اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لماذا قانون التقاعد؟ بين إنصاف العجزة وتبذير اموال الدولة -//- د. باسم سيفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لماذا قانون التقاعد؟ بين إنصاف العجزة وتبذير اموال الدولة

د. باسم سيفي

في اوائل اكتوبر 2013 تناولت الانباء صدور مشروع قانون للتقاعد من قبل مجلس الوزراء لمناقشته ثم اقراره من قبل السلطة التشريعية ليكون قانونا ملزما على ضوئه تعطى حقوق المشمولين. وفي اواسط الشهر صرح البعض بانه قرار من مجلس الوزراء يزيد الراتب التقاعدي للموظفين ذوي الدرجات الدنيا فهو اكثر عدلا ولا يحتاج الى تشريع قانون جديد من قبل مجلس النواب! وفي نهاية الشهر عرض القانون للقراءة الاولى في مجلس النواب! لست بصدد مناقشة هذا القانون/القرار فهو من جهة غير متوفر لدي بنصه الرسمي ولا اعرف مكان وجوده فهو يبدو ايضا سري مثل كثير من اخوانه من الستراتيجيات والقوانين المقترحة، ومن جهة اخرى لست ضليعا بالموضوع ولا ارغب الدخول في تفاصيله المعقدة.

ولكني اود طرح بعض المواضيع المهمة والمبدأية في مسألة التقاعد عسى ان تفيد في تجنب التمادي في تبذير اموال الدولة وفي التوزيع الغير عادل وحتى الباطل والغير عقلاني مثل اعطاء رواتب تقاعدية دسمة ومدى الحياة لاعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء والرئاسة وان خدموا فترة قصيرة. مناقشة بعض المظاهر التقاعدية السيئة وتحديد الاسباب الموجبة لاعانات التقاعد وقوانينه يمكن ان تساعدنا على وضع قانون متوازن وعادل ويشمل الجميع، وليس هوجائيا يبعثر اموال الشعب على من هم ليسوا بحاجة الى الاعانات التقاعدية لانهم يملكون من الموارد ما يكفي اضعاف ما يحتاجونه فيما تبقى لهم من العمر، ويحرم شريحة واسعة من العمال والمزارعين والكسبة الذين مارسوا ويمارسون اعمال انتاجية هي الاهم في المجتمع من اعمال الموظفين بشكل عام.

1. قوانين التقاعد الحالية جائرة وغير منصفة ويتحكم فيها عند التطبيق كثير من النفوذ والمحسوبية مثل ما نراه في احتساب اعوام الفصل السياسي من الخدمة وفترات الهجرة والتهجير سنوات خدمة في حساب التعويض التقاعدي. فلو نظرنا الى التعويضات التقاعدية لحملة شهادات الدكتوراة ممن عاش في المهجر سنوات طويلة لوجدنا الشرائح التالية: شريحة تحصل على اكثر من مليونين دينار في الشهر واخرى بين مليون ومليونين في الشهر وثالثة اقل من مليون واكثر من نصف مليون ورابعة اقل من نصف مليون دينار في الشهر وخامسة صفر لانها لم تعين في الدولة العراقية. هذا ويقال بان هناك آلاف من سياسيي وخبراء ما بعد السقوط يحصلون او سيحصلون على رواتب (معونات) تقاعدية تزيد عن اربعة ملايين دينار في الشهر. بالاضافة الى مهازل اخرى غير مقبولة مثل كثرة من قوانين تقاعد استثنائية لفئات معينة، نرى وكما ذكرنا حرمان معظم المواطنين من تعويضات التقاعد وحصول البعض على الملايين ومدى الحياة على خدمة قصيرة فوائد بعضها للشعب العراقي اقل بكثير من اضرارها.

