اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بعد ١٠٦ أعوام على ثورة أكتوبر الاشتراكية- ج5 والأخير// د. ادم عربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ادم عربي

 

عرض صفحة الكاتب 

بعد ١٠٦ أعوام على ثورة أكتوبر الاشتراكية/ الجزء الخامس والأخير

د. ادم عربي

 

 الاشتراكية ... ومهمة ميخائل كورباجيف في انهائها.

 كانت سياسة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان التي استهدفت النظام الاشتراكي والتي تم شرحها في ختام الفصل الرابع من المقالة السابقة، ليست مجرد تفاعل مؤقت مع سياسة معينة، بل كانت استراتيجية مدروسة وشاملة استندت إلى تحليلات عميقة للوضع الذي كان يعيشه المعسكر الاشتراكي في مجالات الاقتصاد والسياسة بين دوله. وبناء على ذلك، اتخذت إجراءات عملية لإضعاف هذا النظام.

 

في العام الثاني من فترة رئاسة ريغان الأولى، عام 1981، انضم إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد ريتشارد بايبس. وكان بايبس مسؤولاً عن إعداد تقرير حصل على موافقة المجلس في عام 1982، يتضمن خطة لإحداث تغييرات في الاتحاد السوفيتي على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري. وبناءً على هذه الخطة، تحولت السياسة الأمريكية من سياسة الاحتواء والدبلوماسية إلى استراتيجية هجومية طويلة المدى. وكان رونالد ريغان مقتنعاً تماماً بأن المحافظة على قوة الولايات المتحدة كأعظم قوة في العالم هو الضمان لبقائها. ولذلك، سعى منذ بداية ولايته في البيت الأبيض لتحقيق هذا الهدف، حتى لو كان ذلك يعني تدمير الاتحاد السوفيتي بالحرب النووية.

 

 كان القادة السوفيت مذهولين من الخطاب السياسي المعادي للرئيس ريغان عندما تولى البيت الأبيض. لم يكن لديهم خيارات سياسية كثيرة أمام السياسة الأمريكية المعادية والمضادة ، إما أن يواجهوها بالمثل أو أنْ يستسلموا للشروط الريغانية دون تحفّظ. لكن الاستسلام لم يكن خيارا والأمريكان يدركون ذلك جيدا ، فالقيادات السوفيت التي سبقت قيادة كورباجيف المرتد كانت عزيمتها وقوتها كافية لصد أي هجوم على بلادهم،  وفي نفس الوقت كانوا مؤمنين بالخيار السلمي وحثّ الطرف الآخر على التفاوض حول جميع القضايا المختلف عليها بما في ذلك نزع السلاح الدمار الشامل وهو طلب مستمر على الأمريكان لغاية الآن ، فالاتحاد السوفيتي وبخلاف الدول ارأسمالية  التي تطمح للسطوة على العالم والحصول على مصادر الطاقة والثروات بدون عقبات وبشروط تفرضها، فإنَّ الدولة الاشتراكية تؤمن بالتعاون والأخوة بين الشعوب واحترام سيادة جميع الدول.

 

كان الزعماء السوفييت الذين جاءوا قبل كورباجيف ملتزمين بتلك المبادئ وطالبوا الآخرين باتباعها وسعوا للتفاوض مع الرؤساء الأمريكيين السابقين ومع ريغان نفسه لتخفيف التوتر وتجنب المواجهة. أرسل كل من بريجنيف وأندروبوف وتشرنينكو رسائل عبر القنوات الدبلوماسية اقترحوا فيها تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية وأبدوا استعدادهم لبحث إمكانية التخلص من الأسلحة النووية والصواريخ لدى البلدين. ولم يكن ذلك من موقع ضعف بل من موقع إيمان بالسلام. لكن ريغان تجاهل تلك الدعوات ولم يبال بها.

 

كان ريغان يتحدى الاتحاد السوفيتي في كل المجالات ويستخدم كل الوسائل الشريرة والماكرة لإقناع السوفيت بأنهم بحاجة إلى التسلح لحماية دولتهم، معتمدا على كرهه للنظام الاشتراكي واعتقاده بأن سباق التسلح سيضعف اقتصادهم، ولكنه لم ينس أن سباق التسلح يؤثر سلبا أيضا على اقتصاد بلاده ، كان ريغان يرفض أي مبادرة سلام تطرحها قيادة النظام الاشتراكي، ويصر على مواصلة محاولاته لإسقاطه، وهو الذي أطلق عليه اسم امبراطورية الشر قبل أن يتولى كورباجيف السلطة بعامين، وفي ذلك الوقت، أعلن ريغان أن الولايات المتحدة تحتاج إلى التفوق العسكري لتدافع عن نفسها من امبراطورية الشر، وبرر قراره بإنشاء نظام الصواريخ الدفاعية المسمى ( حرب النجوم).

