اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• مناقشة قانونية لمشروع قانون الأحزاب السياسي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

زهير ضياء الدين

مناقشة قانونية لمشروع قانون الأحزاب السياسي

صادق مجلس الوزراء قبل أيام على مشروع قانون الأحزاب السياسية وأرسله إلى مجلس النواب لغرض تشريعه بعد مناقشته، ومن خلال القراءة الأولى للمشروع المكون من (68) مادة موزعة على احد عشر فصلا نجد أن المشروع المذكور تشوبه الكثير من المآخذ الشكلية والموضوعية بضمنها بعض الجوانب الجوهرية وكما سنبين لاحقا، فمن الناحية الشكلية نجد إن المشروع يتسم بالإطالة غير المبررة التي تسببت بوقوعه في العديد من التناقضات، حيث التكرار لبعض النصوص والأحكام وإيراد نصوص يمكن ترحيلها إلى النظام الداخلي كما هو الحال بالنسبة للمادة (28) المتضمنة السجلات الواجب مسكها من قبل الحزب والمادة (30) المتضمنة النصوص التي يجب أن يتضمنها النظام الداخلي إضافة إلى العديد من النصوص الأخرى .

فكلما كان القانون مختصراً ورصينا وبحبكة قانونية، وابتعد عن التفاصيل كان ذلك أفضل، أما من ناحية مضامين هذا القانون فقد اعترته العديد من الأحكام التي تتعارض مع النصوص الدستورية ومع طموحات العراقيين بالانتقال الفعلي إلى الدولة المدنية ودولة المؤسسات والقانون، التي يعتبر قانون الأحزاب السياسية احد مرتكزاتها الأساسية من خلال استيعابه لآمال وطموحات الجماهير الواسعة، عبر الممارسة الديمقراطية للعمل الحزبي وعدم الخضوع لهيمنة السلطة التنفيذية التي تتجسد في النهاية من خلال صيغ تسلطية تشل حركة المجتمع بشكل عام، وتتجسد هيمنة السلطة التنفيذية في مشروع القانون بالمادتين (11) المتعلقة بتأسيس الأحزاب و(19) المتعلقة بالرقابة على عمل الأحزاب، حيث أناطت المادة(11) تأسيس الأحزاب بمحكمة القضاء الإداري في بغداد، النظر في طلبات تأسيس الأحزاب علماً إن هذه المحكمة ترتبط بوزارة العدل التي هي جزء من السلطة التنفيذية وليس بمجلس القضاء الأعلى، الذي يعتبر سلطة مستقلة بموجب الدستور، يضاف إلى ذلك إن عضوي هذه المحكمة هما من الموظفين الإداريين من القضاة باستثناء رئيس المحكمة، مما يجعل قراراتها مرتهنة بأغلبية أعضائها وهم ليسوا من القضاة. أما المادة (19) التي حددت الجهة الرقابية على عمل الأحزاب السياسية (بدائرة شؤون الأحزاب السياسية)، التي أوصى المشروع باستحداثها ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة العدل، التي تعتبر جزءاً من السلطة التنفيذية كما أسلفنا آنفاً فهي تشكل مؤشراً سلبيا آخر يكرس هيمنة السلطة التنفيذية على الأحزاب السياسية، ومنح المشروع سلطات واسعة لهذه الدائرة بدءاً بتقدير مبالغ الإعانات المالية التي تقدمها الدولة للأحزاب ومروراً بصلاحيتها للطلب من محكمة القضاء الإداري وبشكل مستعجل إيقاف نشاط الحزب لحين البت في طلب الحل، وحسب ما جاء في المادة (40/ثانيا)، من المشروع ويفتح ذلك الباب أمام مخاوف تسييس هذه الدائرة وبالتالي شل عمل الأحزاب التي لا تسير على نفس نهج الدولة المتمثلة بالسلطة التنفيذية، ومن بين النصوص التعسفية التي وردت ضمن المادة (40) الخاصة بحل الأحزاب الفقرة (أولاً/أ) التي أجازت حل الحزب إذا لم يشارك في الانتخابات لدورتين انتخابيتين متتاليتين، حيث يتعارض ذلك وبشكل صارخ مع حرية العمل الحزبي واعتماد المبادئ الديمقراطية، إذ من حق الحزب السياسي مقاطعة أي انتخابات عندما يرى ذلك مناسبا وحل الحزب لهذا السبب يعتبر انتهاكاً لحرية العمل الحزبي.

