اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أحكام وليدة أنظمة مبادة ...وإلا ماذا؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا

 مقالات اخرى للكاتب

أحكام وليدة أنظمة مبادة ...وإلا ماذا؟

 

اعتادت قيادات بعض الدول في العالم الثالث ومنها الإفريقية والشرق أوسطية بصورة خاصة، والتي تتسلم الحكم عبر انقلابات عسكرية بتسمية عملية السطو على السلطة بالثورات التاريخية متباهية بها، ومنها ثورة قدميه أو شعبية، وقد تأتي بتسميات معاصرة كديمقراطية وتحررية، وبعبارات تشد السامع إليها، بتعداد جداول بالطموحات الشرعية لشعوبها بكذا و كذا مكاسب. وكانت تسرع بإذاعة البيان الأول، معلنة الفرحة الكبرى كما اعتادت على تسميتها وكأنها مفاجأ آت لشعوبها واهبة لها حقوق تاريخية لا مثيل لها بعد تغيير القيادات السابقة والإطاحة بها، وتسمية فترة حكم الأنظمة السابقة ب (المبادة). وكان هذه العملية جأت بكل ما هو جديد لحياة شعوبها الطموحة إلى التغيير والتطوير والعيش الرغيد، وبموجب كذا دستور معاصر لم تتمكن أية قيادة وحكومة في المنطقة سابقا تحقيق الازدهار الاقتصادي والأمني الاجتماعي وحرية الفرد في التظاهر السلمي وابدأ الرأي وبدون إكراه ومحاسبة أو تضييق من أجهزة الدولة الأمنية المتخصصة وغيرها. وفي طفولتنا وللمذاكرة، كنا قد سمعنا الكثير في فصلي الشتاء والربيع بهطول أمطار غزيرة وسقوط بلورات ثلجية (الحالوب) وسببت إبادة جميع حمولة أشجار الفاكهة في البساتين والكروم. وان فيضانات مدمرة اجتاحت مزارع وحقول خضراء وهلكتها مع قطعان من الماشية والحيوانات البرية والدواجن إلى جانب غرق العديد من القرى الصغيرة مع فقدان الكثير من سكانها.

وان حروب نشبت بين عدة دول ودارة بينهما معارك طاحنة وأبيد الكثير من أهالي مدن وقصبات وقرى عديدة. ولم ينج منها غير القليل من الآباء والأمهات العجز وأطفال رضع.

بمعنى إن (الإبادة) بمفهومها اللغوي والعملي هو القضاء على جميع مكونات أحياء الأرض بما فيها من النباتات والحيوانات والإنسان معا.

لو تمعنا جيدا إلى ما يحدث حاليا على ارض الواقع في كثير من دول المنطقة التي انطلقت فيها ثورات شعبية واستمرت أيام وأشهر وقدمت الكثير من الضحايا من الشباب والرجال وحتى من الأطفال، وتم إسقاط غالبية الحكومات التي كانت قائمة فيها ومنذ عدة عقود، ومنها ....تونس، مصر، ليبيا ولازالت ثورات مشعلة في كل من اليمن بشقيه الشمالي والجنوبي وسوريا والبحرين وقد تندلع ثورات في دول أخرى في المنطقة أجلا أو عاجلا.

وان ما تبثه الفضائيات المتعددة في نشراتها الإخبارية العادية والعاجلة معلنة فرار رأس النظام المباد ومقتل دكتاتور النظام المباد وإحالة رئيس النظام المباد إلى المحاكم المختصة لكذا دولة وغيرها. وكان الأمر انقلاب الأرض وبما فيها رأسا على عقب، وجيء بقيادات جديدة لا صلة لها بسابقاتها ولا من مجتمعاتها التي كانت قائمة.وتم نصب فلان من الفئة الفلانية كرئيس للدولة وأخر من الكتلة السياسية الفلانية كرئيس للوزراء، وأخر من الحزب الفلاني قائدا للجيش .... وهكذا يتم إعادة بناء هيكلية الدولة والمؤسسات الأساسية وفروعها من صلب المجتمع نفسه، وتستمر بإصدار القرارات الإدارية والتعليمات الأخرى وفق مضمون نفس الدساتير والقوانين السائدة في الأنظمة (المبادة)، والتي كثيرا منها شرعت وسنت قبل عقود وعقود من السنين ولم يطالها أي تعديل تماشيا مع روح العصر وحاجات المجتمع المتغيرة. لان ذلك لا يخدم الزمر الحاكمة السابقة ولا تقبل التخلي عن كرسي الحكم.

