اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• التلازم بين الوطني والقومي في الدولة المدنية

عبد الرحمن آلوجي 

 مقالات اخرى للكاتب

 

·        التلازم بين الوطني والقومي في الدولة المدنية

(البعد الوطني يؤكد البعد القومي ولا ينفيه )

 

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول موضوع الحداثة والتغيير , وضرورات التجدد والتحول, ونبذ الكراهية والمقت , واتخاذ الحوار العلمي المتزن والهادئ الوسيلة المثلى للانفتاح والتواصل لبناء حالة استراتيجية من العمل الوطني المشترك في المجتمعات ذوات الطابع التعددي"إثنيا ودينيا ومذهبيا وفكريا " , وبخاصة فيما نعيشه من واقع حي ومتحرك ونشط في سوريا , وما ننشده ونبتغيه من مساواة وإخاء وجمع للكلمة في مواطنة حرة جامعة , والذي أكدناه ونؤكده من خلال جملة لقاءات وكتابات ومداخلات متعددة وبشكل مستفيض – ولأول مرة بوضوح تام في المركز الثقافي العربي بالحسكة – والتي نوهنا فيها – في مقالات سابقة , بحضور المسؤول الإعلامي للحزب القومي الاجتماعي السوري الأستاذ " كمال نادر " , ومن قبله ما طرحناه من شعار مركزي أساسي لحزبنا " باعتبار المواطنة الحرة معيارا أساسيا لنضال مدني ملتزم " إثر مناقشات مستفيضة في المؤتمر العاشر وما تلته من مواقف ومقالات منشورة وفي حوار محتدم حول هذه الاستراتيجية في الآونة الأخيرة على صفحات الانترنيت, وما حدث من أمور مؤسفة, كان الأولى أن يتعاون الجميع في مختلف الأطياف لدعم ومساندة هذه الاستراتيجية في إطار المولاة والمعارضة , والتي تجسد هذه الرؤية التي تخدم " التلازم الوثيق بين البعدين الوطني والقومي " في دولة المواطنة والحداثة , التي تليق بشعب سوري عريق متعدد الفكر واللون والمذهب, إذ أن الوطنية كاتجاه سياسي , ومصطلح معتمد يعني " انتماء واعيا ..إلى الدولة الوطنية الحديثة ,على قاعدة الحقوق المدنية المتساوية , وما تعنيه هذه الحقوق من واجبات والتزامات ,لأنها – أي الوطنية – انتماء واع .. سياسي وأخلاقي, إلى جماعة سياسية حديثة .. جاد الكريم الجباعي مقال منشور بتاريخ 2/3/2009بعنوان " الإنسانية أساس الوطنية ورافعتها " .." والذي يؤكد " إنسانية المواطن ككائن عاقل حي, وعلى الجماعة الإنسانية العاقلة والأخلاقية تحديد مفهوم هذا المجرد بامتياز والذي هو الإنسان .. ومن ثَمَّ فإن الإنسانية هي أساس الوطنية السياسية .. المصدر نفسه .." هذا الطابع الإنساني الذي يؤكد البعد الوطني والقومي وهو من أكبر المستلزمات التي ينبغي التأكيد عليها , باعتبارها محورا حياتيا لكل ما يبنى عليه من رؤى وتصورات تصب في اتجاه أخلاقي وسياسي جامع يؤسس لمرجعية فكرية رائدة , تجعل مفهوم الوطنية قائما على أساس احترام الإنسان وخصائصه ومزاياه وتقدير إنسانيته , وبالتالي بعده القومي المصطبغ بتلك السمة الإنسانية الكبرى, والتي هي من علائم المواطنة الحقيقية التي لا تنفصل عن بعدها الوطني لكل المكونات المتعددة , ومن هنا جاء التركيز على الهوية الوطنية في الدولة الحديثة والداعية إلى  واجبها في " تأمين شروط الممارسة القانونية لها, وبالتالي ضمان حرية أبنائها ومساواتهم , وبناء مفهوم المواطنية, بدلا من التركيز على مسألة الهوية والتجانس والاندماج ... بتضخيم الحديث عن الهوية والانتماءات الثقافية والتاريخية الأحادية .. وكانت النتيجة توليد نزعة وطنية انصهارية صماء , تتطابق مع مفهوم العصبية الطبيعية أكثر مما تعبر عن نشوء فكرة وطنية وشخصية سياسية حقيقية .. " مما لا يتلاءم قطعا مع " هذا التعدد الواسع في المجتمعات الآسيوية و بعكس ما هو شائع , عن درجة الازدهار الحضاري الذي عرفته هذه المجتمعات في الماضي  فهذا الازدهار لا ينفصل عن نمو قيم التسامح والتعايش , وما يتيحه من إمكانيات التفاعل والتبادل والتواصل بين الثقافات .. مقال د. برهان غليون . بعنوان " في مديح التعددية