اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

كيف تعرفت على لطيف ﭙـولا // غانم حنا النجار

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 



كيف تعرفت على لطيف ـولا

غانم حنا النجار

من خلال مشاركتي في مهرجان نادي بابل في بغداد في نهاية تموز عام 1999م  تعرفت على الفنان لطيف ـولا وكان اول مهرجان حضرته , كنت استمع الى لطيف ـولا وهو يقرأ قصيدته الشعرية  بكل بحماس  ..ثم انتقل لطيف ولا الى فقرته الكبيرة وكانت عرضا مسرحيا شيقا , بل كان اوريتا كبيرا وتاريخيا يمجد نضال شعبه ضد المستعمرين عنوان الاوريت كان (قـِنــّا دنشر ِ, عش النسور )  من تاليفه والحانه ,وأدى دور البطولة فيه . بعدها شاهدته في فقرة أخرى وهو يغني ويعزف على عوده الجميل وبصوته العذب, وكان يرتدي  الزي الألقوشي الجميل والأصيل . لكثرة ما اثر بي قلت مع نفسي هذا فنان بألوان زاهية مثل أشعة قوس وقزح .

وعندما انتقل لطيف ـولا من بغداد الى القوش مسقط راسه في 2001م , بالأضافة الى اعماله الادبية والفنية التي كان يقدمها لجمعياتنا واحزابنا سواءا في القوش او دهوك او عينكاوة او كرملش او بغديدا او تللسقف واماكن اخرى كان ولا يزال  يتسلق جبال القوش بكثرة في وهدة ربان هرمز , وـا دمايا,  ونيرا ﭖ ِ,شويثا دناو ِ, أقلا بارا ,بيسقين , شيرو وملكثا ,باصواي , طنطور , قـَلا , ار ِ ددبـّا ,رش ريشا , خاتونيات ,وا دمنارا ,زرزمين ,رأولا دسيما ,بيزلان ِ , وأ دسَمو , بالاضافة الى جولاته من بي كـَلبا  وخبراثا دخنداقِ ِ الى بندوايا مشيا على الأقدام  وجولاته ومن وهدة بــَرسمل ِ على طول أمتداد رأولا دأومرا , رأولا دكـَفر ِ , رأولا دلـَمصا وحتى التل الذي نسميه را مشيا على الاقدام ..وزار وصور معظم الكهوف في جبل القوش ووهدة بندوايا ..يقطع المسافات الشاسعة بين تلال ووديان القوش والقرى المجاورة ,اذ صور نشاطاته الفنية في قرية سريجكا وبوزان وشرفية بالاضافة اللى اماكن اخرى ابعد من ذلك .وله شغف كبير في الطبيعة وفي البحث عن أي ائر يعود لحضاراتنا العريقة ..وفي يوم من الايام كانت ألسِنــَة النار صاعدة من تنورنا امام منزلنا في القوش , تقذف بجمرات صغيرة عبر الهواء  وكانها نجوما تسطع في الظلام , وزوجتي قد شمرت عن ساعديها تخبز خبز القوش المعروف بتنوع اسمائه وطعمه واشكاله من خبز رقاق , ـَثخاثا , تخراثا , مطـَبـَّق , خبز بالجبن , خبز بالسمسم , ـَرتوو ِ, جـَل ِ دـَرـور , جل ِ دسـِسق ِ, كولــّيــﭺ ِ..وبجانب التنور كانت زوجتي قد هيأت ايضا زيرين ( قوقا ) ( بستوا),  

