اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• نحن .. علمانيون و متدينون .. لماذا نخاف من بعضنا ؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مقالات اخرى للكاتب

نحن .. علمانيون و متدينون .. لماذا نخاف من بعضنا ؟

 

توصلا مع الحوار و السؤال الذي أثاره مركز المثقف العربي :

لماذا يخشى الليبراليون فوز الاسلاميين اذا كانت الديمقراطية تعكس ارادة الشعوب؟

 

استجابة لدعوة كريمة وصلتني من مركز المثقف العربي حول موضوع السؤال أعلاه فقد بعثت بتعليق مقتضب بما يتناسب مع مساحة مستطيل التعليقات المعد لهذا الغرض والذي نشر مع مجموعة من تعليقات متنوعة ، وبعدما لمست أن هذا الرد لم يكن يتناسب مع أهمية الموضوع الراهن الذي نتحدث عنه ..لذلك فأنني أحاول الآن أن أتلافى ما قد حصل من ايجاز و أحاط تعليقي باللبس والغموض.  .

ولا أدري هذه المرة هل ستتفضل صحيفة المثقف بنشر هذه المقالة أم ستخذلني  مرة أخرى ، مثلما فعلت بالفترة الأخيرة و أهملت أكثر من ثمانية نتاجات أدبية و ثقافية أرسلتها اليها ، في حين انها  وجدت طريقها للقراء من خلال مواقع أخرى ،انني مستمر لحد الآن على ارسال نتاجاتي المتواضعة الى هذه الموقع الذي أقدر فيه تميزه و لما تربطني مع كتاب هذا الموقع من علاقات طيبة لا أود لها انقطاعا..

 وقد يكون من مسببات عدم النشر   هو ان العنوان الذي اراسل الصحيفة عليه قد تبدل وانا لازلت استعمل الملغي 

 

أو ان نتاجاتي الثقافية و الأدبية والتي تنشر في أكثر من موقع لا ترقى الى المستوى المتقدم الذي وصل اليه موقع المثقف من رصانة علمية وتميز ثقافي وأدبي مرموق .. او هناك اسباب أخرى يصعب علي تكهنها .. 

وبالعودة الى عنوان هذه المقالة ، فانني أستطيع أن أجزم باننا في اعلامنا في الغالب يغرينا طابع الأنبهار و الأثارة والفانتازيا في طروحاتنا لأفكارنا وتوجهاتنا ، من دون محاولة لتقطير المفاهيم الأساسية في أذهان قارئينا ومستمعينا .. ويرجع ذلك في رأيي الى عجزنا عن القدرة في تبسيط المعرفة العلمية التي نتمنطق بها ، خاصة بعد أن أصبحت تتسم بالتعقيد الزائد .. وقد استطيع القول بأنه يندر بيننا من يجمع بين أصالة المعرفة و دقة المصطلح وسلامة الأسلوب العلمي .. وبهذا الصدد أريد أن أوضح اللبس الحاصل بين المصطلحات التي استعملت في موضوع الحوار الذي أطلقته صحيفة المثقف العربي ..

  ، اننا نعلم جميعا بأن العلمانية كانت قد سبقت الليبرالية بقرن من الزمان تقريبا و  كان همها الأساسي هو السعي للفصل بين الدولة بمؤسساتها وقوانينها وبين الدين الذي لم تحاول أن تلغيه كشأن شخصي وحرية فردية يجب احترامها ، ومن هنا فانني أرى بأن الليبراية  وهي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة و هي اوسع أفقا واكثر سعة وأكثر انطلاقا لانها آسست لمشروع انساني اكبر قائم على الفردية والجماعية صعودا الى كل ما يمت لهذه الحياة بصلة سواء بالسياسة او الاقتصاد او الاجتماع او بالفنون والاداب.. من ذلك يجب أن يحدد المثقفون  في بلداننا انتماءهم الى الليبراليين او الى العلمانيين لكي يستطيعوا أن يقيموا حوارا مشتركا مع المتدينين ( الأسلاميين او غيرهم من الأديان الأخرى ) وبما أن الليبرالية تمثل مصطلحا فضفاضا يتسع ما يتسع من الممارسات الأنسانية باختلاف الأزمنة والأمكنة ، لذلك فانني أفضل التحدث عن العلمانية وممثليها ، لأن هذا المصطلح هو أكثر وضوحا وتحديدا   .. إذاً توجد حاجة لايجاد صيغة تضبط العلاقة بين التيارين. وان من مصلحة الفكر العلماني أن يجد هو الآخر صيغة تضبط علاقته مع الفكر الديني، حتى تزداد فاعليته على الساحة العربية . كما عليه التصدي لمن يزعمون بأن الدين مضاد للعقلانية والعلمانية. وهنا تتعلق المسألة بفكر العلمانية وعلاقته بالفئات الإجتماعية، وفي سمته الغالبة ، فهو فكر نخبوي، لا يمتلك الفاعلية على الساحة الإجتماعية. وكل فكر نخبوي يفشل في إقامة الصلات بينه وبين فكر الثقافة الشعبية مصيره حتماً الى الزوال.

