اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• من خدع المالكي، ولماذا ؟

أحمد عبد الحسين

   من خدع المالكي، ولماذا ؟

 

أمس في ساحة التحرير وما حولها، كانت بغداد لنا، نحن أبناءها، ولم يكن لحكومة اللصوص الخائفة المذعورة التي دفنت رأسها في الخضراء أية سلطة لا على الأرض ولا على النفوس إلا كسلطة سيدهم وقائدهم وأبيهم الروحي صدام حسين التكريتي، سلطة مفروضة بقوة السلاح وشتى صنوف الإرهاب من اعتقالات ومداهمات وقمع بالرصاص الحي وترهيب بالطائرات وإخافة بقنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع.

 

أمس كنا عراقيين كما لم نكن من قبلُ، وأمس كان هناك علي كيمياوي باسم جديد هو كمال الساعدي يتفرج من فوق عمارة على جنوده الغيارى وهم يفتكون بشباب أعزل، ومعهم أحمد المالكي نجل السيد القائد نوري المالكي " ولا أعرف بأية صفة حضر وراح يراقب المشهد بمنظار ؟

 

أمس رددنا هتافات "سلمية سلمية"، لكن كيف يعرف السلام من قضى عمره بالسرقة واللصوصية وها هو يخاف من ساعة حسابه؟ أمس رددنا "جيش وشعب يد واحدة" لكن كيف يمكن ان نطمئن لجيش جعلوا صفوفه مخترقة بعناصر جلبتها أحزابهم من كل قمامات الكون، لطخوا سمعة الجيش العراقيّ الأبيّ، ولا أعرف كيف لا ينتفض قادة جيشنا على هؤلاء الدخلاء.

 

أمس قدمنا وروداً لهم، وأمس سحقوا الورود، أمس وقف مثقفو الشعب مع رجال دين سداً منيعاً لحجز بعض الصبية الغاضبين عن الإساءة للجيش، لكنّ أوامر عليا صدرت باستفزاز الناس وإشعال الجوّ، أمس صار بيننا وبين المالكي دم وثأر لن ينتهي قريباً.

 

أمس أساء حزب المالكي للمالكي لو كان المالكي يعلم، وأمس أساءت قوات المالكي للمالكي لو كان المالكي يفقه، وأمس بفضل الشلة المحيطة بالمالكي أصبح أعداء المالكي هم الصحفيون والإعلاميون والمثقفون والجامعيون، أمس تبين حجم الخداع الذي تعرض له رئيس الوزراء من قبل المحيطين به، أوهموه انه يمكن أن يكون حاكماً مطلقاً بامره، أوهموه ان بضعة صحفيين متملقين التقاهم يمكن أن يجملوا صورته وهو يضرب الناس، أوهموه انه حتى لو مارس نفس أفعال القذافي فلن يكون القذافي لأنه منتخب!

 

خسارة، لقد تزحلق رئيس وزرائنا بقشرة موز، ضحكوا عليك يا أبا إسراء، سيدي يا نوري المالكي لعلك تتذكرني، أنا أحمد عبد الحسين كنت جارك في منطقة الصناعة في دمشق وكنت ألتقيك مراراً سواء في المنطقة أو في جريدتك حيث كنت أكتب هناك أحياناً، وكنت أؤمل أن في أعماقك رغبة في خلق عراق يمسح عن وجوه أبنائه سخام سنوات الديكتاتورية، وكنت أدافع عنك في كل المحافل أنْ اعطوا الرجل فرصة فإن بطانته ليس كفوءة وتنقصهم الخبرة، انصفوه فهو ابن النضال ولا بدّ أن تستحثه أصوله على رؤية الصواب أخيراً، لكنْ كنتُ واهماً كما كان معظم الشعب العراقي موهوماً بك يا أبا إسراء، وكنتُ مخدوعاً بك للأسف.

 

أمس ساواك الذين حولك بالقذافي يا دولة الرئيس، جعلوك أكثر دموية من حسني مبارك يا أخ الشهداء، فماذا أنت فاعل الآن، كيف تدافع عن تأريخك؟ كيف تثأر لاسمك الذي مرغه في ساحة التحرير أفراد من شلتك المقربين؟

 

في ثمانينات القرن الماضي كنا نعتقل يا سيادة الرئيس، وكانت تهمتنا جاهزة اننا في حزب الدعوة، لا لشيء إلا لأننا كنا نصلي أيام كنا نصلي، الآن بطلنا الصلاة ولم نعد نفخر بتهمة اننا دعويون، واليوم تعتقلنا أنت يا ابا إسراء وتتهمنا اننا بعثيون، فهل نحن بضاعة يتناوب عليها حزبك الموقر وحزب البعث، تتداولونها بينكم كالكرة؟

 

أمس يا دولة الرئيس كانت بغداد بأمر منك ساحةَ حرب، أمس حشدت رجال الدين والعشائر والجيش ضد شباب مسالم، وأمس نزلت بطائراتك وشرطة شغبك وحرسك الخاص لقمع فتيان لا يعرفون من العالم سوى الفيسبوك وحب الحياة.

 

هتفنا بإصلاح النظام، لكنْ بعد ما فعلته أنت امس يا دولة رئيس الوزراء لم يعد إصلاح ما بينك وبين الشعب سهلاً، والشباب المجروح بكرامته اليوم لم يعد يقنعه شعار الإصلاح، لقد ارتفع سقف مطالبهم عالياً يا دولة الريّس.

 

فتش عن خطة لتسويق اسمك واسم حزبك من جديد،  لم يعد فوزك بالانتخابات يمثل شرعية كافية سيدي، فأنصحك بالبحث عن شرعية جديدة، وأرجو أن لا تكون شرعية مستمدة من السلاح والقوة والقمع كما فعلت أمس يا سيادة الرئيس.

 

حتى أمس لم يكن بيننا وبينك من مشكلة عويصة، كان كلّ شيء قابلاً للحلّ، كان أقصى طموح المتظاهرين المطالبة بإقالة العيساوي وصلاح عبد الرزاق وكامل الزيدي، ومحاسبة المسؤولين الذين ثبت فسادهم، كنا نريد خدمات أفضل يا نوري المالكي، لكن اليوم أنت تعرف ما نريد.

 

نريد استيفاء ثأرنا، وهذا لن يحدث إلا باعتذار علني منك مع اعتراف واضح انك أخطأت في تعاملك مع مطالب الشعب، عسى أن يمنحك هذا الشعب فرصة ثانية لإصلاح ما يمكن إصلاحة من هذا النظام الفاسد من بابه لمحرابه.

 

ربما أعتقل اليوم أو غداً كما اعتقل هادي المهدي وحسام السراي وعلي السومري وعلي عبد السادة ونجم الربيعي ومصورو السومرية، ربما أقتل ويلقى بجثتي في مكان مجهول كالذين اختفوا أمس ولا يعرف أحد أين هم، لكني أرضيت ضميري، عشت طويلاً بما يكفي لأشهد انني عشت غير منافق ولا مداهن أو متملق كهؤلاء الذين حولك يملأون كروشهم سحتاً ولا يمحضونك النصيحة بل يوردونك يا أبا إسراء موارد الهلاك، وهل هناك أكثر هلاكاً لحاكم من أن يكون عدواً لشعبه، بل عدواً لمبادئه، بل عدواً لنفسه.

 

غداً إن بقيت حياً وطليقاً سأكتب يوميات مظاهرة التحرير العظيمة.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.