اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ترامب ومخاطر سياسة حافة الحرب// د. عبدالخالق حسين

 

الموقع الفرعي للكاتب

ترامب ومخاطر سياسة حافة الحرب

د. عبدالخالق حسين

 

منذ تسلم دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية يوم 20/1/2017، والعالم، بما فيه أمريكا، يعيش في توتر شديد لم يعهده من قبل إلا في أوقات الحروب. ورغم أن ترامب لم يفز بأغلبية أصوات الناخبين، إذ حصلت منافسته هيلاري كلينتون على ثلاثة ملايين صوت أكثر منه، ولكنه فاز بسبب النظام الانتخابي الأمريكي الخاص. ويعتبر فوز ترامب ضمن المد اليميني الذي يكتسح الغرب كرد فعل للإرهاب الإسلامي الوهابي، والهجرات المليونية، وأسباب اقتصادية صعبة أفرزتها العولمة، وكان ترامب قد وعد الشعب الأمريكي بمواجهة كل هذه الأسباب إذا ما فاز، وخاصة فيما يخص الإرهاب الداعشي والهجرة.

 

كما وعد ترامب الشعب الأمريكي بفترة سلام وازدهار اقتصادي و"جعلْ أمريكا عظيمة مرة أخرى" إذ وعد في حملته الانتخابية: "اننا سوف ننتهج سياسة خارجية جديدة، ونتعلم أخيرا من أخطاء الماضي ... وسوف نتوقف عن النظر إلى إسقاط الأنظمة وإسقاط الحكومات .... هدفنا هو الاستقرار لا الفوضى... في تعاملاتنا مع دول أخرى، سوف نسعى لتحقيق المصالح المشتركة كلما كان ذلك ممكنا، وخلق حقبة جديدة من السلام والتفاهم، وحسن النية ".(1)

 

إلا إنه منذ تسلمه الرئاسة خفتت عنده حدة الهجوم على داعش (ISIS)، واكتفى بترديد تعبير (الإرهاب)، وراح يوجه سهامه على الدول التي تحارب الإرهاب بمنتهى الجدية مثل العراق وسوريا وإيران. وقد وصف الأخيرة  (بالدولة الإرهابية رقم واحد)(2)، وشملها ضمن سبع دول غالبية سكانها مسلمون، بقرار منع رعاياها من السفر إلى أمريكا بحجة "أمن بلادنا في خطر". ولكن المفارقة أن جميع الدول التي شملها قرار المنع هي ضحية الإرهاب وليست راعيته ولا مصدره، ولم ترسل هذه الدول أي إرهابي إلى أمريكا، وبذلك لم تشكل أي خطر على أمن أمريكا كما يدعي ترامب. بينما مد يد الصداقة والدعم للدول الراعية للإرهاب مثل السعودية والدول الخليجية وتركيا، وباكستان، والتي استثناها ترامب من قرار منع السفر. والسبب هو، كما اكتشف أكثر المحللين السياسيين الأمريكيين، أن ليس لمؤسسة ترامب التجارية مصالح في دول المنع، بينما لها مصالح كبرى في الدول التي استثناها من المنع، كما جاء في مقال واشنطون بوست.(3)

وهذا ما جعل غالبية الذي استبشروا خيراً بفوز ترامب أن يصابوا بخيبة أمل، وأنه قد خدعهم، بل يريد دعم الإرهاب لأنه اتخذ موقفاً معادياً من الدول التي تحارب الإرهاب، ويصفها بالدول الإرهابية.