ومن بين الجوانب المهمة التي يتطلب إعادة النظر فيها في مشروع القانون أسس تحديد مقدار الدعم المالي الذي ستقدمه الدولة للأحزاب بحيث لاتهيمن الأحزاب الكبيرة النافذة على معظم هذا الدعم وتحرم منه الأحزاب الصغيرة التي هي أحق بهذا الدعم ومن الضروري أن يتم اخذ عدد الأصوات التي حصلت عليها هذه الأحزاب على مستوى العراق بنظر الاعتبار رغم عدم حصولها على مقاعد، حيث إن الأحزاب الكبيرة لديها العديد من مصادر التمويل، ولم يتطرق مشروع القانون إلى الدعم غير المباشر الذي يقدم للأحزاب الكبيرة من خلال إنشاء قنوات فضائية تبث من داخل وخارج العراق بتمويل خارجي في الغالب مما يتطلب الحظر وبشكل تام على مثل هذه الحالات التي تشكل أفضلية غير مشروعة للأحزاب الكبيرة والنافذة، ومن بين المآخذ على المشروع نص المادة (24) التي اعتبرت رئيس تحرير الصحيفة أو المجلة التي يصدرها الحزب مسؤولاً عن كل ما ينشر فيها في حين أن معظم الصحف والمجلات تعتبر كاتب المقال مسؤولا عن ما ورد فيه، بينما يكون رئيس التحرير مسؤولا عن المواضيع التي تنشر باعتبارها ممثلة لرأي الحزب فقط، ومن بين المآخذ الرئيسية على المشروع اعتماده العقوبات السالبة للحرية بشكل واسع وكان الأجدر اعتماد مواد قانون العقوبات عن الجرائم العامة، والتركيز على فرض الغرامات المالية المتدرجة بحق من ينتهك القانون لضمان عدم ترهيب من له الرغبة بممارسة العمل الحزبي، بذلك وضمن هذا الإجمال السريع فان من ابرز الجوانب التي يجب معالجتها ضمن هذا المشروع ليكون اقرب لطموحات العراقيين الآتي:-

*أن تكون الجهة المسؤولة عن إجازة الأحزاب السياسية والرقابة عليها مستقلة ولا ترتبط بالسلطة التنفيذية بأي شكل كان ويكون ارتباطها كأولوية أولى بمجلس القضاء الأعلى وأولوية ثانية بمجلس النواب.

•أن يكون تمويل الدولة للأحزاب السياسية عادلاً ومنصفاً للأحزاب الصغيرة خصوصاً تلك التي تمتلك امتدادات جماهيرية على مستوى العراق.

*توفير الحرية والحصانة لوسائل الإعلام الحزبية في عملها بما لا يعيق نشر برامجها وسياساتها.

•تقليص العقوبات السالبة للحرية الواردة في مشروع القانون إلى الحد الأدنى والاكتفاء بالغرامات وبما ينسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

•اختصار نص المشروع وتجاوز حالة الإطالة والتناقض الواردة فيه، وفي الختام فمن الواجب نشر مشروع القانون في وسائل الأعلام بشكل واسع لكي تـأخذ الفرصة أمام أوسع قطاعات المجتمع بمناقشته وإغنائه ومن ثم عقد مؤتمر موسع يشارك فيه الأكاديميون من رجال القانون والسياسيون والمستقلون من ذوي الخبرة والكفاءة في هذا المجال، للوصول إلى الصيغة المثلى لهذا المشروع الحيوي وكذلك السعي الجاد لتعديل القوانين الأخرى ذات العلاقة وهي قانون الانتخابات وقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي وقانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي تشكل في مجملها حزمة واحدة متكاملة من اجل ترسيخ الحياة الديمقراطية في العراق.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.