والأسئلة التي سبق وأن تم طرحها على التيار الديني، يمكن لنا أن نعود ونطرحها على العلمانيين، عن القيم التي ينادون بها وهل هي مطلقة، خالدة أم نسبية تختلف من مكان الى مكان ومن زمن لآخر؟ وهل القيم مُنزّلة من السماء؟ أم هي من صنع الإنسان الكائن على الأرض؟ وما هو مصدر الإلزام الأخلاقي؟ هل هو الإنسان من داخله أم قوانين المجتمع وأعرافه من داخله؟

ولما كانت الثقافة التي بتحلى بها ويمثلها العلمانيون ، وهي ضامن رئيسي لتحضر المجتمع و المظهلر الأكمل للرقي و الازدهار ، والعامل الديناميكي الذي يستطسع تحرير الأنسان و انقاذه من حالة الرتابة و الجمودو الكسل ، فهي اذا لاتختلف في مفاهيمها و منطلقاتها ، ودلالاتها عن الدين في رسالته الجوهرية ، اذ يدعوان كلاهما الى التربية و التعذيب و الأخلاق ، والى اعادة بناء الفرد والمجتمع .

يجزم علماء الأجتماع (الأنثروبولوجين) بأن الانسان ميال بغريزته الى أن يكون صاحب ديانة أو نظام روحي ، و يصفونه بأنه الكائن الثقافي المتدين بالطبع، وذلك لكونه فريد في مقدرته وبذلك يجب الحرص على فهم الأنسان من هذا المنطلق ، وعدم حرمانه من الحرية في التفكير والتعبير عن نفسه  وعن الأمور الثقافية و الروحية

لكن الدين اذا اراد من يمثلوه أن ينحرف عن مساره ، وينقلب على اصوله ، فلا يمكن أن يكون الا مصدرا للتخلف و الانحطاط ، وكذلك ثقافة بعض  العلمانيين ، اذا ما  انحرفت هي الأخرى عن مسارها ، فانها تتحول الى ثقافة منحرفة ومزورة ، لا تنتج سوى متقولين و أنصاف متعلمين  ، وتصبح بالتالي من دون أصالة حقيقية ، لذلك فعلى العلمانيين الا يبعدوا الثقافة الروحية و التراثية عن موضوعاتهم ، كما ان الدين لايمكن له أن يبعد الثقافة المنفتحة عن مجالاته

في المرحلة الدقيقة التي تمر بها مجتمعاتنا العربية ، أرى اننا اليوم بأمس الحاجة الى النهضة ، و الاصلاح الديني و الثقافي ، وتجاوز الفهم الأحادي و المتعسفلقيم الدين و الطعن المقصود والمباشر بالثقافة المنفتحة و بالمثقفين و فالاصلاح ضروري للدين لانقاذه و تحريره من الجمود و القشؤية ، كما هو ضروري أيضا للثقافة المنفتحة لاعطائها الدافع القوي في النهوض و التطوير و التخلص من التبعيى للسلطات و التقاليد البالية ، وما يصيب مجتمعنا الحالي من جمود وتخلف ،ما هو الا نتيجة من نتائج الجمود في الفكر الديني ، وتحجر بعض رموزه الشخصية والدينية والثقافية على حد سواء ..

 قبل أن أنهي حديثي أود أن أشير الى فرضية"ميريتون"التي تقول بأن المذهب البروتستانتي كان وراء التقدم الهائل الذي حققه العلم الطبيعي في انكلترا ، وبفية بلدان أوربا ، بعد التخلص من القيود على العقل ، التي فرضتها الكنيسة الكاثوليكية.

وأخيرا علينا  في منطلقاتنا الا نتجاهل نوعية المتلقي المستهدف ، والذي يعيش حالياً في إزدواجية وضياع .. وأرى من المهم أن نسعى الى فض الخصومة المُفتعلة بين الدين وتوجهات العلمانية وعدم التسرع بإعلان القطيعة بينهما .  كل ما في الأمر  هو اننا تعوزنا بشكل عام مهارات الحوار ومناورات التفاوض بين الفكرين السائدين في مجتمعنا العربي.. وليس هنالك من داع لدينا لنخاف من بعضنا البعض ..  

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.