 

وضمن هجومه على إيران، هدد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي الذي عقدته أمريكا في عهد أوباما مع خمس دول كبرى أخرى، وبرعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وتشديد المقاطعة الاقتصادية ضدها، وهدد بشن الحرب عليها. ومن الجانب الآخر راح يخفف من تهديداته ضد الإرهاب، واقترب أكثر فأكثر إلى الدول الراعية له وخاصة السعودية، مما جعل بعض المحللين الغربيين ومنهم السيد باتريك كوك برن في الانديبندنت اللندية، يرى أن قرارات ترامب في منع السفر إلى أمريكا هي ليست موجهة ضد المسلمين كما هو المعلن، بل ضد المسلمين الشيعة فقط، لتصعيد الصراع الطائفي في المنطقة، والمشتعل أصلاً(4). وهذا له مخاطر جسيمة على المنطقة، بل وحتى وعود ترامب بالتقرب من روسيا ومد جسور العلاقة مع بوتين في محاربة داعش، غير مضمونة، فلحد الآن المقاطعة ضد روسيا قائمة.

 

والجدير بالذكر أن ترامب لا يستطيع الخروج على موقف الغرب التاريخي المألوف بالعداء لروسيا، وهو موقف متوارث منذ الاتحاد السوفيتي. فالغرب يبدو أنه لا يستطيع العيش بسلام والحفاظ على وحدته إلا بوجود عدو مشترك، والذي تمثل سابقاً بالشيوعية في عهد الاتحاد السوفيتي، ومن ثم بالإسلاموفوبيا، والتطرف الإسلامي الذي هو بالأساس من إنتاج السعودية، الحليفة المقربة من أمريكا. ورغم أن روسيا الآن لم تعد دولة شيوعية، إذ صارت دولة ديمقراطية بنظام رأسمالي، إلا إن الغرب مازال يصر على اعتبارها دولة معادية تهدد مصالحه، لأن الغرب يحتاج إلى عدو مشترك يحافظ على وحدة دوله، ويمنع نشوب حرب عالمية أخرى فيما بينها، وأمريكا لن تسمح لأية دولة أخرى ترقى إلى دولة عظمى تنافسها في القوة العسكرية والاقتصادية والنفوذ في العالم.

 

والملاحظ أن قرارات ترامب المتشددة لا تمثل مزاج ترامب وحده، وإنما هو اتجاه يميني متشدد سائد في أمريكا والغرب وكل العالم. فكما ذكرت في مقال سابق، أن من دلالات هذا المد اليميني في الغرب هو تصعيد العداء للمهاجرين وحتى المواطنين من أجنبية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، وفوز ترامب في أمريكا، وربما القادم أعظم وأسوأ، وهو احتمال فوز مرشحة حزب الجبهة القومية الفرنسية، مارين  لوبين (Marine Le Pen) في الانتخابات الرئاسية القادمة هذا العام، أو بزيادة نصيبها من الأصوات، وبالتأكيد ستأتي في المرتبة الثانية من بين المرشحين على الأقل في الجولة الأولى من الانتخابات.

 

وكرد فعل لصعود اليمين في الغرب، حصل بالمقابل استقطاب وتشدد في أحزاب اليسار، وعلى سبيل المثال، اصرت قواعد حزب العمال البريطاني على انتخاب جرمي كوبيرن، اليساري المتشدد، لرئاسة الحزب، رغم أن زعامته ستقلص من حظوظ الحزب في الفوز بالسلطة في الانتخابات القادمة عام 2020.

 

ولكن الأخطر على منطقة الشرق الأوسط في سياسات ترامب هو تهديده لإيران وخاصة بعد ما قامت الأخيرة بتجربة إطلاق صاروخ بوليستي، فاعتبر ترامب ذلك مخالفا للاتفاق النووي المبرم، ولقرار الأمم المتحدة. بينما القرار في الحقيقة يمنع التجارب على الصواريخ البوليستية الحاملة للرؤوس النووية فقط، وليس للصواريخ الأخرى. لذلك، فترامب يريد أن يجر دول المنطقة إلى حرب كارثية لا تبقي ولا تذر، إرضاءً لحليفاته في المنطقة مثل السعودية والدول الخليجية وتركيا وإسرائيل، وبالطبع سيكون العراق من أكثر المتضررين.

