اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ماهـو التراث؟ -//- لطيف ﭙـولا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

ماهـو التراث؟

لطيف ﭙـولا

إن التراث الشعبي ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية ، وهو علم يدرس الآن في الكثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية ,لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة وفي المرحلة الراهنة بالذات . فالتراث هو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل . وهو يشمل كل الفنون والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شّعبية وقصص وحكايات وأمثال تجري على ألسنة العامة من الناس ، وعادات الزواج والمناسبات المختلفة ,وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال ومن ألوان الرقص والألعاب والمهارات

و التراث  بمفهومه البسيط هو خلاصة ما خلَفته (ورثته ) الأجيال السالفة للأجيال الحالية . و ما خلفه الأجداد لكي يكون عبرة من الماضي ونهج يستقي منه الأبناء الدروس ليعبروا بها من الحاضر إلى المستقبل. والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان. ومن الناحية العلمية هو علم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع معين من الثقافة (الثقافة الشعبية) ,ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية. اجل التراث الشعبي هو عادات الناس وتقاليدهم وما يعبرون عنه

من آراء وأفكار ومشاعر يتناقلونها جيلاً عن جيل. ويتكون الجزء الأكبر من التراث الشعبي من الحكايات الشعبية, مثل الأشعار والقصائد المتغنّى بها والقصص الخيالية  الشعبية والقصص البطولية والأساطير. ويشتمل التراث الشعبي أيضًا على الفنون والحرف وأنواع الرقص، واللعب، واللهو، والأغاني ,أو الحكايات الشعرية للأطفال، والأمثال السائرة، والألغاز والأحاجي، والمفاهيم الخرافية والاحتفالات والأعياد الدينية.

ما الغاية من الحفاظ على التراث ؟

تستخدم مواد التراث الشعبي والحياة الشعبية في إعادة بناء الفترات التاريخية الغابرة للأمم والشعوب ,والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة, وتستخدم أيضا لإبراز الهوية الوطنية والقومية والكشف عن ملامحها. التراث والمأثورات التراثية بشكلها ومضمونها أصيلة ومتجذرة, إلا أن فروعها تتطور وتتوسع مع مرور الزمن وبنسب مختلفة ,وذلك بفعل التراكم الثقافي والحضاري وتبادل التأثر والتأثير مع الثقافات والحضارات الأخرى وعناصر التغيير والحراك في الظروف الذاتية والاجتماعية لكل مجتمع. ويتنوع التراث باختلاف ما تحمله الجذور إلى الشجرة. ويكون كالنسغ الصاعد يعطيها الديمومة للحياة. والامة التي تتخلى عن تراثها  تصبح كشجرة حبست عنها المياه والنسغ  ,ستذبل حتما شيئا فشيئا ثم تضمحل. والتراث الشعبي غني جدا بما نقل شفويا  من الآباء والاجداد الى الابناء كالأمثال الشعبية والحكايات الهادفة وغيرهما.

ومن يتخلى عن تراثه يتخلى عن هويته القومية والوطنية  ثم ينقطع عن سياق حضارته فيسقط كالشجرة اليابسة  .ولكل أمة  سلوكيات خاصة تجري في عروقها, تبرز همويتا وخصوصيتها مثلما لكل شجرة خصوصيتها ..

لا حضارة بدون تراث ,لأنها ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخرين  كما تفعل  الطفيليات ....

وتراثنا الشعبي الموجود لدينا في الوقت الحاضر هو ما تجمَع وتبلور من ممارسات الحياة الشعبية في الماضي . وممارسات الحياة الشعبية في الوقت الحاضر هي الاخرى  ستصبح يوما ما  تراثا شعبياً لأجيالنا القادمة.

ذا كان تاريخ الأمم يوثق ويسجل بالوثائق المطبوعة والمصورة، وإذا كانت التراتيل التي ورثناها عن ابائنا واجدادنا  تعبر عن أحاسيس ومشاعر المؤمنين  ، فإن الأغاني الشعبية هي صوت المعبر عن اوضاع  شعبنا وسجل كينونته  في مختلف مراحل نضاله،وكفاحه وايامه الدامية  خلال قرون زخرت بالمعانات  ...