 

ميخائيل كورباجيف، الذي انتخب زعيما للاتحاد السوفيتي في عام 1985، سعى إلى لقاء الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، الذي وافق بعد فترة من التردد والضغط الإعلامي على أن كورباجيف يمثل تجديدا في السياسة السوفيتية. تمكن الزعيمان من عقد اجتماعين هامين، الأول في جنيف في نوفمبر/تشرين الثاني 1985، بعد ثمانية أشهر فقط من تولي كورباجيف المنصب، والثاني في رايكيفك، عاصمة أيسلندا. في هذه الاجتماعات، أعلن الزعيمان عن نية خفض الترسانة النووية لكل منهما بنصفها، والتخلص من الصواريخ ذات المدى القصير والمتوسطة، التي تبلغ مسافتها بين 300 و3400 ميل، والتي تشمل 1752 صاروخا سوفيتيا و859 صاروخا أمريكيا، بما في ذلك الرؤوس النووية المرتبطة بها.

 

لقد تخلى كورباجيف عن الرؤوس النووية المنزوعة عن الصواريخ المدمرة الى الولايات المتحدة لتستفيد من اليورانيوم والبلوتينيوم الذي تحتويه كتعبير عن حسن نية كورباجيف مع ان اليورانيوم والبلوتونيوم الذي تحتويه ذي قيمة عالية في السوق الدولي للطاقة لاستخدامه في تشغيل المفاعلات النووية. واتفق كذلك على ارسال مراقبين متخصصين من كل بلد الى البلد الآخر ليقيموا لمدة 13 عاما في مواقع قريبة من مواقع محددة للمراقبة والتحقق من تنفيذ الاتفاق ، لكن لم تعرف تفاصيل الاتفاق فيما يخص التعهدات التي قطعها كورباجيف بخصوص رفع يد الدولة السوفيتية عن الدول الاشتراكية في شرقي ووسط أوربا ودول البلطيق الثلاثة استونيا وليتوانيا ولاتفيا التي كان رونالد ريغان يطالب بها بالحاح أثناء حملته الانتخابية وبعد دخوله القصر الابيض.

 

 في رايكيفيك، عاصمة أيسلندا، التقى الرئيسان في 11- 10 - 1986 لمناقشة المخزونات النووية لدى الدولتين ، ومع ذلك، لم  لم يخرج عن اللقاء أي اتفاق معلن بخصوص البرنامج المثير لمخاوف السوفيتيت او التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن برنامج الدفاع الصاروخي الاستراتيجي (SDI)، الذي كان مصدر قلق للاتحاد السوفيتي. وكانت الحكومة السوفيتية ترفض هذا البرنامج بشدة وتشترط إلغاءه قبل أي محادثات عن نزع السلاح الشامل، والتي كانت مستمرة منذ سنوات.

بين الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، تم عقد أربعة لقاءات سرية في البيت الأبيض، حضرها فقط المترجمون والمدونون، دون الإفصاح عن محتوى المحادثات. كما تبادل الرجلان رسائل سرية عديدة، بلغت 12 رسالة بعد لقائهما الأول في جنيف، و15 رسالة بعد لقائهما الثاني في رايكيفيك، و40 رسالة في المجمل، بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية التي لم يُعلن عنها ، وكانت هذه التواصلات قد أسفرت عن تحقيق الرئيس الأمريكي للعديد من المطالب التي طرحها على الحكومة السوفيتية خلال حملته الانتخابية وبعد توليه السلطة في البيت الأبيض.

 

كان من بين المطالب التي وجهها ريغان إلى كورباجيف سحب الجنود السوفيت من أفغانستان ، ولم يتردد كورباجيف في تنفيذ هذا الطلب، متجاهلا عواقبه الوخيمة، فلم يكن سحب القوات سيؤدي إلى انهيار الحكومة الأفغانية الصديقة للاتحاد السوفيتي فحسب، بل سيعرض رئيسها وأعضاء حكومته للقتل على يد طالبان الإرهابية ، وهذا ما حدث بالفعل، فقد قُتل زعيم أفغانستان والعديد من أعضاء حكومته بعد انقلاب طالبان، كان بإمكان كورباجيف حماية حلفائه وأصدقائه في أفغانستان، لكنه تخلى عنهم، وكذلك فعل مع باقي المطالب التي استجاب لها ريغان دون أن يعلن عن وجود اتفاق مسبق بينهما.

 

وفي المقابل لم ينفذ الرئيس رونالد ريغان التعهدات التي قطعها لكورباجيف والتي قيل عنها أخيرا بكونها تعهدات شفاهية وبين تلك التعهدات ما يتعلق بامن الدولة السوفيتية لكن الرئيس ريغان لم ينفذ منها أي تعهد خلال وجوده في البيت الأبيض وهذه عينة منها :

1- تحديد عدد الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية التي اضافتها الولايات المتحدة الى ترسانتها النووية.

