اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل الله فرض شروط لمحبته؟// يعكوب ابونا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يعكوب ابونا

 

عرض صفحة الكاتب 

هل الله فرض شروط لمحبته؟

يعكوب ابونا

 

  كان أفلاطون هو أول من شرح فكرة المحبة فيما يسمى بالحب العذري أو الحب الأفلاطوني. فهو الحب العفيف الذي لا يدخل به أي علاقة جنسية. وبحسب معلمه سقراط، فإن هذه المحبة هي أساس الحب التي تمثل العلاقة بين البشر والألهة. وبناء عليه، فإن أسمى علاقة بين شخصين هو هذا النوع من الحب الذي يماثل حب الألهة البعيد عن الشهوات. بالتالي، اعتبر أفلاطون وجود نوعين من الحب، الحب المبتذل (إيروس) والحب الطاهر (المحبة ).. 

 

   من المعروف بان البشرية عبر تاريخها الطويل مرت في عالم مختلف الحضارات والثقافات والاجناس والعقائد والمفاهيم ، فمن الطبيعي ان تتزاوج المعرفة بين الشعوب وتنتج مرادفات فردية واجتماعي، لان في معرفتنا خصائصنا التي تشكل التراكم الكمي من العادات والتقاليد والاعراف التي اخذت جانبا مهما من عقائدنا الدينية لتمارس كطقوس متوارثه، ضانين ان محبة الله مشروطة، شروطها هي ممارسة تلك الطقوس والاعمال،..

  تطورت هذه الممارسات عبر الزمن لتشكل اساس العقائد الدينية والقناعات الوجدانية لدى الشعوب . فكان الاصل الظواهر الطبيعية والخوارق المادية تحيط بالانسان من كل جانب وبسب التركيبه السيكولوجية للانسان وجد نفسه ضعيفا امام تلك الظواهر، فملات تخيلاته الفكرية بان هذه الظاهرة لابد ان مرجعها هو قوى فاعله قد تكون هي خالقة لهذا الوجود الكوني، عاقلة ولها القدرة على السيطرة على كل هذه الاشياء والعناصر والكائنات،. .

 

    قاد هذا الفكر الى تاملات وجدانية بخصوص تلك القوى، والى كل ما لم يستطيع الانسان ادراكه والوصول اليه جعله الها له، فوجد بان ترضية هذا الاله القوي والمسيطر ضرورة مطلوبه تستوجب كسب وده ومحبته ليلبي طلباته واحتياجاته، ومن ناحية اخرى كون هذا الاله يمتلك قوة الخلق والسيطرة والنفوذ وتحاشيا وتجنبا من غضبه وشرور اتباعه والمخاطر التي قد يسببها له هذا الاله عن طريق مخلوقاته التي يسيطر عليها، فكانت فكرة ممارسة الطقوس وتقديم القرابين والنذور والطاعة من اساسيات العبادة التقربية الى الله،.. وكمثال بسيط لمثل تلك الممارسات، كانت بعض الشعوب تقدم الاطفال قرابين تحرق كنذور على موقد متقد (نار) تقربا الى الله. وكانت هناك شعوب وجدت بان تقديم الذبائح الحيوانية (الاضاحي) عوضا عن دم البشر تقربها الى الله وتمنحها المغفرة لخطاياهم.....

 

  هذه الصنمية تطورت لتأخذ بعدا لاهوتيا اكثر عندما وجدوا بان ترضيه الله ومقبوليته تتم بشرائع وطقوس ملزمه اعدها رجال الدين بصيغ قهرية وبشكليات لا يمكن تجاوزها بل المطلوب طاعتها والتقيد بتنفيذها ، لان الخروج عنها هو الخروج عن الدين وتمردا على الله . بهذا استطاع رجال الدين السيطرة على عقول الناس بصيغ شرعية لا مناص من قبولها، فبسم الله شرع وابيح القتل وحلل الذبح وبورك السلب والنهب والتهجير والاغتصاب والنكاح وغيرها من الشرور، لان التقرب الى الله عند هؤلاء هو فعل مشروط بالعمل الجهادي والتضحية بالنفس والروح..؟؟!! من اجل تحقيق تلك (الشرور) ولكن بالنسبه لهم هي فروض مشروطة تقربا الى اله لانها تحقيق المساومات الشرعية العادلة بين ما تعمله على الارض باسم الله تقربا منه وكسب محبته ، وما يتوقعونه من ذات الاله ان يجازيهم ويعوضهم عنه بديلا من متع وملذات في السماء.؟؟!! 