فالتراث هو جهد أجيال ، وإبداعهم ,قدس اباءُنا كثيرا من جوانبه ,فحافظوا عليه وصانوه من الزوال. وها هو اليوم على رفوف يعلوها التراب. وإذا كانت أجيال القرن الواحد والعشرين قد ابتعدت عن التراث بسبب التطور الحاصل في حياة عصر السرعة .. عليها ان لا تنسى ان لنا تراثا وهو بمثابة كيان ثقافي ينمو معنا من البداية إلى النهاية، فيشكل عقليتنا وشخصيتنا وهويتنا، ويصور حياتنا الشعبية في ماضيها وحاضرها، كما يسهم في وضع أسس مستقبلنا. وهذا الكيان التراثي لم يـُخلق من العدم، وإنما أبدعـته وحافظت عليه  ذاكرات المبدعين الشعبية في مختلف  المراحل التي مربها شعبنا ووطنا ..

كيف نحافظ على تراثنا ؟

يبقى التراث الشعبي هو المعبر عن عمق جذور أي مجتمع. فليس غريباً أن يكون هذا التراث هو صلة الوصل بين الأجيال المتعاقبة عبر العمق الزمني لهذا التجمع، من ناحية، وكذلك للربط بين من يعيشون فوق ثرى هذا التراث ومن اضطروا للعيش بعيدين عنه ..وهذا  يتطلب من الاخوة  المغتربين الذين أحسوا بخطر الانسلاخ عن تراب  آبائهم ان يبقوا على صلة بتراثهم فكرا وممارسة ،  لان التخلي عن الوطن والتراث كليا يهدد مستقبلنا ووجودنا  ...

لم يحظ تراثنا الشعبي بنصيب وافر من الاهتمام. وكان علينا نقوم بذلك اعتمادا على امكانياتنا المحدودة ..ولما شمرنا عن سواعدنا لتأسيس مركز ثقافي ينصب جل اهتمامه بالجانب التراثي تكالبت علينا الاحزاب والجمعيات السياسية وحالت دون تحقيق ذلك. وعليه بقيت جهودنا فردية لم نحقق ما كنا نصبوا اليه ..ونعمل في ظروف بالغة القسوة  والتعقيد من الصعب على المرء ان يستمر في العمل وحده في هذا الاتجاه مهما كانت طاقته الشخصية.

قبل عقدين او اكثر كان الاهتمام بالتراث قد اتخذ شكلا جديا

تواصلت مسيرة الاهتمام بتراثنا الشعبي، خطوة تلو أخرى، ومرحلة بعد مرحلة، ولقد كان من أولويات هذه المسيرة جمع هذا التراث، وترسيخ الحب له والتعلق به، والتأكيد على الاعتزاز بالملامح الناصعة في مختلف جوانبه. ومن ثم كانت الخطوة التالية في إبراز هذه النتائج في عرض مسرحيات وتمثيليات تتناول هذا الجانب ثم تاسيس متاحف محلية وبجهود مثمرة تم جمع ادوات واواني كادت ان تندثر.. ولكن مع الاسف تبعثرت تلك الجهود بعد تغير الاوضاع وتدخل السياسة العمياء في كل شيء وغياب المثقفين المتنورين  وبروز الجهلة  المخربين على مسرح الحياة فعاثوا بالتراث فسادا ..

لقد ساهم كثير من كتابنا في تسجيل تراثنا , ولكن ثمة  أعمال ضخمة كثيرة،

تستوجب الاهتمام والمباشرة في العمل بالجمع والدراسة. فالمباشرة بجمع الأمثال والأغاني والحكايات الشعبية، وأجراء الدراسات الاجتماعية والفلكلورية، كلها أعمال جليلة وضرورية. لقد عملت الكثير من اجل تخليد تراثنا في نشاطي الادبي والفني سواء كان في الاغاني والالحان والقصائد والتمثيل والرسم وكان بودي ان اكتب كتابا ضخما حول ما سمعته من ابائي واجدادي من قصص وحكايات وامثال .. الا ان ظروفي اصعب من ان اتناول مثل هذا العمل الجبار وحدي .. وان الذي كنت احفظه في رأسي من تلك الحكايات والامثال واشياء اخرى كثيرة بدأ يتلاشى مع الزمن ....

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.