زير فيه هريسة والآخر حمص لتضعهما في التنور بعد الانتهاء من الخبز .لان من عادة الالقوشيات ان يضعن هذه الأواني في التنور ويبقى للصبح يطبخ  على حرارة  جمرات التنور ليغدو في الصباح فطورا لذيذا, سواءا كانت باقلاءا او حمصا او هريسة او عدسا.. وانا واقف بجانب التنور تذكرت صديقي لطيف ـولا الذي يحب كل ما يتعلق بالقوش, ومنها اكلاتها الشعبية  سيما وهو يحيا وحيدا , الا من آلاته الموسيقية وقلمه الذي لا يفارق يده , فتناولت قرصتين من الخبز الحار, وعندما وصلت الى بيته طرقت الباب وإذا بصديقي امامي يستقبلني بحرارة وبكلمات رقيقة فيها رهافة الشعراء وصدق محبتهم  مـُرحبا بي : ( اقذ !اقذ !  بشينا ! بشينا وبشلاما بأرخن عزيزا من تاما وهل لآخا !) ..وعندما ناولته الخبز شكرني كثيرا وقال, وهو يتأمل الخبز , ذكرتني امي العزيزة ! .وقال ايضا ,وهو يستذكر طفولته ,عندما كنا صغارا كنــّا نتوسط الكانون ( المتقل ) ونضع الخبز فوق جمراته فيلتف على بعضه ونسميه ( زمورا ) ..

قلت له لماذا كنا نسميها زمور ِ ؟! قال  : لأنها تشبه المزمار .. وزمورا بلغتنا يعني المزمار , ولان المزمار اسطواني الشكل فكذلك تصبح قطعة الخبز بهذا الشكل حينما نضعها في الشتاء الرطب على النار. ..ولم تمض الا دقائق وإذا بأقداح الشاي امامنا .

ثم قال مبتسما : لنتناول الخبز الحار والشاي سوية ! قلت له : انا احتسي الشاي فحسب, الخبز لك يا ابا رنين ! ..وبينما نحن نحتسي الشاي كانت عيوني تتجول بين رفوف غرفته, وهي عبارة عن متحف صغير ,فيه من التـُحف الاثرية ما ليس موجود عند غيره ..وجدت على رفوفه بالاضافة الى كتبه والاته الموسيقية  رأيت ألة الجرجر مصغرة والمذراة وقوس النداف وبكرة البئر والمحراث  الخشبي ومناجل الحصاد وانواع كثيرة من الصخور والحجارة جلبها من اماكن متعددة في جولاته الكثيرة وهي بالوان واحجام واشكال متعددة ,وهو يكتب ويعزف ويغني ويسهر  وينام وحده بين العود والبزق والناي والكمان ...صديقنا لطيف هو صديق الحياة والطبيعة, يعشق الفن والعلم والادب , وهو زارعٌ مـِعطاء  ومن دون مقابل ولا ينتظر كلمة شكر من احد كالشجرة المثمرة التي تنفض أثمارها للجميع بصمت وكبرياء وبتواضع الانبياء . فهو  كالفلاح الذي يعطي ارضه كل عمره .ولطيف ولا ايضا هو ذلك الشخص الذي اعطى شعبه كل عمره  وكل انتاجاته الادبية والفنية دون مقابل ..رغم كل هذا السخاء وهذه التضحية قابله البعض بالجحود ونكران الجميل .. إذ قسى عليه الدهر, ظلمه الكثيرون ومنهم اقرب الناس اليه !!! . ولكن لا تراه الا  كجبل القوش  ثابتا, شامخا صلبا رغم محنته التي يخفيها تحت طيات جروحه وما أكثرها ..الأخ لطيف ولا هو مدرسة العلم والثقافة والادب

والشعر والفن والتراث والمسرح والغناء والموسيقى ..وجماهيرنا بشكل عام في داخل الوطن وخارجه تعرف لطيف ولا, ولأعماله الفنية والادبية صدى واسع لديها ,وخاصة في قرى وبلدات شعبنا ..

 

اتمنى لصديقي العزيز الصحة والسلامة والعمر المديد .

وبقدر تشرفي بصداقتكم  اشكرك الشكر الجزيل.  

صديقكم ابدا

غانم حنا نـﮕـارا

 

13ـ 11 ـ 2013 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.