اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

العراق وتحقيق الأهداف الإنمائية -//- د. حسن الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

العراق وتحقيق الأهداف الإنمائية

د. حسن الجنابي

ـ خبير في الموارد المائية وسفير العراق لدى منظمة الفاو

ــــــــــ

اولا: اعلنت الامم المتحدة في حزيران الماضي قائمة ضمّت 38 دولة نجحت بتحقيق الهدف الاول من اهداف الالفية الشهيرة قبل الموعد الذي حدده اعلان الاهداف على مشارف الالفية الثالثة، وهو الهدف المتعلق بخفض نسبة الفقر والجوع الى نصف ما كان عليه الوضع في عام 1990 وذلك بحلول عام 2015.

وقد احتفلت منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة (فاو) بهذا الحدث واعتبرته نجاحا على طريق تحقيق اهداف الالفية السبعة الاخرى. كما تبع ذلك اعلان المنظمة عن انخفاض عدد الجياع في العالم الى حوالي 840 مليون نسمة عن مستواه في العام الماضي حيث سجل 870 مليون جائع، وكذلك اعلان المنظمة عن توقع تحقيق زيادة في انتاج الحبوب لهذا العام تقارب 8 بالمئة ما يطمئن السوق ويحقق استقرارا في الامدادات، وبالنتيجة في اسعار سوق الغذاء، ويعزز التفاؤل بتحقيق هدف الالفية الاول في العديد من البلدان الاخرى.

ثانيا: ما يستحق الاشارة اليه هو ان قائمة الدول المحتفى بإنجازها لهذا الالتزام الوطني والدولي الهام لم تضم العراق، على الرغم من انه قد حقق الهدف الاول، على الاقل بمعناه الاحصائي، اي تقليل نسبة المواطنين الذين يقل دخلهم عن دولار واحد الى نصف ما كان عليه الوضع في عام 1990.

فقد ارتفع خط الفقر في العراق الى ما يقارب الثلاثة دولارات باليوم، ما يعني ضمنا ان البلاد غادرت عتبة الدولار الواحد باليوم، نتيجة لتحسن الوضع الاقتصادي وارتفاع معدل دخل الفــرد.

اما السبب الآخر باعتقادي فهو صعوبة تطبيق مؤشرات الانجاز على العراق بسبب حركية الوضع الانتقالي والحروب والفجائع والهجمات الارهابية، التي تعرض ولا يزال يتعرض لها العراق، وزيادة ايرادات البلاد من النفط، وغير ذلك مما يخلق ضبابية في الاحصائيات المحصلة من المسوحات، يصعب معها الاعلان الاكيد عن تحقيق هذه او تلك من الاهداف، فضلا عن ضعف الاهتمام بنشر وتسويق المعلومات والمسوحات والاحصائيات الجديدة، ما قد يؤدي الى عدم استخدام المنظمات الدولية لتلك المعطيات.

ثالثا: برغم العديد من المؤشرات الاحصائية الايجابية في العراق، الا ان الفقر لا يزال يعصف بحوالي سبعة ملايين عراقي، لأن الفقر نسبي ويقاس بالشروط المحلية السائدة مثل مستوى الاسعار ودرجة التمتع بالخدمات الاساسية الاخرى، اضف الى ذلك ان عدد سكان العراق تجاوز الـ 35 مليونا، مقارنة بحوالي 20 مليونا في عام 1990، وهو خط الشروع بالنسبة لأهداف الالفية، وهذا يمثل تحديا وإشكالية احصائية عند التعامل مع الارقام فقط بدون النظر الى الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والخدمية الاخرى.

رابعا: بلغ معدل ما تنفقه الاسرة العراقية من دخلها على الاغذية في عام 2012 حوالي 35 بالمئة، وهي نسبة شبه مستقرة منذ عام 2007، مقارنة مع عام 2003 قبيل الحرب، حيث كان معدل الانفاق يتجاوز عتبة الـ80  بالمئة، وهذا تطور مهم احصائيا من دون شك، ولكن الارقام والنسب الجميلة تخفي وراءها معاناة انسانية كذلك يجب ان لا تُحجب، فالمعدل برغم فائدته الاحصائية الكبرى لا يمثل الا جانبا من الواقع، فهو قد يخفي، على الاقل لغير المختصين، ان افقر 20بالمئة من الاسر لا تزال تنفق اكثر من 50بالمئة من دخلها على الاغذية، وأن شخصا واحدا من كل خمسة اشخاص يصنف تحت خط الفقر، وان هناك ما يقرب من مليوني مواطن يعانون من الحرمان الغذائي، وان 25بالمئة من هؤلاء المحرومين يقطنون محافظة البصرة، ما لايستقيم مع المنطق، لانها اكثر محافظات العراق ثراءً، بل ان معظم المحافظات الاخرى تعيش من ثرواتها.

خامسا: عندما تنفق العوائل الفقيرة وغير الآمنة غذائيا جلّ دخلها لتأمين لقمة العيش، بسبب تصاعد اسعار الاغذية في السوق المحلية، او انعكاس تقلبات اسعار السوق العالمية عليها، فانها ستضطر الى التخلي عن مستلزمات الحياة الاخرى من ملبس ومسكن وتعليم وتثقيف ودراسة وترفيه ورياضة وانشطة اجتماعية وسفر، وستضطر كذلك الى اقتناء كمية اقل من الغذاء بنفس الكلفة او اكثر، ما يزيد هشاشتها ويعمق حالة انعدام الامن الغذائي لديها، ويعرض اطفالها بالخصوص الى مشكلات نقص التغذية، التي تظهر لاحقا على شكل نقص في الوزن وتقزم ووهن في القدرات الجسدية والذهنية، خاصة اذا امتدت فترة حرمانهم.

سادسا: لاشك ان الاعلان عن تحقيق هدف معلن والاحتفاء به هو امر مشروع بل مطلوب، ولكن بقدر تعلق الامر بالفقر والجوع، فلا بد من التأني والتمعن لانهما من الاهداف المتحركة بسبب ديناميكية التطور الاجتماعي والاقتصادي، لذلك فالانجازالذي يستحق الاحتفاء به فعلا بهذا الميدان هو القضاء التام عليهما، وهذا لن يتحقق بحسن النوايا او برغبات سياسية او دعوات اخلاقية، بل بالعمل المركز والجاد لرفع مستوى المعيشة وتحقيق رفاهية المجتمع، وفتح الابواب امام ملايين المواطنين للاسهام ببناء بلدهم، لان الفقراء والجياع يمثلون قدرات بشرية معطّلة عن العمل بسبب املاقهم وضعفهم.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.