اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

عن مأساة ربى الجمال وجمعها بين صوتيِّ أسمهان وأم كلثوم (1)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

عن مأساة ربى الجمال وجمعها بين صوتيِّ أسمهان وأم كلثوم (1)

(الحلقة الأولى)

سيمون عيلوطي

 

لا يختلف اثنان على سحر صوت أسمهان، وعلى عظمة صوت أم كلثوم، وعلى ملائكية صوت فيروز، ولكن كيف ستكون نشوة الطَّرب إذا استمعتَ إلى صوتٍ يجمعُ في حنجرته بين سحرِ وعظمةِ هذه الأصوات كلها، ويستحضرها بأسلوب خاص به، ثم يسكبها بكؤوس العسل في آذان المستمعين، فيتمايلون كالسَّكارى، أنَّه صوت المطربة السوريَّة الكبيرة، ربى الجمال، صاحبة الصوت الأبورالي-الغربي، والشَّرقي الذي يصدح بجميع ألوان الغناء الطربي، بسهولة، وعذوبة تسحر الألباب، وتأسر الروح في نشوة الطرب.

 

والغريب أنَّ صاحبة هذا الصَّوت، المعجزة، كانت وما زالت مُغيَّبة عن الإعلام العربي عامَّة، وفي بلدها سوريا خاصَّة، في حين أنَّ هناك على السَّاحة الغنائيَّة العربيَّة، وأخص بالذِّكر السَّاحة اللبنانيَّة الكثير من الأصوات التي تغنِّي خارج الطَّبقة، ولكنَّها تحظى بتغطية إعلاميَّة واسعة، والأغرب من ذلك أنَّ بعض الفضائيَّات العربيَّة تضعهم، على علَّاتهم، ضمن لجان التَّحكيم في برامج مسابقات المواهب الغنائيَّة.

 

الإعلام العربي لم يكتفِ بتجاهل هذه المطربة القديرة ربى الجمال، وتغييبها فحسب، بل عمل على تشويه صورتها، ووصفها أنها تعاني من نوبات عصبيَّة، وأنها مزاجيَّة لا تحترم التزاماتها الفنيَّة، وفي بعض الأحيان تعتذر في اللحظة الأخيرة عن حضور الحفل المقرَّر أن تحييه، وغيرها من تلفيق الإشاعات المغرضة. سوف أخصِّص لاحقًا وقفة أفنِّد فيها هذه الأمور التي أساءت إلى أهمِّ صوت شهده الغناء العربي، وقوبل بالتَّجاهل والتَّعتيم. 

     

المطربة ربى جمال في سطور:

ولدت الفنَّانة السوريَّة ربى الجمال عام 1966 في مدينة حلب السوريَّة لأبٍ سوريِّ من أصول أرمنيَّة وأم لبنانيَّة. اسم مطربتنا الحقيقي هو: "زوفيناز خاجادور كاره باتيان".  أما اسمها الفني فهو: ربى جمال.

 

توفيت والدتها وهي لم تزل في عامها الأول، ولها أخت واحدة، وكان والدها يغيب عن البيت لفترات طويلة، ثم سرعان ما يعود حتى يغيب مرة أخرى، لهذا السبب انتقلت زوفيناز إلى الأردن للعيش في دير راهبات الورديَّة، وهناك واصلت تحصيلها العلمي، ودرست الموسيقى، حيث تعلَّمت العزف على آلة البيانو على يدي أستاذ الموسيقى الرُّوسي في مدرسة الدير، وهو من اكتشف موهبتها الفنيَّة، وشجَّعها عندما استمع إلى عذوبة صوتها.

 

تدرَّبت ربى جمال على الغناء مع جوقة الكنيسة حتى أتقنت أداء الغناء الأوبرالي الغربي، وفي عام 1975 كانت انطلاقتها الفنيَّة الحقيقيَّة، إذ غنَّت في العديد من الحفلات التي اثبتت فيها أيضًا تمكُّنها من الغناء الشَّرقي الأصيل، لا سيما تألقها في الارتجال، وتنقلها بين المقامات الموسيقيَّة بأسلوب ميَّزها عن غيرها من المطربات وجعلها تقف شامخة إلى جانب أسمهان وأم كلثوم ما سبَّب لها متاعب كثيرة مع الفرق الموسيقيَّة المرافقة لها، والتي لم تستطع أن تجاريها في الارتجال، وسوف أعود  بعد   قليل إلى هذه المسألة، بالتَّفصيل، لأهميَّتها، خاصَّة ما تركه من أثر سيء على نفسيَّتها أدَّى إلى اعتزالها ورحيلها عن عالمنا في العام 2005، عن عمر ناهز 39 عامًا.

 

(ربى الجمال: حفل دار الأوبرا المصرية، 1996)

https://www.youtube.com/watch?v=OaLF9FgNbCw

 

موهبة ربى الجمال الخارقة للعادة، دعت إذاعتي بيروت ودمشق عام 1979، إلى اعتمادها كمغنيَّة، وقد تمكَّنت عبر أثير هاتين الإذاعتين أن تنشر فنَّها الذي استقبله الجُّمهور السُّوري واللبناني بالكثير من الاعجاب، بعكس والدها المتعصِّب-المحافظ، إذ رفض بشدَّة أن تدخل ابنته مجال الفن والغناء، بل أصرَّ على أن تصبح طبيبة، فسافرت ربى إلى فرنسا لدراسة الطِّب، وتخصَّصت في مجال طبِّ الأطفال، وكانت تتدرب على مهنة الطِّب في النَّهار بأحد المشافي، لكنَّها لم تنسَ موهبتها، فأخذت تغنَّي في المساء على مسرح قاعة من قاعات فنادق باريس، حتى اكتشفها مدير الأوبرا الفرنسيَّة الذي أدهشه صوتها السوبرانو، فقام بدعوتها للمشاركة في حفل تكريم المغنيَّة الرَّاحلة ماريا كالاس، أحدى أشهر مغنيات الأوبرا، "بقرار سوبرانو"، فازت ربى في هذا الحفل  بالمرتبة الأولى على ثلاثين مغنية، أغلبهنَّ أوروبيَّات، وحازت على لقب أجمل قرار سوبرانو، وبهذا اللقب، ثَبَّتت ربى الجمال خطواتها على طريق الفنِّ والغناء، بثقة أهلتها أن تواصل مشوارها الفني، مستبدلة رداء الطبيبة الأبيض، بفساتين سواريه تناسب مسارح الغناء.    

 

كما حصلت في هذا المهرجان التَّكريمي على لقب أعلى صوت نسائي في العالم، بالإضافة إلى حصولها على لقب سيدة الأناقة والرقي، ولقب أفضل قرار سوبرانو في المهرجان.

 

تنويه:

اعتمدتُ في المقال أعلاه على ما أذكره من قراءاتي عن المطربة ربى الجمال، وكذلك، "بتصرف" على مقاليّ "نيوز"، بعنوان: "قصة ربى الجمال"، ومقال نبيل محمد، نشر في موقع "عنب بلدي"، تحت عنوان: "حين قتلوا ربى الجمال ".

(يتبع)

  (ربى الجمال عودت عيني) وتألّقها في الارتجال:

https://www.youtube.com/watch?v=z4viuJ1wyDo

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.