الإثنية والدينية "  فالتفكير القومي الأحادي ذو الطابع الانصهاري العنصري لا يتماشى مطلقا مع قيم الوطنية والمواطنية التي تتشكل من خلالها الدولة الحديثة التي تنتعش فيها مجتمعات حضارية مرتبطة بالتعدد والتعايش والتنوع الثقافي والقومي المصدر نفسه " لتحقق تميزها الوطني والإنساني العميق في دولة تعتمد المواطنية أساسا ضروريا لبناء دولة ديمقراطية حديثة تلك التي " تضمن الحقوق القانونية والسياسية لجميع المواطنين في بلد من البلدان بصرف النظر عن انتماءاتهم المجتمعية والدينية والإثنية وغيرها .. كما ينص عليه السوسيولوجي الفرنسي الشهير آلان تورين في كتابه ما هي الديمقراطية ص/98/ .."  فالدولة  المدنية توفر قواعد وأسسا في التعامل الديمقراطي المدرك في عملية تصالحية تواصلية تعتمد " الحرية والإخاء والمساواة , إذ لا وجود للديمقراطية دون هذه المبادئ الإنسانية الثلاثة .. المصدر نفسه ص/ 101 "  وعلى هذا المقياس فإن الدولة " المدنية الحديثة الديمقراطية الدستورية المحافظة على كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر, تضمن حقوق و حريات جميع المواطنين باعتبارها دولة مواطنة تقوم على قاعدة ديمقراطية في المساواة بين المواطنين في الحقوق و الواجبات ... مقال للكاتب خالد يونس عن الدولة المدنية الديمقراطية " فالدولة الحديثة القائمة على احترام خصائص مواطنيها لا تفرق بينهم في أية خاصية لصيقة بهم كالجنس واللون والفكر والعقدية السياسية والدينية, ولكنها لا تهمل خصائصهم تلك ومنها الخصوصية القومية التي " تصون كرامة المواطن وقناعاته و معتقداته .. وهذا يعني أيضا انعدام التمييز بين المواطنين بسبب قوميتهم كبيرة كانت أم صغيرة ... المصدر نفسه " فالمواطنة الحقيقية من ضرورات الواقع و جدليات المدارس الفكرية وهو عنوان كتاب كامل في هذا الموضوع للباحث"حسين درويش العادلي" حيث يركز في مقال له من هذا البحث على اعتبار المواطنة " الأساس الأول للديمقراطية وحقوق الإنسان, والعمود الذي تقوم عليه خيمة العقد الاجتماعي ... " ولا يمكن لمجتمع تتوفر فيه قيم العدالة الاجتماعية والمساواة والإخاء إلا أن يتواصل في إطار مكونات المجتمع , ونسيجه المتكامل بتعدديته واحترامه لهذه التعددية الإثنية و الفكرية والمذهبية ومن منطلق الاعتدال القائم على "الفضيلة السياسية" كمصطلح طرحه الباحث "جاد الكريم الجباعي" ويمكن أن نتبناه في بعد عن التطرف القومي بحيث يلغي البعد الوطني, وما يتطلبه من قيم مدنية وديمقراطية وانفتاح و تحاور وتواصل, أو يركز على الوطنية بحيث يطمس البعد القومي و يقع في مطب الأحادية القومية المتطرفة, بدعوى خشية تداعي الجسد الوطني وتمزقه إلى كيانات قومية, مما يحيل إلى ضرورة الوسطية والاعتدال في تفهم حاجات ورغبات وملامح وسمات كل قومية, وخدمة بعدها القومي وطموح أبنائها في ممارسة كامل حقوقهم, ضمن إطار المواطنية الجامعة, وهو ما نركز عليه في سوريا كبلد للتنوع الحضاري و الفكري والعرقي والديني, وهو ينسجم تماما مع التطلعات المشروعة إلى دولة مدنية ديمقراطية متحضرة, نسعى إليه فكرا وممارسة, وندعو من خلال منابرنا الإعلامية, إلى استراتيجية عمل وطني جامع ومشترك, تجعل من المكون الكوردي وقوى حركته الوطنية أحد أركان الوحدة الوطنية التي تزدهر من خلالها هذه الاستراتيجية النضالية, التي يعتز فيها كل مكون بخصائصه الذاتية القومية, في محور وطني مؤسس لرابطة أقوى من أن تنالها عوامل عنصرية تعتمد الكراهية و الاستعلاء والإقصاء, وحكر الفكر والممارسة, واستخدام أساليب الوصاية والتفكير بالنيابة, بدلا من اللجوء إلى حوار مدني هادئ يلتزم بقضايا الوطن الكبرى وتطوره ومواكبته الفكر الحضاري والإنساني في بعد عن التفكير القومي الأحادي المنغلق, الذي يعتمد الاحتواء والإذابة و التقوقع القومي المتشدد.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.