 

فان معنى حكمة (المباد) في نظرنا وفي هذه الحالات ليس بإسقاط رأس الهرم فقط، والحاشية الملتفة حوله والفئة المنتفعة منه والمتخمة بسبب الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمنسوبية، ومن الأصول الاجتماعية القريبة منه والبعيدة عنه. وكانت كل هذه الزمر تنظر إلى المجتمع وقواه الوطنية والتقدمية وكأنها حزمة من القصب اليابس، متى ما شاءت تبعثرها وتكسرها أو تحرقها متجاهلة حركة الشعوب والمتغيرات المطلوبة في كل عصر ووفق المقومات الحياتية المتجددة للمفردات اليومية.

وليس شعبنا العراقي بعيدا من هذه المحصلة المزرية بعد أن تعاقبت على حكمه زمر بعقليات مختلفة ومتعطشة للدماء وإقامة أنظمة استبدادية ظالمة لشعبها، ظلت تماطل وتراوغ بشتى الطرق الملتوية بغية استمرار حكمها الدكتاتوري الفردي وقوانين مختلفة.

وان غالبية شعوب العالم الثالث مبتلية بمثل هكذا حكام وأنظمة وراثية ومنها شعوب الدول العربية بدون استثناء وغالبية أنظمتنا جمهوريات صورية وليس غريبا أو بعيدا عن الشعب العراقي طيلة العقود الماضية بصدور بيانات وبيانات ب (البيان الأول) معلنة به و كالمعتاد .... بعد التوكل على الله والشعب وقواته المسلحة، ثم إسقاط الحكم الجائر وإزالة النظام (المباد) بثورة شعبية قومية .... وكانت المحصلة في جميعها سيول من الدماء لملايين من الشباب والرجال والنساء، وثم تصفية خيرة أبناء هذا الشعب وقادة أحزابه الوطنية والديمقراطية. ولم يخل بيت واحد ولم يفقد احد أبنائه وأكثر من جراء الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية مع الجيران طيلة المدة المذكورة. حتى جاء المحتل واسقط النظام السابق والأخير والذي كان من صنيعته منذ زمن بعيد. ولم يتغير حال الشعب عن سابقه إن لم يكن أسوأ منه والكل يئن من هول الإرهاب المنظم والذي يخلف يوميا عشرات الضحايا من الشهداء والجرحى، ما عدا تفشي الفساد الإداري والمالي والاضطراب الأمني والصراع بين الكتل الكبيرة على كراسي الحكم وبشكل مكشوف ولا احد يقرر، إن لم تراع مصلحة الوطن والشعب على المصلحة الفئوية والحزبية الضيقة والمحاصصة المذهبية. وإلا فأي نتيجة تتمخض عن الصراع والتحدي القائم بينها.

وأخيرا لابد أن نذكر وبكل احترام وتقدير الثورات الشعبية التي حصلت خلال القرن الماضي بالذات واتت بأنظمة جديدة لا بل بدلت وجه التاريخ لعقود عديدة. منها ما انتكست ومنها لازالت حية. كثورة العمال والجنود في روسيا الاتحادية في 7/أكتوبر/1917 والثورة الصينية التي انفجرت في أواسط العشرينيات من القرن الماضي وانتصرت في عام 1949 وثورة 14/تموز/1958 العراقية وثورة الشعب الجزائري عام 1959 والثورة الفيتنامية أواسط الخمسينيات والثورة الكوبية عام 1959 كخاتمة لثورات القرن المذكور.

ثم ثورات الربيع العربي التي انفجرت قبل عام ولازالت قائمة رغم عدم وضوح نتائجها لشعوبها، هل ستسرقها فئات دخيلة عليها ويقودها حكام ولدوا في رحم (الأنظمة المبادة) .. أم تتمكن قياداتها الشابة تحقيق النصر الحاسم لشعوبها. ؟

يوسف زرا

15/1/2012

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.