اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أ نزاعات إقليمية أم حروب مدفوعة الثمن؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا أ نزاعات إقليمية أم حروب مدفوعة الثمن؟

إذا كان الصراع في المجتمع الحيواني بصورة عامة، وفي المجتمع الإنساني بصورة خاصة، يعتبر ظاهرة بيولوجية طبيعية. فان الصراع بمفهومه السلبي يؤدي إلى عدم الاستقرار وضمان الأمن الجماعي لجميع الأحياء. ولابد أن يقود جميع الكائنات الحية إلى استمرار النزاع والخصام كل في بيئته. وله ما يبرره في عالم الحيوان بالدرجة الأساسية كنزعة للبقاء (والبقاء للأقوى) وكقانون ثابت لاصطفاء النوعي الطبيعي للكائن الحيواني كحالة فطرية لا إرادية.

أما نزعة البقاء في المجتمع الإنساني، فهي أيضا قانون للاصطفاء النوعي الطبيعي والاصطناعي له. لان النزعة بحد ذاتها هي حافز ومحرك لاستقطاب الناتج (للأصلحأو للأفضل) وضمن عملية إراديةوبادراك مسبق لسلبياتها وايجابياتها. وان ظهور المجتمع الإنساني ونموه واتساع رقعة عيشه الجغرافية وبتعدد مكونات بشرية متباينة في العادات والقيم والمعتقدات، ومتقاطعة في المصالح الطبقية المادية والاجتماعية والثقافية، فلا بد من بروز هذه الظاهرة في مجتمعه، ولا بد أن تتوسع حدتها أو تخف بقدر ما تمليه ميزة البيئة وأفضلية الناتج للأكثرية ولفترة زمنية مهما طالت، لان لا ثوابت لما تقدم في المجتمع الإنساني و لأنها سنة حياتية.

وإذا كان المجتمع الإنساني وعبر مسيرته الحياتية الطويلة، وبسبب فرض عليه ظاهرة (نزعة البقاء) إلى جانب قانون توازن الأحياء في الطبيعة. قد ساقته إلى تحديد أهمية هاتين الظاهرتين وحتميتهما. فان التقدم المدني والحضاري اللتين انفرد بهما المجتمع وأدتاإلى قيام ونشوء النزاعات الداخلية ضمن مكوناته المذكورة وامتدادها إلى حروب خارجية مع غيره من المجتمعات، قد نتقدم عليه أو تتخلف عنه حضاريا ومدنيا لا خلاص منها.

وان تاريخ البشرية حافل بالشواهد بحدوث حروب ونزاعات طاحنة بين الكثير من الدول وأدتإلى انهيار مجموعة حضارات واختفاء مجموعة أجناس وأقوام واثنيات بكاملها. وان غالبية المتاحف العالمية والمحلية تنطق بذلك. وان معظم الحضارات القديمة والحديثة ومعلومة للمتتبع التاريخي ولا تحصى، فمنها اختفت كليا أو جزئيا، وبعضها لازالت قائمة وحققت تقدما واضحا في كافة مجالات الحياة. وان ما استخدم في عمق التاريخ في الحروب القديمة كانت أسلحة بدائية، اعتمدت قياداتها السياسية والعسكرية على كتل بشرية لا تعد ولا تقدر كوقود ولآتون تلك الحروب ولمدة عقود، لا بل قرون من الزمن. وثم السلاح الناري البدائي والذي كان عنصر النصر يعول عليه وبأقل عدد من الكتل البشرية لسابقاتها لاحقا.

وإذا كانت الدول والأقوام الكبيرة عبر التاريخ قد احتكرت لنفسها حق الدفاع عن منجزاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية وغيرها واستمرت بتطوير الكثير من الأسلحة الفتاكة، وامتلكت في العقود المنصرمة من القرن الماضي السلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات، وأصبح لها ترسانات ضخمة منها، وانحصرت هذه التقنية العملاقة بيد عدد من الدول الغربية الأوربية، بريطانيا، فرنسا، ( الاتحاد السوفياتي سابقا ) وروسيا حاليا والولايات المتحدة الأمريكيةوكأول دولة استخدمت السلاح النووي في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان عام 1945. وبقيت هذه الدول مهيمنة عليه، خشية انتشاره إلى دول عديدة وحدوث نزاعات وحروب بين فصيلين منها أوأكثر وفي مقدمتهم الدول الكبرى المذكورة. فان نتائجها لا محال تكون بتوسع رقعة الحروب وتشمل معظم القارات المعنية وغير المعنية وذات المصلحة بها بدءا بأوربا وأمريكا واسيا، ثم أفريقيا واستراليا. ولا بد ولفترة قصيرة جدا أن تؤدي هذه الحروب إلى هلاك غالبية الجنس البشري إذا استخدم السلاح المذكور، والى اختفاء حضارات عديدة، علما إن ضحايا الحربين العالميتين للقرن الماضي تجاوزت السبعين مليون بين قتيل ومفقود ومعوق.

ولكن لو نظرنا إلى مجرى الأحداث وما جرى ويجري من التنافس والتسابق بين الدول الكبرى المذكورة وما وصلت إليه من القناعة التامة مجبرة على عدم أمكانية قيام أي نزاع أو حرب بين دولتين أو أكثر من التي تملك هذا السلاح المدمر وما تكون النتيجة منها على شعوبها بالدرجة الأولى.

