مقالات وآراء
الاسلام مقابل العرب// سعد السعيدي
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 28 أيلول/سبتمبر 2025 12:22
- كتب بواسطة: سعد السعيدي
- الزيارات: 190
سعد السعيدي
الاسلام مقابل العرب
سعد السعيدي
تأسس نموذج الدولة الوطنية (القومية) في البلدان العربية على غرار النموذج الأوروبي للدولة الوطنية (القومية) وفق مفهوم اللغة والثقافة المحلية الخاصة لكل منطقة. وذلك بالضد من الفكرة الاسلامية الجامعة التي كانت تقوم الدولة العثمانية على اساسها. وجرى الدفع لقيام أشكاله الأولية ضمن سياق الصراعات والحروب التي استعرت بين الدول الأوروبية على المصالح ومناطق النفوذ والاحتلال في مختلف قارات العالم، طوال القرن التاسع عشر امتداداً إلى القرن العشرين.
بالمقابل تقوم الفكرة الاسلامية على الدين الاسلامي وفكرته الجامعة من حيث تطبيقها على الجميع دون مراعاة للحدود السياسية ولا من اعتراف باللغة المحلية ولا بالخصوصيات الثقافية. وتتبع الامة الاسلامية الناتجة قيادة واحدة وتتبع دستورا واحدا يعتمد على الدين كمصدر وحيد للتشريع. وفكرة الدولة الاسلامية تناقض وتعاكس فكرة الدولة القومية التي ينظر اليها وكأنها فكرة تجزيئية للفكرة الاسلامية الجامعة تكاد تقترب من حد المؤامرة. ونموذج الدولة الاسلامية الجامعة هو ما كان شائعا خلال فترات التاريخ العربي والاسلامي حتى تلقيه ضربة موجعة خلال الحرب العالمية الاولى.
ثمة ما يراد به استغلال امر الفكرة الاسلامية الجامعة المراد استعادتها وهو في وضعها مقابل الدول العربية. فحجم سكان الدول الاسلامية لوحدها المنظوية تحت راية الامة الاسلامية ستكون اكبر من مجموعة الدول العربية التي من ضمنها. بالنتيجة ستكون القيادة للمجموعة الاولى دون العرب الذين وإن كانت الدعوة المحمدية قد ظهرت تاريخيا عندهم، إلا انهم وبفعل وضع الاقلية العددية التي سيجدون انفسهم فيها سيكونون هم وموقعهم الاستراتيجي محكومون لا حاكمون.
بهذا الشكل يمكن فهم السياسات الايرانية في ضرب التوجهات القومية العربية في العراق بعد سقوط النظام السابق. فايران تعمل وفق المنظور الاسلامي اياه حيث الدين هو المنظومة الجامعة لاية مجموعة سكانية ضمن فكرة يراد لها ان تكون واحدة تفرض على الجميع، على حساب التوجهات القومية المغايرة. هذه السياسات الايرانية هي ما نرى تطبيقها في محاولات فرض نظرية ولاية الفقيه في العراق التي هي التجسيد لهذه التوجهات الاسلامية. ومثال آخر في محاولات عزل العراق عن محيطه العربي، عن طريق الاعلام التابع لايران تمهيدا لابتلاع العراق وفق دعوات ايرانية تحت قناع الوحدة مع نظام الدولة الاسلامية. ومثال ثالث وهو ما جرى الترويج له خلال المعارك الاخيرة ضد الكيان الصهيوني تحت عنوان وحدة الساحات، تكون تحت القيادة الايرانية. ولعل البعض كان يتصور اقتصارها فقط على الامور العسكرية. وهي قد تكون كذلك، إلا اننا لا نستطيع فصلها عن الامر السياسي الذي ننبه اليه هنا والذي يراد فرضه على العراق بعدما جرى اقحامه في امر هذه الوحدة.
وليست ايران هي وحدها المتهمة هنا، فتركيا تحاول ايضا اتباع نفس اللعبة وإن بتأثير اقل. وهذا سيحتاج ربما الى دراسة اوسع من مجال هذه المقالة.
انه من المؤسف رؤية تطور هذه الامور بهذا الشكل. اي بوجود محاولات لاستغلال الاسلام لتحويله الى رافعة سياسية للسيطرة على بلدان اخرى. وهو ما يستدعي الانتباه اليه والعمل على مجابهته.