 

ولكن كما يرى الباحث السياسي الأمريكي مايك وتني(1)، أن إجراءات ترامب، وخاصة إذا ما ارتكب حماقة إلغاء الاتفاق النووي، أو شن حرباً على إيران، فإنها ستجلب الضرر على أمريكا أكثر، إذ ليس بإمكانه إلغاء الاتفاق النووي من طرف واحد، لأن هناك خمس دول كبرى أخرى إضافة إلى الأمم المتحدة التي أبرمت هذا الاتفاق مع إيران. لذلك، فالسياسة التي يتبعها ترامب هي استفزاز إيران عسى أن ترتكب القيادة الإيرانية خطًأً فضيعاً بإلغاء الاتفاق النووي من جانبها، وبذلك سيتخذه ترامب ذريعة لشن الحرب عليها، ولذلك ينصح مايك وتني إيران بعدم إلغاء الاتفاق من جانبها. كذلك إذا أقدم ترامب على أي إجراء عدواني ضد إيران فإن حلفاء أمريكا في الغرب سيتخلون عنها، وبالتالي سيزيد ترامب من عزلة بلاده، خاصة وأن هناك دولاً كبرى مثل روسيا والصين والهند وغيرها من دول بريكس (BRICS)، ستواصل التعامل مع إيران في حالة فرض المقاطعة الاقتصادية عليها.

كذلك موقف ترامب العدواني على إيران سيكون له دور مدمر على الإصلاحيين المعتدلين في إيران مثل تيار الرئيس حسن روحاني، ومحمد جواد ظريف، وسيقوي موقف وشعبية المتشددين الإسلاميين، ويعطيهم الذريعة بأن أمريكا لا يفيد معها إلا المواجهة بالقوة.

 

وأخيراً نقول، صحيح أن سياسات ترامب اليمينية العنصرية كشفت الجانب القبيح من أمريكا، ولكن في نفس الوقت كشفت الجانب الجميل أيضاً. إذ شاهدنا كيف تحركت الجماهير في عشرات المدن الأمريكية احتجاجاً على قرارات ترامب بمنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول أمريكا، وأوامر أغلب القضاة الكبار للمسؤولين في الدولة في تحد شجاع للرئيس، بعدم تنفيذ تلك القرارات لأنها مخالفة للدستور الأمريكي. وهذه التظاهرات واعتراضات القضاة وقراراتهم تمثل الوجه الحضاري الديمقراطي لأمريكا(5). لذلك وحتى إذا ما فاز شخص يميني متشدد مثل ترامب بالرئاسة، فالديمقراطية تحمل معها حلولها الذاتية لتلك الأخطاء. ومن هنا نعرف أن النظام الديمقراطي هو أفضل الأنظمة للحكم.

abdulkhaliq.hussein@ btinternet.com

http://www.abdulkhaliqhussein. nl/

ـــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة

1- Trump Plays Cat and Mouse with Iran by Mike Whitney

 http://www.counterpunch.org/ 2017/02/08/trump-p/

2- ترامب يصف إيران "بالدولة الإرهابية رقم واحد"

http://www.akhbaar.org/home/ 2017/2/223919.html

 

3- Countries where Trump does business are not hit by new travel restrictions

By Rosalind S. Helderman

The seven nations targeted for new visitation restrictions by President Trump on Friday all have something in common: They are places he does not appear to have any business interests.

 https://www.washingtonpost.com/politics/countries-where-tru

 

4- Patrick Cockburn: Donald Trump's Twitter aggression towards Iran will deepen sectarian conflict in the Middle East

http://www.independent.co.uk/voices/donald-trump

 

5- محكمة الاستئناف ترفض طعن "البيت الأبيض" وتبقي مرسوم ترامب حول الهجرة معلقا

 

http://www.akhbaar.org/home/ 2017/2/224099.html

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.