اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• العمارة المستدامة الخضراء

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مقالات اخرى للكاتب

العمارة المستدامة الخضراء

 

لقد دخل مفهوم "العمارة المستدامة الخضراء" حيز الاستعمال والرواج والانتشار في الأوساط المهنية في قطاع العمارة والعمران في الدول الصناعية المتقدمة في التسعينيات من القرن المنصرم، ولكن جذور هذه الحركة يمكن تتبعها لسنوات طويلة من عصور سابقة. فقد كانت هنالك  محاولات لأستغلال الموارد المتاحة بما فيها الأرض ومواد البناء المحلية بكفاءة عالية، كما أنها قدمت معالجات بيئية ذكية أسهمت إلى حد كبير في خلق توافق بيئي بين المبنى والبيئة المحيطة . اضافة الى توظيف الإستدامة التي تعتبر واحدة من أهم الاعتبارات التي يتم أخذها بالحسبان عند مزاولة المعماريين والمهندسين للمهنة في الدول الصناعية المتقدمة وبعد أن اعترف العالم بالارتباط الوثيق بين التنمية الاقتصادية والبيئة، وقد تنبه المتخصصون إلى أن الأشكال التقليدية للتنمية الاقتصادية تنحصر في الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية وفي نفس الوقت تتسبب في إحداث ضغط كبير على البيئة نتيجة لما تفرزه من ملوثات ومخلفات ضارة. ومن هنا ظهر مفهوم التنمية المستدامة

التي تـُــعرّف على أنها تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون الإضرار بقدرة " الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها". وقد أولت معظم دول العالم في العقد الأخير من القرن المنصرم عناية خاصة واهتماماً واسعاً بمواضيع حماية البيئة والتنمية المستدامة،

 وقد أصبح الحديث عن العمارة الخضراء والمباني المستدامة من الأمور المألوفة في الأوساط المهنية الهندسية ، وكان ذلك متزامناً مع القلق المتزايد بشأن التأثيرات السلبية للبيئة المشيدة على الحالة البيئية لكوكبنا الأرضي، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المتفاقمة نتيجة لارتفاع تكاليف الطاقة ومواد البناء. ولذلك فقد تبنى المهنيون بأنفسهم تجريب مصادر الطاقة البديلة، وتطوير تقنيات خفض استهلاك الطاقة في المباني، وتقليل المخلفات والملوثات الصلبة والسائلة والغازية، بالإضافة إلى تطوير مواد وأساليب جديدة للتصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة.

وبهذا الصدد، يقول المعماري (جيمس ستيل) في كتابه "العمارة الخضراء": "...الإستدامة تتطلب توظيف المهارات التي يستعملها المعماري بشكل أفضل كالتحليل، و المقارنة، و التشكيل، والاستنتاج وهي تقود إلى الخيارات الجمالية"
لابد من التأكيد على أن مفاهيم وتطبيقات الإستدامة في قطاع العمارة والعمران ليست ترفاً علمياً وإنما هي أسلوب عملي جديد للممارسة المهنية أثناء التصميم والإشراف. الإستدامة وهي واحدة من أهم الاعتبارات التي يتم أخذها بالحسبان عند مزاولة المعماريين والمهندسين للمهنة في الدول الصناعية المتقدمة، وقد أصبح الحديث عن العمارة الخضراء والمباني المستدامة من الأمور المألوفة في الأوساط المهنية الهندسية في الكثير من الدول الصناعية المتقدمة، وكان ذلك متزامناً مع القلق المتزايد بشأن التأثيرات السلبية للبيئة المشيدة على الحالة البيئية لكوكب الأرض، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المتفاقمة نتيجة لارتفاع تكاليف الطاقة ومواد البناء. ولذلك فقد تبنى المهنيون أنفسهم تجريب مصادر الطاقة البديلة، وتطوير تقنيات خفض استهلاك الطاقة، وتقليل المخلفات والملوثات الصلبة والسائلة والغازية، بالإضافة إلى تطوير مواد وأساليب جديدة للتصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة. يقول المعماري جيمس ستيل في كتابه "العمارة الخضراء": "...الإستدامة تتطلب توظيف المهارات التي يستعملها المعماري بشكل أفضل كالتحليل، المقارنة، التأليف، والاستنتاج وهي تقود إلى الخيارات الجمالية التي لها أساس في الحقيقة بدلاً من الأنماط التشكيلية...".
لابد من التأكيد على أن مفاهيم وتطبيقات الإستدامة في صناعة البناء ليست ترفاً علمياً وإنما هي أسلوب عملي جديد للممارسة المهنية أثناء التصميم والإشراف. قبل كل شيء يجب أن نثير بعض الأسئلة عن الطرق المتبعة في تصميم وبناء مساكننا ومنشآتنا المعمارية، وما هي القرارات التصميمية التي يتخذها المعماري والمهندس عند بلورة فكرة التصميم واختيار أنظمة ومواد البناء، هذه القرارات التي تتخذ على عجل في أروقة المكاتب الهندسية والاستشارية تبدو ظاهرياً سهلة وروتينية، ولكنها في الحقيقة أصبحت تشكل خطورة كبيرة من حيث أنها تؤثر وبشكل مباشر على مستقبلنا البيئي والصحي والاقتصادي. ومعظم هذا القلق ينتهي إلى استعمال الموارد وأهمها الطاقة التي أصبحت تشكل عبئاً اقتصاديا كبيراً على الأفراد والمجتمعات والحكومات. والطاقة المستهلكة في أنشطة البناء لا تتوقف على عمليات التشغيل التقليدية لأن الطاقة مجسدة في مواد البناء نفسها، في استخراجها من الطبيعة وتصنيعها ونقلها وتركيبها وتجميع الفاقد والتخلص منه، وبعد ذلك تأتي عمليات التشغيل المتواصلة وتصبح الطاقة عبئاً اقتصادياً وبيئياً في نفس الوقت بسبب التلوث الناجم عن غازات البيت الزجاجي والانبعاث الأخرى. ثم هناك خسارة الجمال الطبيعي وتدمير الأنظمة الحيوية واستنزاف الموارد البيئية، وهذه جميعها تتزامن مع عمليات استخراج موارد الطاقة وخامات مواد البناء من الطبيعة