2. ليس غريبا ولا جديدا ان نرى المتنفذين والمسؤولين يعلنون شيئا حقا عن اجراء او قانون ولكنه في الحقيقة وبالاخص في التنفيذ تظهر فيه اشياء باطلة. فمثلا الخبراء والمتنفذين مغرمين باعتماد اخر راتب كاساس لحساب التقاعد ويطرحونه على انه حق ومرتبط بجهد وتطور عمل الموظفين والعاملين ويتناسون بانه حاليا معظم، او حتى كل، ذوي الرواتب العالية انما اصبحت رواتبهم عالية مؤخرا وبالصدفة لاسباب لا علاقة لها بالكفاءة والانتاج بل بالمحسوبية واستغلال الفرص، فكم من مدير وخبير واستاذ وعضو مجلس نواب اومحافظة لا يستحق منصبه، وراتبه قبل خمس سنوات او عشرة لم يكن ربع راتبه الحالي وان اختلفت طرق الحساب. لذا علينا ان نعي بان واضعي قوانين التقاعد ليسوا محايدين ويجب مناقشة مقترحاتهم.

3. تحويل نسبة من اموال التقاعد، واتوقعها كبيرة، الى الخارج كون المتقاعد يسكن خارج العراق تضر كثيرا باقتصاد العراق لانها لا تساهم بالانتاج المحلي. فالمبلغ الذي استلمه وانا ساكن في العراق يصرف معظمه لشراء بضائع وخدمات مختلفة من مسكن ومواد غذائية ومواصلات وزيارات للمطاعم واكثرها يصبح دخل للاخرين الذين بدورهم ينفقون معظمها على شراء ما يحتاجونه من غذاء وبضائع وخدمات، اي فلوس النفط تساهم بزيادة الانتاج الوطني الغير نفطي. اما اذا استلمتها وانا اسكن خارج العراق واصرفها هناك فهذا يعني استخراج وبيع كمية من النفط وتسليمي مبلغ البيع بالدولارات لاصرفه في الخارج. هذا السخاء الشاذ يجب ان يناقش ويعالج من خلال ربط جزء من التعويضات التقاعدية بالسكن في العراق.

4. مثل القوانين والستراتيجيات المهمة والضرورية في بناء العراق الانتاجي والمتحضر يجب مناقشة قانون التقاعد بشكل واسع وعلى كافة المستويات وعدم حصره بين الخبراء ومجلس الوزراء ومجلس النواب لان ذلك يثري النقاش ويحسن القانون ويجعله اكثر عدلا واكثر تناغما مع مصالح شرائح الشعب المختلفة ويراعي ايضا الاقتصاد الوطني ومستقبله. مثل هذه المناقشات التي تنفتح على المواطن في مواقعه المختلفة وتشركه لابداء رأيه ضرورية وفعالة في تقوية الهوية الوطنية والانتماء الى الامة العراقية بالاضافة الى كونها ستبرز جوانب مهمة تصعب على السياسي والخبير تشخيصها. مناقشة القضايا المهمة في حياة الشعب على المستوى الوطني واستلام المعونات والحقوق على اساس المواطنة والدولة المركزية تضعف الجوانب السلبية للهويات والانتماءات المختلفة لدى المواطنين.

5. السبب الاساسي لتعويضات التقاعد هو ضمان حياة كريمة للمواطن عندما يصبح العمل صعبا عليه بسبب تقدم العمر او العجز عن العمل لاسباب مختلفة. هذا السبب معقول جدا وحق ومن الصعب المجادلة ضده ويعني، اذا كنا نؤمن فعلا بالمساوات بين الناس، تخصيص راتب او تعويض تقاعدي بشكل متساوي لكافة كبار السن والعاجزين عن العمل يعينهم على العيش بكرامة. وهنا اتجرأ واقدر هذا الراتب ب200 الف دينار شهريا (حوالي ضعف حد الفقر) لكل مواطن عراقي يسكن العراق ومتقاعد عن العمل سواء كان موظفا في الدولة ام عاملا في القطاع الخاص ام لا يعمل لاسباب مختلفة، رجلا ام امرأة، طبيبا ام عامل نظافة، عضو مجلس نواب ام خادما في مسجد او كنيسة. هذا المقترح اقرب كثيرا الى الدستور وروحه عندما يقول بان النفط ملك لجميع العراقيين من التوزيع الظالم لاموال التقاعد حاليا.

