مقالات وآراء
احتيال سياسي: خطة ترامب التي قدمها للزعماء العرب ليست هي نفسها التي قُدمت لحماس!// علاء اللامي
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 02 تشرين1/أكتوير 2025 10:52
- كتب بواسطة: علاء اللامي
- الزيارات: 155
علاء اللامي
احتيال سياسي: خطة ترامب التي قدمها للزعماء العرب
ليست هي نفسها التي قُدمت لحماس!
علاء اللامي*
على العكس من غالبية المحللين والكتاب العرب من المصابين بالإدمان على التصفيق سواء كانوا مأجورين أو حمقى ومضللين ممن صفقوا طويلا لخطة ترامب حتى قبل أن يطلعوا على نصها ومضمونها، يوجه الكتاب والصحافيون المستقلون الأجانب، حتى من الكتاب الصهاينة في الكيان، سهامهم النقدية إلى هذه الخطة ويشككون في أساساتها ويتهمون ترامب ونتانياهو بتعديل نسختها الأصلية التي عرضت على الزعماء العرب والمسلمين وتقديم نسخة متشددة أخرى إلى حماس. سنتعرض بالتحليل لما كتبه اثنان من هؤلاء:
كشف الكاتب الإسرائيلي والخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحرر في موقع "واللا Walla" الإسرائيلي الإخباري باراك رافيد (Barak Ravid)، كشف لموقع أكسيوس الأميركي عن أن النسخة التي قدمها ترامب إلى الزعماء العرب والمسلمين الذين اجتمع بهم في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تم تعديلها باتجاه إرضاء نتنياهو واليمين الصهيوني التوراتي المتشدد وإن زعماء السعودية ومصر والأردن وتركيا استشاطوا غضبا حين اكتشفوا تلك التغييرات على الخطة الأصلية ولكنهم لم يتخذوا أي إجراء دفاعا عن كرامتهم إن كانت لديهم بقية من كرامة، أو يغيروا موقفهم المؤيد للخطة الأصلية رغم ذلك بل بادرت مصر وقطر إلى تقديم النسخة المعدلة منها إلى المقاومة الفلسطينية.
ولكن، وحتى بهذه الحدود وبعد هذا الاحتيال والغش المعهود من رئيس مثل ترامب وحليفه مجرم الحرب نتنياهو فإن الخطة بحد ذاتها وبما تبقى من نقاط فيها تؤكد أن الشعب الفلسطيني ومقاومته هزم مشروع الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي وإلغاء وجود قطاع غزة والقضية الفلسطينية ولكن مقابل ثمن ضخم وهائل من التضحيات فاقت المائة ألف شهيد وفق بعض التقديرات. هذه فقرات مختارة من مقالة رافيد وهي بعنوان " بدأ الصراع على صياغة خطة ترامب بشأن غزة للتو":
* أفادت مصادر مطلعة على العملية لموقع أكسيوس أن خطة السلام التي قدمها الرئيس ترامب يوم الاثنين تضمنت تغييرات جوهرية طلبها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما أثار حفيظة المسؤولين العرب المشاركين في المفاوضات.
*عرض ترامب الوضع بوضوح: إن إسرائيل والولايات المتحدة وشركاؤها العرب متفقون على خطة نهائية، وعلى حماس الموافقة أو مواجهة الفناء. وبينما كان الواقع خلف الكواليس أكثر غموضًا - وربما تكون المفاوضات قد بدأت للتو - يبقى الخيار أمام حماس واضحاً.
* بينما كان ترامب ونتنياهو يناقشان الخطة أمام الكاميرات في البيت الأبيض، كان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يعرضها على قادة حماس في الدوحة، وفقاً لمصدر مطلع.
* الأمر المثير للاهتمام هو أن الاتفاق المعروض الآن على حماس يختلف اختلافاً كبيراً عن الاتفاق الذي سبق أن اتفقت عليه الولايات المتحدة ومجموعة من الدول العربية والإسلامية، وذلك بفضل تدخل نتنياهو.
خلف الكواليس: فيوم الأحد، التقى مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر لمدة ست ساعات مع نتنياهو وصديقه المقرب رون ديرمر. وقد تمكن نتنياهو من التفاوض على عدة تعديلات في النص، لا سيما فيما يتعلق بشروط وجدول زمني لانسحاب إسرائيل من غزة. يربط الاقتراح الجديد انسحاب إسرائيل بتقدم نزع سلاح حماس، ويمنح إسرائيل حق النقض (الفيتو) على العملية.
* حتى لو استُوفيت جميع الشروط واكتملت المراحل الثلاث من الانسحاب، ستظل القوات الإسرائيلية داخل محيط أمني داخل غزة "حتى تصبح غزة آمنة تمامًا من أي تهديد "إرهابي" متجدد". وهذا قد يعني إلى أجل غير مسمى. وقد استشاط مسؤولون من السعودية ومصر والأردن وتركيا غضبا من التغييرات، وفقًا لمصادر مطلعة. حتى أن القطريين حاولوا إقناع إدارة ترامب بعدم نشر الخطة المفصلة يوم الاثنين بسبب تلك الاعتراضات. لكن البيت الأبيض نشرها على أي حال، وحثّ الدول العربية والإسلامية على دعم الخطة.
المقالة الثانية التي نتوقف عندها كتبها الصهيوني ميكائيل راتني (Michael Ratney) في هآرتس وتأتي في الاتجاه ذاته وهي بعنوان "لماذا لن ينجح مخطط ترامب ذو العشرين نقطة في إنهاء حرب غزة؟".