فكان هناك الالتفاتة اللا أخلاقية واللا إنسانية من تلك الدول التي تملك التكنولوجيا المذكورة وقيامها بنقل هذه الحروب والنزاعات إلى ساحات عديدة وضمن أقاليم أو مناطق جغرافية بعيدة عنها نسبيا ً كظاهرة استمرار النزاع داخل المجتمع البشري، والسعي الحثيث لتحقيق توسعها العسكري والاقتصادي على حساب الشعوب المتخلفة أو الضعيفة . وفرض وصايتها عليها ضمن القارات الثلاث ( أو ما يسمى العالم الثالث ) أفريقيا ، أميركا الجنوبية ودول الشرقيينالأدنىوالأوسط ، والتي تملك الكثير من الثروات الطبيعية كالنفط بالدرجة الأولى وغيرها والتي هي ذات أهمية قصوى لإدامة تطورها وتفوقها على غيرها . وفرض نظامها ( الرأسمالي ) ، وبغية تشغيل البشرية بحروب ونزاعات متفرقة في العالم .

وإذاأردنا أن نحصي عدد الحروب والنزاعات التي استفحلتها الدول الكبرى المذكورة والغربية منها وعلى وجه الحصر وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وخلال القرن الماضي والى هذا اليوم ومنها الحرب الكورية والفيتنامية وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي ، فسوف ترى أن في كل بقعة من المناطق المذكورة ، حدث نزاع داخلي وتطور إلى تدخل خارجي من قبلها أي الدول الغربية . ومنها حرب البلقان في يوغسلافيا وانشطار هذه الدول إلى عدة مقاطعات على أساس الدين أو العرق أو القومية ومنها . الصرب والكروات وكوسوفو ومقدونية ، وقبلها الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي وغزوة العراق للكويت بإعطاء الضوء الأخضر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ثم الحرب في أفغانستان في عام 2001 والحرب على العراق في 9 / 4 / 2003 وبالتدخل المباشر لدول الحلف الأطلسي وبقيادة أمريكا مباشرة وما تركته هذه الحروب لشعوب الدول المنكوبة ومنها لا زال النزيف الدموي المباشر قائما ً كأفغانستان والعراق وما آلإليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني وتحت سمع وبصر المحفل الدولي .

وأخيرا ً لعبة ثورات الربيع التي بدأت في تونس قبل أكثر من عام وانتقالها إلى ليبيا وثم مصر وسقوط نظامها وتنحي حسني مبارك عن الحكم ومجيء التيار الديني الإسلامي عبر نفق الانتخابات الديمقراطية المزعومة والعاصفة الصفراء التي هبت على سوريا منذ ما يقارب ( 17 شهرا ً ) ولا زالت مشتعلة داخلها وبشكل هستيري بين قوات الحكومة والمسلحين من المدنيين المنشقين من الجيش النظامي . ولم تكن اليمن ولا زالت بمنحى عن هذه اللعبة واشتعال الحرب الداخلية فيها بهذا الشكل أو ذلك وسقوط رأس النظام ( علي عبد الله صالح ) وفق سيناريو فرضته دول الخليج ، عدا ما هو مستمر في الاقتتال ومنذ مدة ليست قصيرة في كل من الصومال والبحرين ، وبين دولتي السودان الشمالية والجنوبية في مد وجزر وغيرها . وما هو في غير الحساب ما يؤل إليه النزاع مع إيران بحجة محاولة امتلاكها السلاح النووي . وما يعكس ذلك إذا اندلعت شرارة الحرب معها ، لا أحد يقدر ما هي حصة دول المنطقة بصورة عامة من هول الدمار في البنية التحتية التاريخية لها والخسائر البشرية فيها .

حقا ً إن الاستعمار الغربي وبقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لا زال يفكر بعقلية القرون المظلمة في تعاملها من الشعوب الصغيرة والكبيرة الضعيفة وما حققته بنقل الكثير من الحروب والنزاعات إلى خارج دولها وبصورة مؤقتة وتمكنت في كثير من المناطق المضطربة من صب الزيت على النار وإذكاء لهيبها الذي يحرق الأخضر قبل اليابس، وتأجيج الاحتقان التاريخي الطائفي والمذهبي والقومي والعنصري داخل هذه الشعوب المتعطشة لأبسط مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية. حقا ً إنها حروب مدفوعة الثمن ومحصلتها مئات الآلاف لا بل الملايين من أبناء هذه الشعوب وبقيادات أجيرة ولمدد غير محددة لحين تهيئة رموز أخرى وتبديلها وحسب حسابات جديدة لها .

وهكذا يدور الدولاب لصالح نظام الرأسمالي العالمي وتحت مظلة هيئة الأمم المتحدة ومجلس أمنها ووفق مفاهيم الديمقراطية اللبرالية الوجه الجديد لنظام الدول الغربية وعولمته .

ولكن المحصلة العلمية والعقلانية تقول ( ليس أثمن من الإنسان على هذه الأرض ) ولا بد أن تسود العدالة الاجتماعية بين الشعوب ويدحر العدوان أينما كان ومهما كان ، وبلا نزاعات إقليمية ولا حروب مدفوعة الثمن

يوسف زرا

25 / تموز / 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.