اخر الاخبار:
افتتاح السينودس الكلداني العام 2025 - الثلاثاء, 18 تشرين2/نوفمبر 2025 11:33
العراق يعزز تحصيناته على الحدود مع سوريا - الأحد, 16 تشرين2/نوفمبر 2025 20:42
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من "ردوها عليَّ إنْ استطعتم"!// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علاء اللامي

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من "ردوها عليَّ إنْ استطعتم"!

علاء اللامي*

 

أعتقد أن الجاهل معرفيا والأعمى سياسيا وأخلاقيا هو ذاك الذي لا يميز بين النقد والشماتة. بين الكشف الموَّثق والشتائم، بين التفكيك المنهجي والثرثرة العاطفية الرثة، لهذا يطالب البعض برأس كل من ينتقد ما يسمى باليسار والمدنيين (المدنية هو الاسم الذي اخترعه المُنَظِّر الدجاجي بديلا للعلمانية كي لا يستفز المعممين وكهنة الإكليروس) بعد خيبتهم الثقيلة في الانتخابات الأخيرة!

 

لقد حصدتم ما زرعتم؛ حصدتم مشاركتكم في مجلس حكم بريمر الاحتلالي إلى جانب عتاة الطائفية والسلفية والعرقية الانفصالية،

ومشاركتكم في لجنة كتابة دستور المكونات إلى جانب ممثلي القوى الرجعية المحافظة والمرجعيات الطائفية.

وانشغلتم في تأثيث المقرات بدلا من النقابات،

ومهرجانات الكتب والأصبوحات الشعرية بدلا من الأسواق التعاونية للفقراء،

وانشغلتم بالأطروحات الجندرية وأهملتم النساء العراقيات المظلومات والمضطهدات من قبل الذئاب البشرية الشبقة من ذوي العمائم والأفندية.

 

وقفتم ضد انتفاضة تشرين 2019، وأصدرت قيادتكم في البداية توجيها داخليا لرفاقكم بعدم المشاركة فيها لأنها "نشاطات مشبوهة تدار من جهات مريبة"، ولكن رفاقكم سخروا من توجيهكم وتمردوا عليه وشاركوا شباب شعبهم فيها وقدموا بعض الشهداء فخضعتم لمنطقهم الجريء وتبعتموهم كالخراف الضالة وبدأتم تمجيد الانتفاضة كأنكم أنتم من أطلقها.

 

سكتم على فساد الإقطاع السياسي الكردي في الحزبين، ولم يصدر منكم سطر واحد طيلة ربع قرن يدين القمع والاضطهاد الذي مورس ضد المعارضة الكردية والناس المستقلين الذين تظاهروا ضدهما،

 

ولم تنطقوا حرفا واحدا ضد محاولة البارزاني الانفصالية بالتعويل على الجهد الإسرائيلي ودعاة ومُنَظِّري الحركة الصهيونية من أمثال برنار ليفي وكوشنير وديفيد بولوك ووقف ممولكم وعضو مكتبكم السياسي السابق فخري كريم بين هؤلاء حاشرا نفسه حشرا وبشكل أخرق بينهم في صورة تذكارية لتخليد عاره!

 

تحالفتم انتخابيا مع الداعية الصهيوني مثال الآلوسي رغم كل ما قيل بحقه وفشلتم، ثم تحالفتم مع الإسلاميين الشيعة في تيار الصدر وفشلتم،

وها أنتم تتحالفون اليوم مع حامل الجنسية الأميركية والعضو في حزب ترامب الجمهوري عدنان الزرفي وكأنكم "حالفين يمين" على أن تفشلوا وتعالجوا خطأكم بخطأ جديد!

 

*ردوا عليَّ واحدة من هذه الأخطاء الكارثية إنْ استطعتم وكذِّبوها؟! هل انتقدتموها؟ هل تحفظتم عليها علنا؟ أين ومتى؟ إنَّ أي نقد لمسيرتكم على الأقل منذ 2003 وحتى اليوم يقفز على هذه الأخطاء الفاحشة والكارثية لا معنى له ولا فائدة منه ولن يعني سوى بقائكم في الهاوية نفسها؛ هاوية الفشل والتراجع والضمور!

 

الأدهى والأَمَرُّ أن بعضكم لا يعترف حتى بالهزيمة التي حلت بهذا العنوان "اليساري المدني" بعد أن فشل في إيصال نائب واحد إلى مجلس النواب ونجحت بعض العشائر الصغيرة والتجمعات الموسمية البائسة من إيصال أكثر من نائب، فيقول: "نحن لم نفشل لأن برنامجنا الانتخابي أفضل برنامج سياسي طُرح"!

 

ترى ما الفرق بين هذا الذي ينكر الهزيمة التي حلت بكم والدكتاتور صدام حسين الذي أنكر هزيمته وظل يسميها "انتصارات أم المعارك المجيدة"، في حين أن فرق التفتيش الأميركية لم تستثن حتى غرفة نومه من التفتيش والمرمطة والإذلال؟

 

بصراحة، فإن عداءكم الشرس وحساسيتكم المرضية للنقد والكشف والتفكيك المنهجي سواء وجه إلى حزبكم أم إلى الإقطاع السياسي الكردي يشير إلى أن الرؤوس الستالينية المتعجرفة غير قابلة للعلاج حتى وإنْ ارتدت أقنعة حداثية وليبرالية يسارية وتبرأت من ستالين ولينين طالما هي تعبد الغرب الليبرالي.

 

صدقوني، بلا نقد ولا مراجعة فإنَّ هزائم أخرى تنتظركم في المستقبل، وأن المستقبل الذي تتوجهون إليه هو الاندثار والتلاشي بعد أن ساهمتم بقصد أو بدونه في ترسيخ الأنظمة الأكثر رجعية في تاريخ العراق، وتأبيد انتصارات القوى الظلامية والطائفية السياسية العميلة للإمبريالية الأميركية والدول الإقليمية.

 

لا خيار أمامكم سوى النقد الجذري والحقيقي والمخلص لأخطائكم وحماقاتكم، لماضيكم ولحاضركم. نقد لا يرحم، ولا يستثني أحداً أو شيئاً، نقد هو عماد الفلسفة والنظرية التي تتشدقون بالانتماء إليها زورا أي الماركسية...

 

لا خيار لكم ولن تقوم لكم قائمة ولن تفوزوا بشيء ذي قيمة طالما أسلمتهم قيادكم للتكرار والطاعة العمياء لمن هم فوقكم من عجائز لا يريدون أن يعترفوا بأنهم شاخوا وأن الزمان تغير والعالم تغير وأن الكلمة الآن للشباب الباحثين عن الحقيقة والمراهنين على العلم والتقانة ومزج الوعي الثوري بالعلم الحديث.

 

وأعترف لكم بأنني شخت أيضا، ولكني أحاول أن أستمر بالقبض على جمرة الانتماء إلى الحقيقة والمشاعية الحقة فأنفض من على كتفيَّ الغبار وخيوط العناكب بين الفينة والأخرى، واتصالح مع الشمس فأتسلح بالنقد بحثاً عن الحقيقة لأنها ثورية دائما، بعكس من يتسلح بالتكرار والتقليد والانصياع والامتثال دعوا الشباب يصنعون أنفسهم وتاريخهم بعيدا عن خيباتكم ... سلام!

 

*كاتب عراقي

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.