2- حل حلف الناتو بالتزامن مع حل حلف وارشو

3-عدم قبول دولة في حلف الناتو لها مشاكل حدودية مع روسيا.

4- عدم قبول الدول الاشتراكية السابقة أعضاء في حلف الناتو

5- عدم استضافة قواعد عسكرية أمريكية في دول اشتراكية سابقة.

6- عدم اقامة قواعد للصواريخ الأمريكية الموجهة في الدول الاشتراكية السابقة.

7- المساعدة في بناء الاقتصاد الروسي وفق نموذج مشروع مارشال الذي طبقته الولايات المتحدة في أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية.

8- اعتبار البحر الأسود بحرا روسيا ولا يسمح للدول الأخرى استخدامه للاهداف العسكرية أو المناورات الا لفترة لا تزيد عن أسبوعين دون موافقة روسيا مسبقا.

 

كورباجيف لم يكشف عن تعهداته ولكن ما حدث في الواقع أظهر بعضا من تلك التعهدات التي أدت إلى انهيار النظام الاشتراكي، فقد سحب أولا القوات السوفيتية من دول أوروبا الشرقية والوسطى ، وتنازل عن دول البلطيق الثلاثة ليتوانيا ولاتفيا وأستونيا دون ضمانات للروس المقيمين هناك او مراعاة امنهم . وفي آخر اجتماع له مع دول مجلس التعاضد الاقتصادي وحلف وارشو أعلن عن حل هاتين المنظمتين متجاهلا رأي شعوب تلك الدول في البقاء ضمن هذه التحالفات كحماية من أي هجوم مثل الذي شنته ألمانيا النازية عام 1939. وقبل ذلك نظم عملية التخلص من رئيس رومانيا جاوشيسكو في مسرحية ادعى فيها أن محكمة خاصة أصدرت حكما باعدامه وزوجته لأنه طالب بعقد مؤتمر عام للاحزاب الشيوعية في العالم لبحث برنامج كورباجيف الاصلاحي واتخاذ موقف موحد حوله، ولأن هذه الدعوة كانت تعرقل مساعي كورباجيف لإنهاء النظام الاشتراكي وهو أمر تم التوافق عليه مع الرئيس ريغان فقرر التخلص من الرئيس الروماني.

 

لقد اشادت امبراطوريات الاعلام الغربية بكورباجيف بكونه رجل التغيير الداهية الذي كان له القدرات الخارقة للتأثير على الرئيس رونالد ريغان وكسبه الى جانب برنامجه الاصلاحي.ولم تتردد بعض حركات اليمين السياسي التي تضم الاحزاب السياسية البرجوازية في أوربا الغربية خاصة من ابداء علامات النشوة والفرح بما سموه بالتغيير التاريخي والاشادة بقدرات كورباجيف الاستثنائية لاصلاح الاشتراكية ولعلهم كانوا على علم بان الرجل لم يسع لاصلاح الاشتراكية بل لانهائها وفي هذا يكمن سر نشوتهم وسعادتهم وليس في اصلاح الاشتراكية.

 

في ختام زيارته لموسكو عام 1988، التي كان يطلق عليها "عاصمة إمبراطورية الشر"، ألقى ريغان كلمة في حفل تكريمي له في قاعة لينين بجامعة موسكو، وفي كلمته، دعا إلى الانتقال إلى الديمقراطية والحرية الفردية واقتصاد السوق، واستشهد ببيت من شعر الشاعر الروسي بوشكين قائلا: "حان الوقت يا صديقي، حان الوقت يا صديقي" ، " It is time my friend, It is time my friend " وبهذا البيت، خاطب  الطلبة داعيا " ان وقت الحرية قد حان فاحزموا أمركم وثوروا على النظام" النظام الذي خلق من دولة عبيد الأرض أقوى ثاني دولة في عالم اليوم.

ادم عربي

 

المراجع :

1- " Obama and The and The Secret War on Laos " Peter Symonds

2- Paul Johnson " What Was Pope John Paul Second Role In The Fall of The Soviet -union-"

3- Ronald Hilton – " The Collapse of The Soviet -union- and Ronald Reagan"

4- Jason Salton-Ebin " Recently Released Letters Between Reagan and Gorbachev Shed Light on The End of Cold War" The World Post ,29-4-2013

5- David K. Shipler " Reagan and Gorbachev Sign MissleTreaty and Vow to Work For Greater Reductions" New York Times, 9-12- 1987

6- Reykjavik Summit, 11-10-1986, Encyclopeadia Britanica

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.