في هذه المقالة أكد الكاتب أن النسخة الرسمية التي أصدرها البيت الأبيض يوم الاثنين كانت مختلفة عن تلك التي عرضها ترامب على الزعماء العرب والمسلمين وقد أجريت عليها تعديلات سمّاها الكاتب "ثغرات" واسعة لترضية نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف". راتني توقع أن هذه التعديلات "ستجعل الخطة غير مقبولة لشركاء آخرين مهمين للغاية هم حكومات الشرق الأوسط، التي تباهى ترامب بدعمها خلال مؤتمره الصحفي".
الكاتب أضاف أن الخطة أساسا تعاني من مشكلتين فصل فيهما؛ الأولى هي جعل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة خاضعاً بالكامل تقريباً لتقدير إسرائيل، وهذا ما سماه كاتب إسرائيلي آخر هو رافيد بحق النقض الفيتو الذي أعطاه ترامب لنتنياهو. والمشكلة الثانية هي حول إقامة الدولة الفلسطينية حيث جاء في الخطة أن "مع تقدّم إعادة إعمار غزة، وعندما يُنفّذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، قد تتوافر حينها الظروف لقيام مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني والدولة". لكن حتى لو تمّت الإصلاحات، فإن الدولة الفلسطينية غير مضمونة. وبالنسبة لغالبية الفلسطينيين، هذا يبدو أشبه بقول: "لن يحدث أبداً."
ويختم الكاتب مقالته بالتطرق إلى مسألة ثالثة يعتبرها وجودية بالنسبة للمقاومة الفلسطينية وهي تسليم سلاحها وهذا الأمر، يقول الكاتب "من منظور حماس يُعادل الاستسلام. وبالنسبة لحركة تُعرّف نفسها عبر المقاومة والعناد والقسوة، فإن ذلك مستحيل عملياً، بل هو أشبه بطلب "أن تتوقف حماس عن أن تكون حماس". والأسوأ أنه يُطلب من الحركة أن تتعهد بذلك مسبقاً، قبل أي تنفيذ لبقية البنود، على الرغم من أن مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين يؤكدون أن قدرات حماس العسكرية تراجعت منذ أشهر إلى درجة لم تعد تمثل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل". فقرات من المقالة للتوثيق:
* للأسف، لا شيء مما قاله ترامب أو نتنياهو يوم الاثنين يوحي بأن الخطة ستُنفَّذ فعلاً. وبالتأكيد لا ينبغي اعتبارها تحوّلاً جذرياً في مسار الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، مهما بلغت ثقة ترامب.
*قبل أيام، سُرّب مسودّة من الخطة، إضافة إلى مشروع ما بعد الحرب قيل إنه صُمّم بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. كلا الوثيقتين بدتا طموحتين بشكل مبالغ فيه، إذ تحدثتا عن إنشاء "مجلس سلام" يرأسه ترامب شخصياً، وهو أمر يبدو شبه مستحيل.
*أما النسخة الرسمية التي أصدرها البيت الأبيض يوم الاثنين فكانت مختلفة قليلاً، إذ تضمّنت ثغرات أوسع على الأرجح لترضية نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف. غير أن هذه الثغرات نفسها تجعل الخطة غير مقبولة لشركاء آخرين مهمين للغاية: حكومات الشرق الأوسط، التي تباهى ترامب بدعمها خلال مؤتمره الصحفي.
*هناك مشكلتان أساسيتان في الخطة. الأولى هي الانسحاب العسكري الإسرائيلي من غزة: نصّت الخطة على أن الانسحاب سيكون "مبنيّاً على معايير ومراحل وجداول زمنية مرتبطة بعملية نزع السلاح، هذا يترك الانسحاب خاضعاً بالكامل تقريباً لتقدير إسرائيل.
المشكلة الثانية هي حول إقامة الدولة الفلسطينية: جاء في الخطة أن "مع تقدّم إعادة إعمار غزة، وعندما يُنفّذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، قد تتوافر حينها الظروف لقيام مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني والدولة." لكن حتى لو تمّت الإصلاحات، فإن الدولة غير مضمونة. وبالنسبة لغالبية الفلسطينيين، هذا يبدو أشبه بقول: "لن يحدث أبداً."
*كذلك تطرح الخطة مشكلة وجودية بالنسبة لحماس، إذ تشترط نزع سلاحها، والأسوأ أنه يُطلب من الحركة أن تتعهد بذلك مسبقاً، قبل أي تنفيذ لبقية البنود، على الرغم من أن مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين يؤكدون أن قدرات حماس العسكرية تراجعت منذ أشهر إلى درجة لم تعد تمثل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل.
*مع الشعبية الكبيرة التي يحظى بها ترامب في إسرائيل ـــ والتي قد تفوق حتى شعبية نتنياهو ـــ يمتلك أوراق ضغط قوية قد تنهي الحرب وتغيّر مسار الصراع. لكن هل سيفعل؟ وهل يستطيع إقناع دول المنطقة بدعم خطة طموحة ولكن شبه مستحيلة؟
1-رابط يحيل إلى نص مقالة باراك رافيد باللغة الإنكليزية على موقع أكسوس:
https://www.axios.com/2025/09/30/trump-gaza-peace-plan-israel-changes-hamas-
response?fbclid=IwY2xjawNJEXBleHRuA2FlbQIxMABicmlkETFPQ0dYN1k3ZGRrVE4wR3Jo
AR4V0s_FyevpHrBOh5RBOM4EU5NNDY697lmrzZazcTnVvu3LESjiCTTZi9gOyw_aem
2- رابط المقالة في صحيفة هآرتس:
https://www.haaretz.com/opinion/2025-09-30/ty-article-opinion/.premium/why
-trumps-20-point-plan-for-ending-the-gaza-war-simply-wont-work/00000199