اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• فبركة الاتهامات مظهر من مظاهر الانحطاط والهشاشة الأخلاقية

حسين علي محمد

هه ولير

 

فبركة الاتهامات مظهر من مظاهر

الانحطاط والهشاشة الأخلاقية

 

ورث العراقيون أكواماً من الألغام زرعها النظام السابق في كل زاوية من زوايا البلد وفي كل قرية ومدينة ومحافظة، لا بل وفي كل عائلة وفي كل تجمع سكاني. ولعل أبرز ما خلفه لنا هذا النظام المقيت هو ظاهرة الفساد، التي نخرت ومازالت تنخر في جسد الدولة العراقي بضمنه إقليم كوردستان وفي كل مؤسسات ومرافق الدولة. ولم ينجو من الوقوع في فخ الفساد حتى بعض من عارض النظام وطالب بالاصلاح، ولكنه للأسف وقع فريسة للمظاهر السلبية التي غرسها النظام في المجتمع العراقي والكوردستاني. وكان أكثرها تدميراً ظاهرة الفساد. إنه سرطان يستنزف موارد الدولة المادية والروحية، ويدمر القيم والأخلاق ويخلط الأوراق ويعلي السافل إلى أعلاها ويُوقع بالحليم والحكيم إلى دانيها.

ولا يمكن معالجة ظاهرة الفساد بإجراءات رادعة ومحاكم وشرطة وسجون فحسب، بل يجب بالدرجة الأولى التفتيش عن علاج ثقافي لهذه الثقافة المدمرة، أي إعادة البنية الثقافية والتربوية والتعليمية الإيجابية للشعب، وإزالة ما علق بها من شوائب وتدهور قيمي. ولعل هذا العلاج يحتاج إلى دراسة وإحراءات ملحة ومراسيم استثنائية لتنفيذ اصلاح إداري شامل في مرافق الدولة ودوائرها وحركاتها السياسية وسن قوانين تغلق الأبواب أمام استشراء هذا السرطان في جسد الدولة العراقية وفي وعي الإنسان العراقي والكوردستاني.

 كما يترتب على المؤسسات التنفيذية والقضائية القيام بكل ما من شأنه التصدي لظاهرة استشرت بعد انهيار النظام وهي ظاهرة توجيه الاتهامات لهذا وذاك بالفساد، دون الاستناد إلى أدلة قانونية ولا مستمسكات مطلوبة، ولا التمسك بأي واعز أو ضمير. ويكفي أن يفتح موقع ألكتروني، وما أكثرها هذه الأيام، والتي لم تكرس جهودها  لنشر الوعي والمعرفة، بقدر شرعت بتنظيم حملات من توجيه الاتهامات للجميع ودون تأني أو تبصر. وأصبحت ظاهرة توجيه الاتهامات مظهراً من مظاهر زعزعة الاستقرار في الوضع السياسي، وانعكاس للمضاربات العبثية بين النخب السياسية أو حتى في داخلها، أو مجرد تصفية حسابات شخصية والسعي لتشويه سمعة هذا الطرف السياسي أو هذه الشخصية السياسية بهدف التستر على عيوب موجودة عند من يعتمد هذا الأسلوب المنحط والمتدني أخلاقياً في فبركة  الأكاذيب.

هذا الأسلوب في خلط الأوراق هو وسيلة تتبعها بقايا أجهزة مخابرات العهد السابق، التي تفننت هي الأخرى في نشر المواقع، ودوائر خارجية معادية للشعب  من شأنها تسويد صفحة كل السياسيين العراقيين والكورد منهم  بحيث لا يبقي أحد خارج مظنة الاتهام. فلا تخلو أية دقيقة كل يوم من نشر أخبار مفبركة ومعلومات غير دقيقة يتناقلها ويقع في حبالها حتى من ذوي النوايا الحسنة. والهدف من ذلك هو دفع من لم يقع من السياسيين في هوة الفساد كي يساهم في الفساد و على قاعدة" حشر مع الناس عيد"، فالجميع مبتلون بالفساد وما على الجميع السير في هذه الجادة الموبوءة والانغمار في النهب وممارسة هذه الشطارة . وبالتالي تتحقق إرادة القوى المعادية في الاجهاز على مكسب انهيار الاستبداد في العراق والتمهيد لعودته من جديد، عن طريق بناء دولة هشة لا دوام لها. بالطبع هذا لا يعني أن العراق بما فيه كوردستان مطهر وخال من الفساد والفاسدين الآن، بل إن الفساد قضية غدت مشكلة وينبغي معالجتها، ولا يمكن تأجيل هذا العلاج. ولكن ما يجب فعله هو عدم تحول مكافحة الفساد إلى تقليعة وفبركة الاتهام ضد الجميع بحيث لا يسلم منها حتى من ناضل وخدم هذا الشعب.

