اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من أجمل ما قرأت (النص 52 بتصرف)// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 د. سمير محمد أيوب

 

عرض صفحة الكاتب

من أجمل ما قرأت (النص 52 بتصرف)

د. سمير محمد أيوب

الاردن

 

أحقا ، هو لِمَرَّةٍ واحدة ؟!

ربما تَكونَ قد وُلدتَ في إمارةٍ هنا أومملكةٍ هناك. في العالم الثالث أو الأوَّلِ أو حتى العاشر. من أسرةٍ مُعدَمَة، أو حامولَةٍ ثريَّةٍ أو قبيلةٍ يَلُفُّها الكَفاف، لا يَهُمْ.

 

ربما كانت ولادتك مُدْهِشَةٌ، وكأنَّ خالَكَ أبو زيد الهلالي. رافقها أعيرةٌ وألعاب نارية، وكنافة رايحة، وحامِظْ حِلو وتُووفِي جاي، وتبريكات عَرْطٍ، وإعلانات تكاذب في الصحف. أو كانت ولادتك غير مدهشة، عالسُّكِيت لا حِسْ ولا خَبَرْ. لم يُرافِقْها زغاريد أو أضواء، ولا ثرثرات عمَّاتٍ وخالاتٍ وجَدَّاتْ. لا يَهُم.

 

و ربما قد وُلِدتَ في مُناسبةٍ عائليةٍ تعيسة، أو وطنية حزينةٍ بائسةٍ،  أو وقتَ إضراب أو إحتجاج أو ذات حَراك،  أو في أتونِ حربٍ أهليةٍ، أو على وقع إجرامٍ إرهابي، أو مع ضجيجِ غزوٍ من عدو قريبٍ أو آت من وراء البحار. لا يَهُم.

 

لكن، مهما كانت علاقتك قوية مع مشفى التوليد، أو مع القابلة، وحتى لو كان لديك نفوذ عظيم، على الرَّحِمِ الذي تسللتَ مِنه بموعدك، أو إستبَقتَه خِلسةً أو إضطرارا، ثِق وتَيَقَّنْ، بأنك لا تستطيع أن تُعيدَ وِلادَتك مرة أخرى.

 

قد تموت في التوقيت المناسب لك أو لغيرك، وفق أيٍّ من المقاصد الربانية، أو في توقيت غير مُناسبٍ لأحلامك ومشاريعك مع من تُحِبَّ، أو مع من لا. وقد يكون رحيلك مُدْهِشاً مُريحا، أو مُكْرَها بطريقةٍ غير مُدهشة، لم تكن تطمح بها ولم تخطر لك على بال.

 

وقد يكون موتك، على يد شخص عادي لا تعرفه، كحادثة سير  أو رصاصة زفافٍ أو تَخَرُّجٍ، أو إنزلاق ساذَجٍ على بلاط حمام. قد يحدث موتك في بلد يحترم الموت، حيث المقابر ومراسم الدفن مجانية أو مدعومة هناك. أو في بلد يستثمر في الموت ومستلزماته. فخصخص تجارة القبور. وجعل القبور مستويات ومراتب. وفرض  عليها ضرائب ورسوم، وفق جدل العرض والطلب ومواسم التنزيلات، اشتري لك قبرين وخد الثالث مجانا. فلن تدفن  هناك، حتى يسدد سلفا، ذووك أو أيُّ عابر سبيل، ثمن قبرك. أو بمنحةٍ محلية أوتبرع من منصات الرمل والملح والقلق، أو بقرض من الصندوق إياه، أو من حقك في صندوق الزكاة. لا يَهُمْ.

 

لكن يا أنتِ وأنتَ، مهما كانت علاقتك طيبة وقوية مع شركات الدفن والحانوتي، ومع القيِّمين على الشؤون العامة والخاصة لوزارة المقابر ومعابر الموت ومعارجه، وحتى لو كنت تملك كلمة سر القبور، فثق وإعلم علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين، أنك لن تستطيع إعادة موتك مرة أخرى. برضه مش مُهِمْ

 

فنحن يا رعاك الله، نولد مرة واحدة، ونموت مرة واحدة، ولكن بعضهم يضيف: نحن في الولادة والموت، كما نحن في الحب تماما. فنحن نحب إلا مرة واحدة. فلا يمكننا أن تكرر المرة الأولى فيه بذات الشَّغَفْ.

 

وهناك من هُمْ مثلي، يقولون: بأننا نُحِبُّ ونُحَبُّ، المرةَ تلوَ الأخرى. فلكل ناموسٍ قانون، ولكل قاعدة شواذ!!

 

ألك إعتراض ؟! فالله غالبٌ أمره .

 

الأردن – 29/8/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.