اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات شباط الأسود 1963- اوراق// لطفية الدليمي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوميات شباط الأسود 1963- اوراق

لطفية الدليمي

ذكرى شباط الأسود - لك الله يا وطن الكراهية منذ 1400 عام

الصباح الاول- ورقة اولى

بداية سوداء لعصر الدم والجماجم - بداية اولى لعصور الخراب ودمار البلاد، لحظة الصفر السوداء التي انفلتت فيها الوحوش البشرية من مغاورها لتقتل وتسبي وتغتصب وتعدم وتحرق وتدمر مع صدور البيان الاول وصعود صوت الثأر بصوت امرأة منهم كانت تصرخ في المذياع: أبيدوهم، أبيدوهم لا تبقوا احدا منهم، ابحنا لكم دماءهم من اجل دولتنا القومية.

كان ظهورهم ذلك الصباح احتلالا همجيا لا يشبه اي احتلال، يعتقلك جارك وتلميذك وزميل العمل في لحظة الثأر الوحشية للاقتصاص منك لا لشيء سوى انك لست منهم ومباح لهم اذلالك واغتصابك وقتلك وسلب ماتملك. دخان وسحب سود وبنادق ورشاشات وصبيان مسلحون يطلقون الرصاص على العابرين وابواب البيوت ويختطفون الشباب الى المجهول.

ضربوا الآباء ورجال البيت والاخوة باعقاب البنادق وخطفوهم الى معتقلات مجهولة ومعسكرات اكتظت قاعاتها المظلمة بالالاف من المدرسين واساتذة الجامعات والادباء والموظفين والصحفيين - قتلوا بعضهم في السيارات العسكرية باعقاب البنادق ثم بالرصاص قبل وصولهم الى المعتقلات واخفوا جثامينهم.

الباقون كانوا يؤخذون كل صباح الى ساحة الاعدام معصوبي الأعين لارهابهم : يطلقون الرصاص حولهم ثم يعيدونهم شبه موتى ازاء لقائهم اليومي بالموت المرتقب. احد اقاربنا كان يصرخ بهم: اقتلوني اقتلوني وانهوا عذابي اليومي.

شهور ستة لم نعرف مصير الرجال واهلنا، تجولت انا وجدتي في مدن العراق التي قيل لنا انهم نقلوا اليها آلاف المعتقلين نبحث عن اثر لهم او عن أحد يعلم خبرا عنهم.. آلاف من النساء والبنات العراقيات عربيات وكرديات ومسيحيات وصابئيات كن يتجمعن امام المعتقلات للسؤال عن المفقودين فيصب عليهم الجنود والحرس حقدهم المجنون سبابا واطلاقات وتحرشات.

كنت أسير في الشارع واخشى سطوع الشمس لئلا يراني الحرس القومي. لم اكن اخرج من الباب حين تشرق الشمس، كنت ارجو السماء ان تديم السحب السوداء والرياح لئلا يروا وجوهنا وظلالنا، كنت ارتجف واموت هلعا كلما رن جرس الباب او سمعت صراخ امرأة تخطف من شارعنا ليمضوا بها الى قاعات الاغتصاب او لتعلق بمروحة او ترمى جثة مشوهة في الطرقات. بعد ان اعتقلوا الرجال جاء دورنا للقيام بما يجب لحماية ما تبقى منا، بدأنا بحرق مكتباتنا الثمينة في موقد الحمام (البويلر) وتلك كانت افظع اعمالنا واحزاننا وخسائرنا. كنا نقوم فجرا بحرق الكتب بعد تمزيقها ونزع اغلفتها. كانت مجزرة لا تقل هولا عن مجازرهم. لم تميز جدتي بين كتاب وآخر، فكانت ترى ان الكتب سبب البلاء الذي حل بنا، وكنت اقول لها بل هي التي ستكون سبب الخلاص، فهل اخطأت؟؟ نبدأ باشعال النار في حفرة الموقد لتبقى مياه الخزانات ساخنة لاسبوع كامل جراء حرق العقول التي كنا نعدمها كل صباح.

ـــــــــــــ

 

من الفيسبوك

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.