اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• البغداديون يضربون خيام أحزانهم على شوارع الدم

عبدالجبار العتابي

البغداديون يضربون خيام أحزانهم على شوارع الدم

2011 الخميس 22 ديسمبر

تمنى بعض العراقيين عودة الأميركيين، معللاً هذه الرغبة بأنهم كانوا يشكلون التوازن، فضلاً عن أن رمادهم كان يغطي النار التي تشبّ تحت السياسيين العراقيين، وكان البكاء حاضرًا في كل العيون، مثلما كان الحزن يعتصر القلوب، لذلك كانت الكلمات تخرج من الأفواه سريعة، وهي تمتلك صراخها، البغداديون لم تفاجأهم الانفجارات، ولكنهم وجدوا أنفسهم في ذهول بعدما كانت آمالهم عريضة بأن لا تعود أمواج الدم تملأ الشوارع.

قال الفنان مقداد عبد الرضا: (ما أعرف شنو اكول، تعرف ؟ ملجوم)، ثم قال: قلنا أول أمس.. جل ما نخشاه، اليوم حدث مانخشاه. الساعة السابعة والنصف صباحًا اهتزّ القدح بيدي وزجاج الشباك. جاء سامر ابني. قلت: أسمعت؟ نعم أجاب، كهرمانة قال، الوضع الأمني مسيطر عليه... صح، الخميس ربع دوام. طرق مغلقة. الناس أصابها رعب، اذًا مغلقة وغير مسيطر عليها.. بغداد مهجورة، لم أذهب إلى العمل، فالطرق مغلقة، اضع نفسي في تكسي إلى المتنبي (بطران) حينما يصيبني جزع قاتل، اس...تجدي الفضاءات.

سامر يبعث برسالة من الكلية يقول 8 انفجارات.. يركض وهو يشتم. أعبر جسر الشهداء سعيًا على قدمي، أطلب من الجندي أن أصوّر الجسر وهو شهيد وفارغ. قال (ممنوع حجي!!). اثنان جزعان مثلي. الأول.. يكولون 24 انفجار.. الثاني طائفية... كريم حنش موقد استرخاء في هذا الشتاء. أم كلثوم تغني (سكون وسكون وايه حيكون). نعم (ايه حيكون يا ست ؟) لا شيء سوى دم ينزف. أعبر الجسر باتجاه أهلي. امرأة عجوز تشتم: حتى الشباب ماعندهم غيرة، يبدو أن أحدهم تعرض لها... أضع نفسي في تكسي. أمرّ على سينما بغداد. الدم تحول إلى لون أسود، واختلط مع الأسفلت.. صديقي خالد الحلو يتصل، ويقول: دخيل جدك بهالسرعة؟. صاحب التكسي يقول 48 انفجار.. أنام. رأيت في الحلم قط يلعق أسفلت الشارع... أصرخ وألعن النوم... أبكي على منظر امرأة تسبح في الدم.

قالت زينب سليمان: أرعبني الصباح الذي دوّت فيه الأصوات المرعبة. أعرف أنها أصوات انفجارات، كانت متتالية، ولكن كل انفجار له صوته الخاص، حاولت أن أعود إلى البيت، ولكن توكلت على الله، وسعيت إلى الذهاب إلى عملي، ولكنني حين وصلت إلى مستشفى اليرموك، كان الزحام شديدًا، وكانت أصوات البشر تتعالى، لم أكن أريد النظر إلى ما يجري خلف زجاج نافذة السيارة وأنا أسمع الصراخ، لكنني ألتفت وإذا بي أرى دماء وسيارات إسعاف تنزل جثثًا وجرحى، فلم أتمالك نفسي. صرخت في داخلي، وتهشمت نظاراتي، وسمعت سائق السيارة يقول إنه لم يعد يحتمل المنظر ليعود أدراجه، أغمضت عيوني، ولكنني ما زلت أسمع الصراخ حتى ابتعدت السيارة عن المستشفى، ولكن الأصوات ظلت ترافقني، لا أعرف ماذا أقول سوى إن هذا الشعب صارت حياته أحزانًا تتلو أحزان، ليست هناك مسرة ولا فرح، لماذا؟ لا أدري.

فيما قالت عالية طالب: غادرت بيتي صباحًا أطوف في بغداد التي غلف سماؤها الحزن كالتلوث، الصمت يضرب شوارعها، الغيوم حجبت شمسها، الهواء يحمل رائحة الموت والدخان، الصدى يردد صراخ الأمهات والأموات وخوف الصغار، والأرض تهتز بين تفجير وآخر، وتلعن القتلة، آه يابلدي، حزينة، أدور في أمكنتك التي أحبها، مجروحة أنزف وجعي، الغيظ يكتسحني، لا أدري كيف أواسي الأرواح، التي كنت أتخيل أنني أراها، وهي تصعد إلى سمائك ياعراق، اكتظت السماء بهم، يلوّحون للأمهات، يودعون بغداد، يقسمون بأن القتلة سيكون يوم قصاصهم قريبًا، وأنا وحدي، غربة تضرب قلبي، تطوف داخله، وتفترش أمكنة لا أبالي بانتشارها.

