اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• ولى عصر الانقلابات العسكرية وبدأ عصر الشعوب العربية الثائرة

عبد الاله النصراوي

ولى عصر الانقلابات العسكرية وبدأ عصر الشعوب العربية الثائرة

 

قادت الانظمة المستبدة الى تدهور اقتصادي وتخلف شامل خدميا وصحيا وتعليميا

الحرمان وتكميم الافواه واضطهاد المواطنين طيلة عقود دفع للانفجارات الشعبية

الاحتجاجات كسرت حاجز الخوف لينتقل الخوف لقلوب المستبدين رغم انظمتهم المدججة بالسلاح

الطائفية السياسية والمناطقية فتت من عضد الوحدة الوطنية والمواطن واعاقت التغيير الحقيقي

 

عبد الاله النصراوي

الامين العام للحركة الاشتراكية العربية

بغداد – العراق

 

لاريب ان عصر البيان الاول والانقلاب العسكري الفوقي الذي ينقل السلطة من الانظمة الملكية والجمهورية والسلطنات الى الجيش ليبقى ضباطه عقودا يتحكمون في رقاب العباد ، هذا العصر مضى وانقضى، واطل على منطقتنا العربية عصر جديد  في كل شيء تولى فيه الشعب بكل طبقاته وشبابه خاصة مهمة احداث التحولات الجذرية المطلوبة . ولتسليط الأضواء على هذه التطورات المهمة لابد لنا من التأكيد على الحقائق التالية:

اولاً: لقد بدأت الاحداث من تونس وأطاحت بحاكمها المطلق زين العابدين بن علي ثم أمتدت الى مصر لتحقق انتصاراً كبيراً باخراج حسني مبارك من الحكم، ثم سرعان ما شهدت ليبيا، اليمن، البحرين، عُُمان، الأردن، الجزائر، المغرب، سوريا، وغيرها انتفاضات شعبية ترفع شعارات مشروعة في اطلاق الحريات العامة ومنع تمسك الحكام بكراسي السلطة وتوريثها، والآن مظاهرات بغداد وكردستان العراق من أجل الحقوق والعدالة الاجتماعية وضد الفساد ونهب المال العام، بحيث أصبحت هذه الانتفاضات ممتدة جغرافياً في مختلف أنحاء المنطقة العربية، ومتناغمة في شعاراتها وأهدافها، كما أنها تتأثر ببعضها وتؤثر فيها وبما يعطيها طابعاً نضالياً موحّداً لتحقيق اهداف جماهيرية.

ثانياً: وعلى الرغم من حقيقة أن الثورات والانتفاضات تتأثر ببعضها وترفع شعارات متماثلة في غاياتها، إلاّ أن ذلك لا يغيّر من خصوصيتها وحسب طبيعة البلدان التي تقوم فيها ومشاكلها الذاتية وطبيعة الانظمة الحاكمة وأساليب المواجهة والقدرات المتاحة للشعوب ونظرة المجتمع الخارجي لها، ولكننا نلاحظ أن هناك تزاوجاً بين العوامل السياسية من جهة والعوامل الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى، وهي ذات العوامل المشتركة للثورات في كل زمان ومكان، فالانظمة السياسية الديكتاتورية والمستبدة والفاسدة ينتج عنها تدهور اقتصادي من تخلف شامل ونهب للثروات وانعدام العدالة وسوء توزيع الثروات الوطنية، كما أن الأوضاع الاجتماعية للناس تشهد غبناً كاملاً للطبقات المحتاجة وانعدام الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية، مع انهيار للبنية التحتية وعجز الدولة واجهزتها عن تقديم الخدمات للناس.

        ولاشك أن هذه العوامل بحد ذاتها والتي تشل المجتمع وحركته تهيئ التربة المناسبة لنشوء الحركات الشعبية والمعارضة وعملها تغيير هذه الحالة بكل السبل المتاحة، وتحدي الحاكم المستبد من خلال الانتفاضات الجريئة، وهذا ما حصل فعلاً في منطقتنا وبما يؤكد تشابه الظروف التي تسودها.