   هذه السلوكيات اصبحت شروط طقسية عبادية ضمنتها القوانين والانظمة، يمارسها البشر بمحورية وضمن المشروطية الافتراضية، لتاخذ في مرحلة تاريخية مفهوم ميتافيزيقي باعتبار هذه الطقوس والعبادات خاضعة لمفهوم الناموس والشريعة ، وهذا ما اسقرت عليه العبادة اليهودية، مثلا ..

  اما عند المسيحيين فان الاعتقاد بان اعمال الناموس والناموس نفسه ليست له قوة الخلاص ، بل كان العمل بالناموس مرحلة من حياة البشر "شعب الله المختار" كمفهوم لاهوتي تهيئ هذا الشعب لقبول مجي المسيح والاعتراف به كمسيا المنتظر، ولكن في الواقع لازالت هذه الطقوس تمارس حتى بعد مجئ المسيح، رغم تنبيه البشير يوحنا 1 : 17  لأن الناموس بموسى أعطي. أما النعمة والحق فبيسوع المسيح  صارا .

   فالمسيح حق وبالحق حررنا من الناموس وقيود الناموس، يقول الرسول بولس  رومية 7 : 6 واما الان فقد تحررنا من الناموس، اذ مات الذي كنا ممسكين فيه، حتى نعبد بجدة الروح لا بعتق الحرف".. ’.

 

     اما ان المسيح حررنا فيجب ان نعرف من من ّحررنا ؟؟ كون مفهوم التحرر مرتبطة وجودا وعدما بالعبودية، المسيح حررنا من اسوء انواع العبودية تلك التي يكون الانسان بارادته تحت سيطرتها ونفوذها ، واخطر انواعها هي عبودية الخطية، فيكف نعلم اننا استفدنا من تحررنا من الخطية؟؟ . لكي نفهم البعد اللاهوتي لتحررنا هناك معيار بسيط لقياس ذلك ، وهو عندما نجد النفس لا تعود تجري وراء أوهام باطلة يتطلبها الجسد ، لان الروح القدس يعطي استنارة فنختار المسيح الفادي دون العالم الباطل الذي به كل شيء متاح ولكنه بدون شبع حقيقي ، لان الجسد لا يشبع مطلقا مهما اتاح له وان تيسرت له كل الاشياء وامتلكها، فالذي يشبع الانسان هو تلك النعمة الذي منحها ايانا الرب يسوع المسيح، فالمؤمن الحقيقي هو الذي يعيش بهذه النعمة مندفعا بالروح القدس الذي في داخله ومعه ،اليوم نحن نعيش بزمن النعمة لاننا بالنعمة مخلصون..

   بالنعمة يمتنع الإنسان عن الخطية بإرادته الحرة حبًا في المسيح. وهذا الحب يجعل المؤمن خليقة جديدة لها قوة مستمدة من المسيح الذي يحيا فينا. لذلك يضع الرسول يوحنا الناموس في مقابل النعمة. لأن الناموس يدين والنعمة تعين وتخلص. صحيح الناموس شَخَّص الخطية وبين حكمها بان من يرتكبها يموت .. ولكن المسيح اعطانا بالمقابل النعمة التي هي هبة مجانية لانستحقها، ولكن نستمتع بها ونعيشها عندما ندرك ونؤمن باننا مخلصون بيسوع المسيح ، وليس بغيره،. لا بتقدماتنا ولا بالصوم والصلاة والنذور والفرائض كلها لا تمنحنا حق التمتع بمحبة الله ونيل الخلاص، لان الاعتقاد بان الاعمال الصالحة تفيد للخلاص ، نكون بهذه الحالة ننكر عمل الفداء الذي قدمه المسيح على الصليب ، يقول الرسول بولس في افسس 2 :8 و9 " 

أَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَة مُخَلَّصُونَ، بِٱلإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللهِ ليس من اعمال كي لا يفتخر احد "..   

اذا اعمالنا الصالحة التي نمارسها والطقوس التي نقوم بها كاننا نضن انها ترضي الله؟؟ ونساوم الله عليها بترضيته ومحبته ، نحن نقدم لك هذا وانت تقدم لنا كذا؟؟ وهذا لايمكن ان يكون لان هذا يقودنا الى مشروطية محبة الله وهذا غير صحيح ،  لان محبة الله غير مشروطة لأن طبيعته الله هي أن يحب (يوحنا الأولى 4: 8)، وتلك المحبة تدفعه إلى عمل الخير، وبهذا الصدد يقول الرسول بولس في رسالته الى اهل رومية 5 : 8 " : وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا." ... اذا موت يسوع المسيح على الصليب اعاد العلاقة بين الله والانسان ، وهذا يؤكد بان اعمالنا لا تفيدنا ولا يمكن ان تعيد تلك العلاقة التي انقطعت بسبب الخطية،؟؟. لان (الجميع زاغوا وفسدوا معاً ليس من يعمل صلاحا ليس ولا  واحد ( رومية 3 :12 ) .. فكوننا خطاة فلازالت عداوتنا مستمره مع الله ، ففي هذه الحالة الذي يعوزنا فعلا ونحن بامس الحاجة له هو مجد الله  "رومية 3 : 23 ".. لان الله منح محبته لنا ليس لاننا احببناه بل هو احبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا، هكذا يقول برسالته الاولى البشير يوحنا 4 : 10 " .. قد يسال البعض ما مصلحة الله من هذه التضحية؟؟. الحقيقة التي يجب ان نعرفها بان محبة الله لنا نابعه من طبيعته وصفته وجوهره كونه هو محبة،