6. السبب الثاني لتعويضات التقاعد هو نوع من التعويض عن نهاية الخدمة تمكن العامل والموظف والطبيب والسياسي والمزارع والجندي من تجميع ما يحتاجه من موارد للحفاظ على مستواه المعيشي بعد التقاعد عن العمل. هذا السبب وجيه ايضا ويمكن اضافته الى السبب السابق ولكن من الصعب ان نراه يشمل موظفي الدولة فقط وتتحمله الدولة لوحدها دون اعتبار لمسؤولية المواطن في ذلك وسنوات عمله ومجموع الرواتب التي استلمها والضرائب التي دفعها. هنا يصبح اعطاء تقاعد لموظفي الدولة بما يعادل 80 بالمائة من الراتب الاخير باطل في باطل خاصة وانهم لا يعملون واصحاب الدرجات العليا منهم متمكنون ولديهم من الموارد ما يكفيهم للمحافظة على مستواهم المعيشي. الافضل والاعدل هنا ان تكون مساهمة الدولة بقدر ما يدفعه الشخص لصندوق التقاعد حسب نظام ضريبي معقول ويتماشى مع ما موجود في البلدان المتقدمة المنتجة وليس بلدان المشايخ النفطية او جمهوريات الموز.

7. الخبراء والسياسيين والمتنفذين من اصحاب الدرجات العليا بامكانهم ايجاد كثير من الاسباب الاخرى لتضخيم رواتبهم التقاعدية وكلها باطلة بدرجة او اخرى ويمكن ان تحل خارج نظام التقاعد لتجنب التعقيدات والثغرات التي ينفذ الفساد من خلالها واليكم بعضا منها. الخدمة الجهادية، وهي مضاعفة سنوات الخدمة لغرض التقاعد في الاعمال الخطرة مثل عضوية مجلس النواب وشغل مناصب في الدرجات الخاصة والعليا وقد تشمل الاعمال الامنية، وحلها يفترض ان يكون باعطاء مخصصات خطورة والتزام الدولة عند التعرض للحوادث وليس خربطة نظام التقاعد من اجل زيادة سنوات الخدمة لمن جاء بعد السقوط والاحتلال ولمن يريد العودة باسرع وقت الى البلدان التي جاء منها، او احسن منها. حجة انصاف وتقدير العاملين في الدولة العراقية غير مقنعة في ظل البطالة المقنعة والتهافت على التعيين الحكومي، وكذلك حجة تشجيع الكفوئين للعمل في الدولة العراقية.

 

والعراق يتمتع بواردات نفطية عظيمة، من المناسب جدا ان يكون لديه قانون تقاعد موحد يضمن حياة كريمة لمواطنيه عند تقادم العمر. ولكن ذلك يجب ان لا يضر القطاعات الانتاجية في الزراعة والصناعة والخدمات ويكرس الدولة الريعية واللعنة النفطية لان موارد النفط غير دائمة والعمل والانتاج هو اساس الانسان وتواصل المجتمعات. لضمان ذلك لابد من التوجه على جعل التقاعد في حدوده الدنيا لكي لا يرهق ميزانية الدولة ويعيق الاستثمار ويربك سوق العمل وبنفس الوقت لا يعفي المواطنين من مسؤليتهم عن مستقبلهم. من المعقول ان يشمل مثل هذا القانون العمال والفلاحين والكسبة في القطاع الخاص ايضا، وان يكون ذا جزئين احدهم مرتبط بالسكن داخل العراق ويمكن ان يكون بمثابة راتب عام والجزء الاخر مرتبط بانتاجية المواطن في حياته ومساهماته في صندوق التقاعد على مدى سنين العمل وحسب معادلة مشجعة.

 


أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.