ثالثاً: هناك أمور مهمة كثيرة أفرزتها هذه الانتفاضات والثورات ولكن أهمها بأعتقادنا والذي يلفت النظر، أنها رفعت حاجز الخوف من نفوس الناس بعد مدة طويلة من تكميم الأفواه وقمع الحريات واضطهاد المواطنين وحرمانهم من لقمة العيش والعمل، ويظهر ذلك جلياً من المواقف الجريئة للثائرين وتقديمهم للتضحيات الجسيمة واصرارهم على مواصلة انتفاضاتهم على الرغم من الصعوبات التي يواجهونها أمام آلة الحكم العسكرية الطاغية وقلة الامكانيات المتوفرة لديهم بالقياس مع ما يملكه الحكام المستبدون، ولكن المفارقة التي حدثت أن الثوار هم الذين ولّدوا الخوف في نفوس أولئك الحكام فباتت قراراتهم واجراءاتهم متخبطة ومذعورة خصوصاً بعد أن وجدوا أن عروش الحكام في تونس ومصر قد أنهارت أمام أمكانيات الجماهير البسيطة مادياً والقوية معنوياً وأصرارها على تحقيق اهدافها المشروعة، وقد سقطت حصونهم وغطرستهم ولغتهم التهديدية المتعالية أمام إصرار الجماهير على رحيلهم وبناء المجتمع الديمقراطي على انقاض الديكتاتورية.

رابعاً:إن هناك العديد من العوامل التي لابد من الأخذ بها، وهي لصيقة بعملية التغيير، ويجب التعامل معها بوعي تام لعدم اعطاء المجال لها لافشال الثورات وافراغها من مضامينها الاصلية، وفي مقدمة تلك العوامل، الطائفية السياسية والمناطقية لأنها تفت من عضد الوحدة الوطنية والمواطن، وتعيق تحقيق التغيير الحقيقي والجذري وتفتت النسيج الاجتماعي، لذلك فأن من أولويات نجاح التغييرات التي تنتج عن هذه الثورات الشعبية، تجاوز العوامل التي تنخر في المجتمع وتفرّق بين ابنائه، وأن مثل هذه الآفات كانت السبب الرئيسي في أجهاض العديد من الانتفاضات والتغييرات وحرفها عن مسارها الحقيقي لتتحول الساحة الى عراكات وصراعات جانبية.

خامساً: من الملاحظ ان الأساس الذي تقوم عليه الانتفاضات هو القضايا المطلبية فهي تستهدف القضاء على البطالة والفساد المالي والاداري وسوء الخدمات، ولكنها وأزاء إصرار الحكام المستبدين على سياستهم واستغلالهم تتحول الى ثورة بعد ذلك كالذي حصل في تونس ومصر خصوصاً إذا توفرت أمامها الظروف الملائمة وجرى تذليل المعوقات التي تواجهها كالتفتت السياسي والطائفي والتنازع الجانبي.

سادساً: إن هذه الأحداث ابرزت مجموعة من المعطيات المهمة وأبرزها تأكيدها ان طريق الانقلابات العسكرية وما يتبعها من فرض للأنظمة الديكتاتورية ليس هو الطريق السليم لاحداث التغيير، وأن الجماهير قادرة بفضل قواها الشعبية وخصوصاً الشباب على تحدي الاستبداد واسقاطه، وقد أثبتت الثورتان في تونس ومصر صحة ذلك، مع ضرورة إبعاد العامل الخارجي وتأثيراته على الداخل فالثورة عملية داخلية يقودها الشعب ضد مضطهديه ومستغليه.

إن الثورات والانتفاضات التي تشهدها منطقتنا تكتسب مشروعيتها من معاناة الناس جرّاء الديكتاتورية ونهب الثروات، ومن عملها على بناء مجتمعاتها الحرّة وأنجاز وحدتها الداخلية واستثمار مواردها المالية لاحداث الخير والتقدم للبلاد.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.