمقراطية واخلاقياتها ومفاهيمها التقدمية الانسانية , وشرعوا يكرسون ويرسخون المفاهيم الدكتاتورية الرجعية البالية باسم الديمقراطية .. وعليه اصبحت الدمقراطية الصحيحة غريبة في الشرق الاوسط , بل وسُحقت تحت اقدام اعدائها التقليديين ..ومما يؤسف عليه فان الاحزاب والمنظمات والجمعيات التي تنادي بالديمقراطية فرقتها مصالحها , وتخلت عن اهدافها السامية في تكريس الثقافة الديمقراطية وتوحيد صفوفها  والدفاع عنها سواء في صناديق الانتاخابات او في مجابهة القوى الرجعية التي استطاعت ان توحد صفوفها, وتخلق لها اجندات في الداخل ,ومصادر دعم وتمويل من الخارج من القوى والدول التي لا يُسعدها انتصار الديمقراطية في العالم الثالث .. ولكي تشوه صورة الديمقراطية اُغرقت هذه البلدان   بصراعات دموية وعقائدية وحزبية ,حتى ظن البعض ان الابقاء على القديم الرجعي والدكتاتوري الشمولي افضل من الحلم بالديمقراطية ,والتي كما يعتقدون مخطئين,

هي التي جلبت لهم هذا الخراب والدمار والاقتتال بين الشعب الواحد , متجاهلين   ان قوى استعمارية متحالفة مع الرجعية في الداخل تعمل على تشويه مفاهيم الديمقراطية الحقيقية . وبذلك تكون تلك القوى التي ركبت موجة الديمقراطية, زورا ,قد صعدت الى سدَّة الحكم ,وجعلت القوى الديمقراطية الحقيقية تتخبط في صراعات جانبية .. وبالنتيجة ستفقد الجماهير الثقة بتلك القوى التي علقت عليها الامال في تحقيق احلامها في الحرية والعيش الكريم, وليقودها هذا اليأس والإعلام المـُضلل الى نير الدكتاتورية مرة اخرى , فترضخ صاغرة للقوى الرجعية التي استطاعت ان توقعها في شركها ...

يا ابناء شعبنا العظيم لقد دفعنا الثمن باهضا , من اجل تحيق الديمقراطية والحرية والسلام والامان ... لا تفرطوا فيها منخدعين باحابيل المستعمرين .. فقد دفع الشعب الاشوري ولا يزال يدفع ثمن خيانة البعض الذين ساوموا  بالوطن ,فخسرنا كل شيء , تاريخا وحضارة ,ماضيا وحاضرا ومستقبلا ومنذ  قرون ولازلنا ..

لنحافظ على ما حققناه في نضالنا المشترك عبر سنين طويلة ,وبعد ان تمكنت جماهيرنا من انتزاع الحرية والديمقراطية من براثن الدكتاتورية والرجعية . لنتثقف ونـُثقف ونتسلح بمفاهيم الديمقراطية , فهي الطريق السليم  الوحيد الذي يجعلنا نحيا شعوبا متآخية دون تسلط وعنجهية فارغة . لأن ثمة من يتربص لينقض على حريتنا ليُحملنا نير العبودية على عاتقنا مرة مرة اخرى , وربما بشكل آخر .. ونير العبودية ثقيل ممقوت وان كان من الذهب ..وقد ادرك ذلك من ذاق طعم الحرية  للتو...

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.