أن تفعيل تطبيق مفاهيم وممارسات الإستدامة والعمارة الخضراء في صناعة البناء لا يمكن أن يتم إلا عن طريق المعماريين والمهندسين المؤهلين في هذا المجال، وهو ما سيقود إلى إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل البيئية والاقتصادية والوظيفية
إن "العمارة الخضراء" "والمباني المستدامة" ليست ترفاً أكاديمياً، ولا توجهاً نظرياً أو أماني وأحلام لا مكان لها من الواقع، بل إنها تمثل توجهاً تطبيقياً عالمياً وممارسة مهنية واعية بدأت تتشكل ملامحها وأبعادها بشكل كبير في أوساط المعماريين والمهندسين المعنيين بقطاعات البناء في الدول الصناعية المتقدمة. وقد قطعت تلك الدول أشواطاً طويلة في هذا المجال وهناك تزايداً ملحوظاً في الإقبال على هذا التوجه من قبل عموم الناس في ظل الاهتمام المتواصل من قبل المهنيين أنفسهم.

يوجد في الدول الصناعية الكثير من المباني الكبرى التي تجسد مفهوم العمارة المستدامة الخضراء التي تقلل من التأثيرات على البيئة، ومنها مبنى برج (Conde Nast) المكون من (48 طابقاً) في ساحة التايمز في نيويورك، وهو مصمم بواسطة (فوكس وفول معماريون). إنه يعد أحد الأمثلة المبكرة التي طبقت مبادئ العمارة المستدامة الخضراء في مبنى حضري كبير، وقد استعملت فيه تقريباً جميع التقنيات التي يمكن تخيلها لتوفير الطاقة. فقد استخدم المبنى نوعية خاصة من الزجاج تسمح بدخول ضوء الشمس الطبيعي وتبقي الحرارة والأشعة فوق البنفسجية خارج المبنى، وتقلل من فقدان الحرارة الداخلية أثناء الشتاء. وهناك أيضاً خليتان تعملان على وقود الغاز الطبيعي تزودان المبنى بـ (400 كيلو واط) من الطاقة، وهو ما يكفي لتغذية المبنى بكل كمية الكهرباء التي يحتاجها ليلاً، بالإضافة إلى (5%) من كمية الكهرباء التي يحتاجها نهاراً. أما عادم الماء الحار فقد أنتج بواسطة خلايا الوقود المستخدمة للمساعدة على تسخين المبنى وتزويده بالماء الحار. بينما وضعت أنظمة التبريد والتكييف على السقف كمولد غاز أكثر من كونها مولد كهربائي، وهذا يخفض من فقدان الطاقة المرتبط بنقل الطاقة الكهربائية. كما أن لوحات (Photovoltaic Panels) الموجودة على المبنى من الخارج تزود المبنى بطاقة إضافية تصل إلى (15 كيلو واط). وداخل المبنى تتحكم حساسات الحركة بالمراوح وتطفىء الإضاءة في المناطق قليلة الإشغال مثل السلالم. أما إشارات الخروج فهي مضاءة بثنائيات خفيفة مخفضة لإستهلاك الطاقة. والنتيجة النهائية هي أن المبنى يستهلك طاقة أقل بنسبة (35-40%) مقارنة بأي مبنى تقليدي مماثل.
ومن الأمثلة الأخرى على العمارة الخضراء في شوارع مدينة لندن وهو البرج السويسري والمصمم بواسطة المعماري نورمان فوستر وشركاه، ويشير اللندنيون لهذا الصرح المعماري بأنه الإضافة الأحدث إلى خط أفق بمدينتهم العريقة، وهذا البرج المنتصب كثمرة الخيار يتكون من (41 طابقاً الشيء والرائع في هذا المبنى ليس شكله المعماري الجميل ولكن كفاءته العالية في استهلاك الطاقة، فتصميمه المبدع والخلاق يحقق وفراً متوقعاً في استهلاك الطاقة يصل إلى (50%) من إجمالي الطاقة الذي تستهلكه بناية تقليدية مماثلة. ويتجلى غنى المبنى بمزايا توفير الطاقة في استعمال