اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

التطبيقات على المياه المشتركة بين العراق وجيرانه (1)// د. حسن الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

التطبيقات على المياه المشتركة بين العراق وجيرانه (1)

اتفاقية الأمم المتحدة حول الأنهار الدولية لعام 1997

د. حسن الجنابي

 

اولا:

التزمت في مقالتي الاخيرة (الصباح  12 شباط 2014) بنشر مقالة خاصة باتفاقية الامم المتحدة حول قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية لعام 1997، واكتشفت صعوبة الوفاء بهذا الالتزام دون الاخلال بالموضوع، لان الاتفاقية المذكورة من الشمول والدقة والعدالة ما يصعب الالمام بها وتقديمها للقراء بهذا الحيز من الجريدة.

فهذه الاتفاقية المتكونة من (37) مادة مصنفة في (7) ابواب والتي يبلغ عدد صفحاتهاحوالي عشر صفحات، اختصرت ببراعة تطور القانون الدولي لمياه الانهار، وقد استغرقت المباحثات لاقرارها ثلاثين عاما، وكتبت حولها الاطاريح والكتب والبحوث والمقالات مما يصعب حصره، ومازالت منذ اقرار الجمعية العامة لها في ايار عام 1997 وحتى الان تثير جدلا واسعا في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالمياه والامن الغذائي والتغيرات المناخية وغيرها.

ثانيا:

ساكتفي بالمرور السريع على مواد الاتفاقية مع بعض التركيز على تطبيقاتها المحتملة على نهري دجلة والفرات وروافدهما،دون تفصيل بل لالقاء اضواء او مفاتيح لبحوث ودراسات شاملة حولها، آمل ان تقوم بها الجامعات العراقية والمؤسسات المختصة. فشخصيا لم اطلعلليوم على اية اطروحة او بحث شامل عن هذا الموضوع في احدى الجامعات او المؤسسات العراقية، لنيل شهادة عليا مثلا، وارجو ان اكون مخطئا، وفي هذه الحالة اقدم اعتذاري مسبقاً راجيا ارشادي الى تلك البحوث.

وللانصاف لابد من الاشارة الى وجود عدد من المهتمين بأمر الاتفاقية والمختصين بالسياسات المائية وبعض الصحفيين، ولكن لم ارَ جهدهم ومعرفتهم منشورة على شكل بحوث رصينة يمكن الرجوع اليها للاستفادة منها وقت الحاجة، وهذه مناسبة لدعوة الجيل الشاب من الحريصين على البيئة العراقية، وحقوق العراق المائية التي يضمنها القانون الدولي، والساعين الى سد النقص بهذا الميدان الحيوي من التخصصات، الى التقدم لملأ الفراغ لما فيه من مصلحة للبلاد.

ثالثا:

من الاشكاليات التي لم يكن سهلا الخوض بها في فترات سابقة لاسباب مختلفة، بعضها عاطفي، وبعضها الآخر نابع من قسوة التغيرات التي ادخلها الانسان على الطبيعة النهرية، وما يرافق ذلك من حالة انكار للواقع المتغير، هي موضوعة "دولية" نهري دجلة والفرات بالنسبة للعراقيين، الذين اعتادوا منذ بدء الخليقة على وجود النهرين والروافد والفروع والاهوار كمعطى بديهي في حياتهم ، وهم يمتلكون تلك المياه، التيشكلت عبر التاريخ جزء من "عراقيتهم" وانتمائهم الوطني، ولاسبيل الى تغيير قناعة الامتلاك تلك بدون التسبب باستفزاز عاطفي لدىهم.

