اخر الاخبار:
حماس: نحتاج وقتاً لدراسة خطة ترامب بشأن غزة - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:15
أسماء المرشحين علی مقاعد الکوتا المسيحية - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:10
مصابون بحادث طعن خارج كنيس يهودي في مانشستر - الخميس, 02 تشرين1/أكتوير 2025 10:26
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

عن أدونيس وجائزة نوبل وأزمة الثقافة العربية// د. عامر ممدوح

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. عامر ممدوح

 

عرض صفحة الكاتب 

عن أدونيس وجائزة نوبل وأزمة الثقافة العربية

د. عامر ممدوح

كاتب وأكاديمي

 

أتابع منذ ايام ردود الأفعال بخصوص عدم فوز الشاعر علي أحمد سعيد المعروف باسمه المستعار أدونيس بجائزة نوبل، والتي ذهبت هذا العام لتكون من نصيب الروائي وكاتب السيناريو المجري لاسلو كراسناهوركاي، وذلك على الرغم من ترشيحه المستمر لها ومنذ العام 1988!

 

وبعيداً عن تقييم أدونيس المثير للجدل دوماً مكانة وأثراً وأهميةً، فهذا المقال ليس مخصصاً لذلك، فإن الجدل الدائر بهذا الخصوص أعاد إلى الواجهة الأزمة الثقافية المكررة والمتجذرة في الساحة العربية ولا سيما في التعامل مع المثقفين والمبدعين في شتى صنوف الأدب والمعرفة.

 

وفضلاً عن حالة الشعور بالمظلومية وغلبة الانحياز المستمر لدى الطبقة الثقافية العربية، فإن ثمة ثلاثة جوانب أساسية نجدها حاضرة وبقوة في كل مرة، وهي:

أولاَ: اعتماد الوسطاء

فقد دأب القارئ العربي بشكل عام إلى اعتماد الوسطاء للوصول إلى عتبة المثقف وتقييم نتاجه، والشواهد كثيرة جداً، ولا أدري هل ذلك مرتبط بضعف القابلية والمستوى ام الكسل المعرفي الذي بات يزداد يوماً بعد آخر؟!

 

وأقولها هنا وعن تجربة شخصية، ان التعامل المباشر مع النتاج الأصلي يختلف بشكل جذري عن اعتماد نقولات هذا الطرف أو ذلك، لسبب بسيط وهو إن كل كاتب او ناقد يترك بصماته في قراءة النصوص التي بين يديه والتي تمتزج شئنا أم أبينا بدواخله وطبيعته وشخصيته ونظرته، فضلاً عن أثر المرجعيات الفكرية والسياسية في تمييزها، فكيف يتسنى لك تكوين التصور المطلوب وأنت لم تقرأ أصلاً للرجل؟ وجلَّ ما لديك نقولات وتصورات وأحكام منقولة بكل ما فيها من مشاعر ومواقف وتوجهات ناقليها؟!

 

لا أقول ذلك طعناً وتعميماً بالقراءات النقدية، ولكن تكوين الرأي الخاص إنما يقتضي بشكل جازم ازالة كل المؤثرات المحيطة، وامتلاك الخلاصات نهاية جهد ذاتي مكثف، وحتى لو كان الفكر الذي نتحدث عنه ضاراً أو مؤدلجاً بشكل متقاطع مع ثوابت الأمة وعقيدتها فإن الحصانة الإيجابية المطلوبة منه لا تتحقق إلا بعبور جسر طويل من الاختبارات والتكوينات والتفاعلات الذهنية والمعرفية.

 

ثانياً: عدم قراءة النتاج بالمجمل

والشكل الثاني من أشكال الأزمة التي تفرزها منهجية التعامل مع النتاج الثقافي والمعرفي هو اجتزاء الصورة، وعدم ادراك أن لكل مفكر او أديب مشروع متكامل ورؤية وبناء لا يفهم دون متابعته بأكمله، فالنموذج الذي أمامنا وهو أدونيس ينطوي نتاجه بل وحتى حياته على طروحات ومواقف فكرية ألبست صوراً شعرية، وبالتالي لا يمكن فهمه إلا بالإحاطة بكل ذلك واستحضار رؤاه وأفكاره كاملة وشاملة.. وهكذا.

 

وتبقى القاعدة اللازمة الفهم والعمل أننا لن نصل إلى ضفة التصورات المطلوبة عبر الوقوف عند جانب من النهر أو في وسطه، بل علينا ادراك الشكل الكلي للصورة، والانغماس في عمقه حتى تكون احكامنا متطابقة ومناسبة ودقيقة.

 

ثالثا: لا إجماع تام

وثالث الأشكال تلك المثالية في مطالبة المفكر او المثقف بالتطابق التام مع ما نرى ونعتقد وقياس مكانته وقيمته على أساس رؤيتنا ومواقفنا وذلك أمر مستحيل، فلم يكن يوماً هناك إجماع على شخصية ما حتى لأكثرهم شهرة وأشدهم إبداعاً، وسيبقى هذا المجال من العمل بشريٌّ بطبيعته، واحتمالية الخطأ والصواب فيه قائمة، ووجود من لا يرى مثل رأينا بديهي، وسيظل الأمر مفتوحاً للاجتهادات والاخذ والرد.

ان انتظار التقاء العالم بأجمعه على فرد مهما كان بارعاً ونبيهاً وجهبذاً حلم لم ولن يتحقق بأي حال من الأحوال.

 

وختاماً: شكراً لكل من أدلى بدلوه من المختصين والعارفين والمنصفين بشكل علمي ومنهجي قائم على استحضار النص الأصلي وقراءته كما ينبغي، مؤيداً كان أم معارضاً، أما من اكتفى بالتنديد والتهليل  على حدٍ سواء فعليه التوقف والعودة إلى الرجل نفسه وتكوين المواقف والآراء بشكل مباشر والإدلاء بصوته ذاته لا صوت غيره!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.