الإضاءة والتهوية الطبيعيتين كل ما أمكن ذلك. وتتكون واجهة المبنى من طبقتين من الزجاج (الخارجية منها عبارة عن زجاج مزدوج)، والطبقتان تحيطان بتجويف مهوى بالستائر الموجهة بالحاسب الآلي. كما أن نظام حساسات الطقس الموجود على المبنى من الخارج يراقب درجة الحرارة وسرعة الرياح ومستوى أشعة الشمس، ويقوم بغلق الستائر وفتح لوحات النوافذ عند الحاجة. أما شكل المبنى فهو مصمم بحيث يزيد من استعمال ضوء النهار الطبيعي، ويقلل من الحاجة للإضاءة الاصطناعية، ويتيح مشاهدة مناظر خارجية طبيعية حتى لمن هم في عمق المبنى من الداخل.
أما المبنى الأخضر الأكثر شهرة فهو موجود مؤقتاً على "لوحات الرسم وذاكرات أجهزة  الأظهار المعماري الرقمية" لحين إكمال مراحل إنشائه وهو برج الحرية الذي سيتم بناؤه في الموقع السابق لمبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك. المعماريون المصممون سكيدمور وأوينجز وميريل وإستوديو دانيال ليبيسكيند (Skidmore, Owings & Merrill and Studio Daniel Libeskind) قاموا بدمج مزايا التصميم البيئي في جميع أرجاء المبنى الضخم. وسيحوي البرج الرئيس والذي سيرتفع (1.776 قدم) الألواح الشمسية بالإضافة إلى محطة طاقــة هوائية (تعمل على الرياح)، التوربينـات يتوقـع أن تولـد حوالي (1 ميجا واط) من الطاقة، وهو ما يكفي لتغذية البرج بنسبة (20%) من احتياجه المتوقع من الطاقة. ومثل المباني الخضراء الأخرى فإن البرج سيعتمد على الإضاءة والتهوية الطبيعيتين، بالإضافة إلى أنظمة وعناصر الإنارة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة

 فالمعماريون والمهندسون هم بمثابة الدارسين والموجهين للأدوات الفاعلة التي تستطيع توطين هذه التقنيات وتأصيلها كممارسات مهنية أثناء تصميم مشاريع المباني والإشراف على تنفيذها. وهذا بدوره يتطلب الاهتمام بالتعليم المعماري والهندسي في جامعاتنا بحيث تصبح كليات العمارة والهندسة "حاضنة" لتوجه العمارة الخضراء والمباني المستدامة.
من المنظور المهني، ومن أجل إيجاد الحلول البيئية والاقتصادية للمشاكل التي يعاني منها قطاع البناء ولهذا فنحن نقول اننا بحاجة ماسة إلى تغيير الأنماط التقليدية المتبعة في تصميم وتنفيذ مبانينا لجعلها أكثر استدامة، وهذا التغيير المطلوب يجب أن يبدأ من العنصر الرئيس في عمليات صناعة البناء وهو المعماري والمهندس المصمم، أما وسائل إحداث هذا التغيير فهي كما أسلفنا تنبع من العملية التعليمية في كليات العمارة والهندسة، وتتواصل أثناء الممارسة من خلال التعليم المستمر والتدريب والتأهيل المهني في هذا المجال.

 

 

إن "العمارة الخضراء" "والمباني المستدامة" ليست ترفاً أكاديمياً، ولا توجهاً نظرياً أو أماني وأحلام لا مكان لها من الواقع، بل إنها تمثل توجهاً تطبيقياً عالمياً وممارسة مهنية واعية بدأت تتشكل ملامحها وأبعادها بشكل كبير في أوساط المعماريين والمهندسين المعنيين بقطاعات البناء في الدول الصناعية المتقدمة. وقد قطعت تلك الدول أشواطاً طويلة في هذا المجال وهناك تزايداً ملحوظاً في الإقبال على هذا التوجه من قبل عامة الناس

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.