فعلى سبيل المثال عاتبني استاذي الراحل، المفكر الكبير هادي العلوي، في رسالة شخصية في بداية التسعينيات، ونهاني بها عن الحديث عن فكرة ان الفرات نهر دولي، اثر مقالة نشرتها انذاك في مجلة الثقافة الجديدة المعارضة، وعرضت بها مشكلة نهر الفرات في ضوء القانون الدولي. ومما قاله الراحل الكبير، الذي كان يرتبط روحيا ووجدانيا بالفرات الى حد يصعب تصوره لمن لا يعرفه، انه لم يشكك بوطنيتي، ولكنه يدعوني الى التخلي عن اعتبار الفرات نهرا دوليا بل نهرا عراقيا خالصا، ولم اشك قط بان موقف الراحل العلوي كان معبرا عن وجدان ملايين العراقيين الذين لم يألفو شيئا مثل أُلفتهم مع الفرات ودجلة.

من الجانب الآخر ازداد الامر تعقيدا باعلان السلطات التركية المتكرر انذاك عن ان الفرات ودجلة نهران تركيان عابران للحدود، وترافق ذلك مع اقتراحاتهم لبيع المياه عبر "قناة السلام" لبعض دول المنطقة ومنها اسرائيل، فاصبح الامر اكثر استقطابا مع شحنة الشعور "بالسيادة" المطلقة، على العكس من روح اتفاقية عام 1946 بين البلدين، التي تتيح للعراق، في المادتين الاولى والخامسة منها، ان يرسل فنيين وخبراء عراقيين للتحري في تركيا وانجاز اعمال المسح وجمع المعلومات ووضع التصاميم،والتأكد من ان المنشآت التي يتفق بشأنها بين البلدين او تلك التي ترغب تركيا بانشائها تكون مفيدة للعراق وتركيا معا.

رابعا:

واذا كان الامر بين العراق وتركيا غير متفق عليهبهذا الشكل فيما يخص نهرين تقع منابعهما بوضوح في تركيا ويصّبان في العراق، فسيبدو من الصعب تصور ان الايرانيين سيقبلون فكرة ان نهري الكارون والكرخة هما نهران دوليان، وهما كذلك حسب التعريف المعتمد في اتفاقية قانون استخدام مجاري الانهار الدولية في الاغراض غير الملاحية، بالرغم من انهما ينبعان ويصبان جغرافيا ضمن الحدود الايرانية.

فعلى سبيل المثال، كانت الصحف العراقيةوالعربية تنشر مقالات تشير الى ان شط العرب هو نهر عراقي حصرا وليس نهرا دوليا. ومعروف ان حكومة شاه ايران الغت اتفاقية عام 1937 بشأن شط العرب من جانب واحد، مما ادى الى توتر كبير بين البلدين، ثم تبعها نظام صدام بالغاء اتفاقية عام 1975 من جانب واحد كذلك، واعلان سيادة العراق الكاملة على شط العرب، واشتعلت الحرب التي قتل فيها مئات الآلاف وتشرد الملايين، وجففت بسببها الاهوار ودمرتالبصرة، وتحطمت المدن والقرى والمزارع  والجداول والقنوات، وجرفت البساتين والحقول وملايين النخيل، من اجل اثبات ان شط العرب ليس نهرا دوليا بل يخضع لسيادة بلد واحد.

خامسا:

لايمكن بأي شكل من الاشكال الاستهانة بالسيادة الوطنية لاي طرف على ارضه وسمائه ومياهه، ولكن التعريف المتغير للسيادة حسب الاهواء ونزعات السيطرة ادت وتؤدي الى حروب ونزاعات لم تسفر الا عن المزيد من الدمار وسفك الدماء. ومن هنا فالحرص على السيادة الوطنية على المياه يتمثل بالركون الى الاليات والاطر المتفق عليها بين الاطراف المعنية، وفي حال انعدام تلك الآليات يحتم المنطق اللجوء الى الاتفاقات الاطارية الدولية ومن ومنها اتفاقية عام 1997 حول مجاري الانهار الدولية، فهي الاتفاقية الدولية الوحيدة للمياه العذبة التي يشمل نطاق تطبيقها دول وقارات العالم كافة.

 

يتبع....

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.