اخر الاخبار:
افتتاح السينودس الكلداني العام 2025 - الثلاثاء, 18 تشرين2/نوفمبر 2025 11:33
العراق يعزز تحصيناته على الحدود مع سوريا - الأحد, 16 تشرين2/نوفمبر 2025 20:42
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

إنسان للإنسان إنسان// رانية مرجية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رانية مرجية

 

للذهاب الى صفحة الكاتبة 

إنسان للإنسان إنسان

رانية مرجية

 

في زمنٍ تتسارع فيه التحوّلات وتتراجع فيه القيم، يبدو سؤال الإنسانية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى:

كيف نُبقي إنسانيتنا حيّة وسط عالمٍ يزدحم بالخوف، ويتّسع فيه الفراغ الروحي أكثر مما تتّسع المدن؟

 

لقد تعلّمت من تجارب الحياة أن الإنسان لا يُعرَف بما يرفعه من شعارات، بل بما يزرعه من أثر.

فالقوة ليست في القسوة، ولا في رفع الجدران، بل في القدرة على أن نرى الآخر كما هو:

مخلوقًا هشًّا، يبحث عن الأمان، ويحمل أسرارًا لا يعرفها أحد، ويخوض معاركه بصمتٍ لا يسمعه أحد.

 

إنّ أعظم ما يمكن أن يقدّمه الإنسان للإنسان ليس مالًا ولا جاهًا، بل قلبًا لا يحكم، وأذنًا تُصغي، ويدًا تمتدّ قبل أن تُسأل.

فالرحمة ليست رفاهية أخلاقية؛ إنها ضرورة لئلا يتحوّل هذا العالم إلى مكان لا يُطاق.

 

لقد بات واضحًا أن الانقسام لا يولّد إلا المزيد من الانقسام، وأن الخوف يصنع أوهامًا أكبر من الحقيقة نفسها.

أما اللقاء، فبإمكانه أن يكسر دائرة الشك، وأن يعيد تعريف الإنسان للإنسان.

فما يجمع البشر أكثر بكثير مما يفرّقهم:

الألم الذي يعبر القارات، الحُلم الذي لا يحتاج ترجمة، والبحث الدائم عن معنى يجعل الحياة تستحقّ أن تُعاش.

 

إن عبارة “إنسان للإنسان إنسان” ليست دعوة مثالية، بل دعوة واقعية لقراءة العالم بعين أقل حدّة وأعمق فهمًا.

هي محاولة لاستعادة البساطة التي تاهت في زحمة العنف، واستعادة الصدق الذي ضاع بين الأصوات المرتفعة، واستعادة ذلك الإحساس النبيل بأن وجودنا مرتبط بوجود الآخرين، وأن الإنسان لا يكتمل وحده.

 

إنّني أكتب لأقول إن العالم، رغم ظلامه، ما زال قابلًا للشفاء.

وأن الإنسان، مهما أثقلته التجارب، قادر على أن يضيء لغيره طريقًا كان معتمًا.

وأن كل كلمة صادقة وكل خطوة رحيمة هي استثمار في مستقبل أقل قسوة وأكثر عدلًا.

 

وحين أسأل نفسي: ما الذي يجعل الإنسان إنسانًا؟

أجد الإجابة في تلك اللحظات الصغيرة التي لا يراها أحد:

حين يمسح أحدهم دمعة غريب،

حين ينهض شخص لمساعدة آخر سقط،

حين يختار قلبٌ محبةً رغم جراحه.

 

هذه التفاصيل البسيطة هي التي تصنع معنى الحياة، وهي التي تصنع عالمًا يُمكن أن نؤمن به من جديد.

 

إنّ الإنسان، في نهاية المطاف، هو دواء الإنسان.

وبقدر ما نمنح، بقدر ما نكتشف أننا نحن أنفسنا الذين ننقذ أرواحنا، ونحن نظن أنّنا ننقذ سوانا

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.