اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• كل رمضان وانتم إلى الله اقرب !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسن الخفاجي

مقالات اخرى للكاتب

كل رمضان وانتم إلى الله اقرب !

 

اغرب ما وصلني من رسائل تهنئة في بداية رمضان كانت من أصدقاء عرب اختصروا تهانيهم بعابرة: (كل رمضان وأنت إلى الله اقرب). بحثت عن اقصر الطرق , التي تجعل الإنسان قريبا من الله مثلما تمنى الأصدقاء فوجدت اقصرها -من وجهة نظري- , ان لا يموت الأغنياء من أمراض تسببها التخمة ولا يموت الفقراء جوعا , مساعدة الفقراء واحده من أهم أسباب القرب إلى الله , لان الفقراء أحباء الله .

اعتمدت  على أكتاف الخال  ( كَوكل) ليحملني في رحلة بحث عن أسباب انتشار الجوع في بلاد المسلمين  , وجدت ان سببها الرئيسي تاريخيا هو أنظمة الحكم  , التي حكمت المسلمين بعد وفاة النبي محمد (ص) واستشهاد الإمام علي (ع) , وانتشار الإسلام على رقعة واسعة.

في رحلتي اكتشفت: ان الجوع  والفقر , كانا  حالة عامة يتقاسمها كل المسلمين البعدين عن دائرة خليفة المسلمين , ابتداءً من حكم معاوية وانتهاءً بسقوط الدولة العثمانية , لا يوجد استثناء إلا فترة حكم الخليفة  الأموي عمر بن عبد العزيز , التي لم تدم إلا سنتين ونصف.

ثبت لي ذلك تاريخا من خلال البحث , وعمليا من خلال زيارتي لمتاحف اسطنبول التاريخية وما حوته من  كنوز وتركات للخلفاء والسلاطين , الذين اكتنزوا المجوهرات والذهب والفضة , وصنعوا منها الأثاث والسيوف والدروع  , وحتى المظلات والعربات , وتفننوا بصف المجوهرات الثمينة , وخصصوا أقساما للهدايا , وأياما  محددة لتسلم ما سمي هدايا للخليفة والسلطان , هي في الواقع رشا يقدمها الأغنياء والمقربون كي يتقربوا من الخليفة وحاشيته بعد ان يقهروا  الفقراء ويظلموهم ويسرقوها منهم , وينتزعوا منهم حتى لقمة عيشهم.

بينما كانت قصور الخلفاء في اغلب مراحلها التاريخية - مع وجود استثناءات قليلة - تعيش حياة الترف والبذخ , وتقام فيها الحفلات الماجنة للغلمان والجواري , في ذات الوقت الذي كان فيه  فقراء المسلمين يتضورون جوعا !!.

الخلل  في توزيع الثروات وطبيعة الحكم الوراثي ابتدأ منذ قيام الدولة الأموية واستمر ليومنا هذا , بعد ان أصبحت ثروات الأمة بيد شخص واحد , يوزعها بين أسرته وأقاربه ومن يدينون له بالولاء ومن يخلصون ويتفانون في الدفاع عنه.

فلا غرابة ان يجد هولاكو في قصر الخليفة العباسي المستعصم غرفا  مليئة بالذهب والكثير من الجواري , اللائي وزعهن هولاكو على قادة جيشه , في حين كان جيش الخلافة  العباسية يعاني  الجوع  والعطش ونقص المؤن .تذكر بعض كتب التاريخ: ان هولاكو منع الماء والطعام عن الخليفة  المستعصم , واجبره على تناول القطع الذهبية , بعد ان أذل هولاكو الخليفة لفه ببساط ومات تحت حوافر الخيل .

يبدو أننا بحاجة إلى هولاكو آخر إذا لم يحالف الشعوب العربية النجاح في ثوراتهم للتخلص من الحكام العرب ورثة ذلك النظام الفاسد , الذي يتغنون فيه ويعملون ويتطلعون لقيامه للان !!!!.

حينما تشتد حرارة الإيمان عند بعض المسلمين في رمضان من كل عام , بعدما يصبها الوهن لأحد عشر شهرا , يتذكر بعض أغنياء المسلمين الفقراء .اغرب ما يلفت انتباهي  في رمضان من كل عام نشاط هيئات ومنظمات وجمعيات تقوم بالتسول عبر إعلانات  منظمة تبث عبر الفضائيات العربية , وأغلب ملاكها من اسر حكام الخليج وأمرائه , الذين لو تبرعوا ب5% من ثرواتهم , لأشبعوا كل الجياع حول العالم , من  بين هؤلاء الجياع ,  جياع الصومال والقرن الأفريقي , الذين يموتون جوعا وعطشا إمام  عدسات كاميرات فضائيات دول البترول !.(أخزاكم الله).

منذ قرون ونحن نسمع ونقرأ ونتفاخر شعرا ونثرا بالخليفة العباسي المعتصم لنصرته امرأة  ندبته  وفتح عمورية  من اجلها! في الوقت ذاته , الذي تخلى  فيه المعتصم  ومن حكم العرب والمسلمين من بعده  من الحكام  العرب عن نجدة الجياع في دولهم !.

افتخر  اغلب العرب وحكامهم بغيرة المعتصم , لكن لا احد من الحكام الأثرياء والأمراء هزه مشهد أم صومالية - عربية ومسلمة- فقدت أربعة من أطفالها  الخمسة في رحلتها للبحث عن ماء وطعام في مخيم اللجوء , لم يتحرك عرق الغيرة في حكام دول البترول الغنية , ولم "تهتز شواربهم" ولا شعر لحاهم المصبوغ باللون الأسود الفاقع على طول أيام السنة!.

لم تضرب المجاعة اليونان , بل مرت بأزمة اقتصادية تناخا الأوربيون وقدموا لها المليارات من اجل ان يتعافى اقتصادها .لم يملأ الأوربيون كتب التاريخ نفاقا ومديحا فارغا مثلما  مدحنا المعتصم  وورثته إلى يومنا هذا.  لا توجد في أوربا آبار نفط  بل جاءت المساعدات من أموال دافعي الضرائب , لم نسمع عن أحزاب  أوربية عملت على توحيد أوربا مثلما (ثبرتنا) الأحزاب القومية  العربية , لكن الأوربيين اثبتوا ان لديهم انتماءَ لأوربا وللإنسانية وهم من قوميات وملل شتى , في حين يفتقد الحكام العرب وأغلب الأحزاب القومية لروح الانتماء , لان عرق الارتباط بالإنسانية ووحدة مصيرها آخر ما يفكرون فيه !.

بإمكان فقراء الصومال والقرن الأفريقي ان يأكلوا بملاعق من ذهب , لو ان القلة من حكام الخليج وأمرائه فعلوا مثلما فعل "الكافر" بل غيتس , حينما وهب (90%)من ثروته وهو ما زال حي يرزق إلى الجمعيات الخيرية ومراكز الأبحاث , التي تنفع البشرية.

يبدوا أن رسائل الإخوة العرب , الذين تمنوا لي ولغيري , القرب إلى الله كان الأجدر بها ان توجه إلى الحكام العرب , وصلتني عن طريق الخطأ.

أنا بدوري ضمنتها مقالي هذا إلى الحكام العرب , علهم يتقربون إلى الله أكثر في أواخر الشهر الكريم , وتكف فضائياتهم عن التسول والمتاجرة بآلام الفقراء !

(والله ما جاع فقير إلا ببخل غني)

21-8-2011

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.