نشير إلى هذا بمناسبة نشاط بعض المواقع المشبوهة في نشر اتهامات غير موثقة ومفبركة ضد شخصية معروفة، السيد حيدر شيخ علي ، لها ماض عمالي نقابي وسهم في النضال من أجل الديمقراطية، شخصية جربت سجون صدام وسجون الاستبداد الديني في إيران بكل قسوته وعانت من سيوطه، وقامت بدورها في مواجهة الاستبداد العراقي وقدمت خدمات لإقليم كدرستان العراق عندما استوزر كوزيراً للاتصالات في حكومة الاقليم . فقد عمل السيد حيدر شيخ علي  في هذا المنصب على إعادة بناء منظومة الاتصالات في الإقليم ونجح في ذلك، وبجهد متواضع وبنفقات محدودة مع القطاع الخاص وبموافقة وتوجيهات حكومة الاقليم آنذاك. فالخدمات التي قدمها السيد حيدر شيخ علي لإقليم كوردستان في هذا القطاع الحيوي والمهم والذي كان يشكو من الاهمال ومن فقدان خدمات الاتصال ، فكان مواطنو الاقليم محرومين من فوائد  الثورة التكنلوجية الحاصلة في العالم في الوقت الذي فيه كانت الامكانيات الحكومية عاجزة عن تحقيق مطاليب الناس المتزايدة حينها، فالبنية التحتية في مجال الاتصالات في الاقليم تعود الى خمسينيات القرن الماضي    ، حيث كانت اربيل عاصة الاقليم باقضيتها ونواحيها لاتملك سوى بدالة واحدة عمرها خمسون سنة وعاطلة عن العمل بنسبة 90% ، دعنا عن خدمات الانترنيت والتلفون النقال .... الخ . ولم يكن امام الوزارة سوى معالجة هذا الموضوع الحيوي الا عن طريق الاستفادة من امكانيات وخبرات القطاع الخاص وهذا ما حصل . فاليوم لاتوجد مشكلة او شكوى من المواطنين عن الاتصالات في الاقليم . وليس غريب ان لا يعجب هؤلاء بأن يقف رجل نزيهة على سلم المسؤولية، لذا فقدوا أعصابهم وراحوا يفتشون عن "دفاتر عتگ"، و"إلى سنوات عفا عليها الزمن"، كما حدث بالنسبة لموقع ألكتروني لاينشر فيه الا مايشوه الايجابيات الحاصلة في اقليم كوردستان .فقد نشر هذا الموقع  في 16/11/2011 خبراً  مفبرك "لمراسله" في أربيل عن كشف مثير ومن "مصدر"، ولا يشير إلى اسم هذا المصدر، في وزارة المواصلات في الاقليم، عن حالات فساد قام بها الوزير وحصل على 10% من ملكية وأرباح الشركة المسجلة بأسمه!!!. ويبدو أن المصدر المزعوم لا يدري إن كل شركة مسجلة في الدوائر الحكومية لها أوراقها الرسمية والثبوتية التي لم ينشرها "الفهيم" صاحب الموقع ، ولم يشر هذه المصدر المجهول الهوية والضمير إلى "الصك" الذي استلمه السيد حيدر شيخ علي من السيد رئيس وزراء الاقليم . كما لم ينشر هذا الموقع قيود الأراضي المزعومة التي تسلط عليها الشيخ  علي وهي أراضي واسعة تشمل عشرين دونماً، وهي كبيرة حسب ظروف اقليم كردستان العراق، ولم يؤشر إلى حدودها ومكانها، كذلك الحال عن ماذكره عن معمل البلوك الذي يدعي بعائديته للشيخ علي  . فما هذا اللعب الرخيص. إن الصدمة لم تصب أعضاء الحزب كما يشير الموقع ، وكما يشير هذا المراسل المزعوم، بل الصدمة  أصابت كل من قرأ هذا التقرير المفبرك المفعم بالأكاذيب والذي ينم عن الهشاشة الأخلاقية.

ولكن في كلمة أخيرة عن الهشاشة، وهي تطوع البعض بترجمة هذه الأكاذيب إلى اللغة العربية وتوزيعها على الأقربون وعلى القاصي والداني لدوافع الانتقام والخلاف الشخصي فقط، ولا علاقة لها بالحرص على مكافحة الفساد والمفسدين في بلد سئم الانحطاط والهشاشة الأخلاقية والكذب المفبرك. وأخيراً إن الانسان المنصف والحريص على وطنه وخدمة شعبه الذي مكانه على الارض وسط تضايسها ودروبها وبين اهلها وليس في أعالي النجوم ، يبحث ويتقصى ويحلل ويقارن ويستخلص ومن ثم يستنتج دون كيل الاتهامات الباطلة والمعروفة الغاية والهدف مسبقا ضد هذا وذاك يمينا ويسارا

ختاما قيل من زمان وقيل عن حق :

وإذا أتتك مذمة من ناقص    فهي الشهادة أنك كامل

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.