 في رسالة (يوحنا الأولى 4: 8)، يقول "ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة".

وتلك المحبة تدفعه للصلاح لكل بني البشر. وهذه هي العقيدة المسيحية التي نبني عليها خلاصنا ، وهي اخر وصية أعطها الرب يسوع المسيح لتلاميذه.

 قال لهم (وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضًا بعضكم بعضا) (يو 13: 34)

 وقال الرب يسوع المسيح انّ من يُغفر لهم كثيرا يحبّون كثيرا "لوقا 7:47

  واهمية المحبة يحدثنا الرسول بولس برسالته الاولى الى اهل كورنثيوس 13 : 13 أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ. (1كو13:13 ):

 

     لنتاكد من فرضية شروط  الله ؟؟ ..

 عندما نرجع الى اصل المسالة في الكتاب المقدس سنجد بان العكس هو الصحيح؟؟. علينا ان ندرك حقيقة واحدة وهي بان الله احبنا بدون اي شرط ، ومحبته ليست محبة وقتية اوعاطفية او متبادله ، بل هي محبة دائمة وثابته الى الابد لا تتاثر بما نحن عليه، بل مرتكزة على نعمة الله التي منحها لغير المستحقين بالرب يسوع المسيح.. وهي ليست ردت فعل لاعمالنا وطقوسنا التي نقدمها له؟؟ ، لانه احبنا قبل ان نحبه؟؟..  فمحبة الله لنا غير مشروطة باي شكل من الاشكال بل محبته مباحه للكل ، ومن حق الكل ان يستمتعوا بها ومن ينالها فهو محق بها ، لان الله، اظهر محبته فينا: فهواحب العالم قبل وبعد ان يخلقه، لذلك بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية  يوحنا 3 : 16 ". هَذَه هِيَ الْمَحَبَّةُ الحقيقية بدون مقابل : لَيْسَ لاننا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا." (يوحنا الأولى 4: 9-10).

 

   مفهوم المحبة في الكتاب المقدس ؟

يقول الرسول بولس برسالته الاولى الى اهل كورنثوس 4:13-8 "المحبة تتأني وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ. ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها. ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالأثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر علي كل شيء. المحبة لا تسقط أبدا.".....

  هذه هي المحبة بتعريفاتها الكتابية . مفرداتها يمكن تطبيقها بين البشر، مدلولها يرتقى بالبشر الى السمو القيمي والاخلاقي المادي الارضي ، ويعلو به للسماوات  ، الله يرغب بأن نكون في شركة معه في الحياة الأبدية في السماء. وجعل الطريق امامنا سالكه عندما دفع ثمن خطايانا. "..بمحبته يغفر لنا "أن أعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتي يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم." (رسالة يوحنا الأولي 9:1) ..

 الله كشف لنا عن محبته الغير المشروطة، اذ يقول عنها المسيح في إنجيل يوحنا: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." (يوحنا 15: 13). بالرغم من هذا العداء الذي نحمله نحن تجاه الله الا ان الله يعلن محبته تجاهنا عن طريق بذل إبنه، يسوع المسيح، لم ينتظر الله حتى نعدّل أنفسنا كشرط لكي يكفر عن خطايانا. بل، تنازل وصار إنساناً لكي يعيش وسط شعبه (يوحنا 1: 14). لقد إختبر الله بشريتنا ثم قدم نفسه طواعية كفارة عن خطايانا ... لذلك يقول اثبتوا في وانا فيكم يو15 : 4 " وثباتنا ان يكون المسيح فينا ونكون نحن بالمسيح  يقول الرسول بولس في رسالة غلاطية 2 : 20 مع المسيح صلبت، فاحيا لا انا، بل المسيح يحيا في. فما احياه الان في الجسد، فانما احياه في الايمان، ايمان ابن الله، الذي احبني واسلم نفسه لاجلي 2 : 21 لست ابطل نعمة الله. لانه ان كان بالناموس بر، فالمسيح اذا مات بلا سبب؟؟!! ..................

 النعمة والسلام لكم جميعا امين  ...

 يعكوب ابونا................................  27  / 4 /2023

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.