أما هيثم الطيب فلم يتفوه إلا بكلمات فقال: بحزن كبير، بحجم الوطن، أعزّي عوائل شهداء العراق، الذين سقطوا هذا اليوم، بسبب التفجيرات الإرهابية، وأدعو للجرحى بالشفاء العاجل، وحفظ الله العراق من مؤامرات القتلة.

وقال صادق عزيز: أتعلم أم أنت لا تعلم بأن جراح الضحايا فم..، فم ليس كالمدعي قولاً... وليس كآخر يستفهم ...الخ، ليتك تسيقظ يا أبا فرات لترى كم جعفر قد سقط اليوم شهيدًا، وهو يكافح من أجل لقمة العيش!، كم طفلاً بريئًا قد ثكل أمه أو تيتم!. فالعراق أصبح كله كربلاء، وأيامه كلها عاشوراء، ليت السماء تقطر دمًا حزنًا على الأبرياء، اختطفت قبل شهر امرأة فرنسية عجوز ومريضة في الصومال، أقامت الحكومة الفرنسية برئيسها وبرلمانه ومجلس وزرائه الدنيا، ولم تقعدها، ومئات العراقيين يتساقطون، وكأنهم حشرات، في حين يستحي الأبطال منهم. الفضائيات العربية مشغولة بالحفلات وأخبار المجتمع المخملي... إنه النفاق والرياء .. إلى متى؟ ..حسبي الله ونعم الوكيل.

في حين عبّر عماد البغدادي عن الفاجعة بالقول: الله المنتقم، الله الجبار على كل من يقتل أبناء شعبه الفقراء والمساكين، الله سوف ينتقم من الذين فعلوا اليوم إجرامهم ببغداد الحبيبة، سقط ناس أبرياء.. ما ذنبهم لكي يموتون؟ بسبب من يستشهدون اليوم ويتركون الأحبة؟، بالله عليكم هل هؤلاء السياسيون يستحقون الحياة، بعد الذي حصل اليوم. الويل والثبور لكم يا أعداء الفقراء والمساكين، سنجعل السماء تنطبق على الأرض، وسنزلزل الأرض بكم أيها السياسيون الإرهابيون الخونة.

وأشار جهاد حميد، موظف،: فعلًا أصابني الرعب وأنا أسمع اصوات الانفجارات الواحد تلو الآخر من أماكن شتى، خفت فعلاً، ولم أستطع الخروج من البيت، ورحت اتصل بإخواني وأخواتي اتفقد أحوالهم. لقد عاشت بغداد للأسف يومًا دمويًا بفضل السياسيين، الذين لا يخافون الله، ولا يرعون حرمة. كنا نعتقد أننا سنفرح بعد خروج الأميركيين، ولكننا توهمنا هذا، فالنار كانت تحت رماد الأميركيين، وأظهر السياسيون العراقيون كراهية لبعضهم، وما انفجارات اليوم إلا أكبر دليل على هذا.

فيما أعربت دلال حسن إبراهيم، موظفة، عن خوفها الشديد من عودة الاحتراب الطائفي: "يا الله ماذا يحدث، هل سنعود إلى أن نقتل بعضنا بعضًا، ما هذا الدم وهذه الأصوات القبيحة، التي سمعناها اليوم، ولماذا هذه الانفجارات؟، هل كانت الانفجارات ضد سني أو شيعي؟، أم كانت ضد العراقيين كلهم؟، من المستفيد؟، اللهم إلعن كل من ساعد وساهم في انفجارات اليوم".

وقالت شيماء الكرخي: "اللهم بحق كل قطرة دم عراقي هدرت اليوم على يد إرهابيّ العراق، وكل دمعة أم وأب وأخ واخت وصديق وحبيب وزوجة وابن وبنت على من سقط شهيدًا أو جريحًا بسبب الأعمال الإرهابية، التي استهدفت اليوم أبناء هذا الشعب الجريح، أن تاخذ حقه، وألا تريح باله، واجعل دمه وجسده وحياته كلها هباء منثورًا. إنه يوم دام، وعساها برقبة الساسة العراقيين، ومن جميع الكتل، الذين يضحّون بشعب العراق، بسبب مصالحهم الخاصة.. إنها أزمة ثقة بين الفرقاء، يدفع المواطن البسيط ضريبتها من دمه المراق.. الرحمة لشهداء العراق والشفاء للجرحى والموت فقط للمجرمين القتلة أعداء الشعب العراقي.

وقال أحمد الخفاجي: هنيئًا لكم أيها السياسيون، فقد نجحت صفقاتكم، فقد اشتريتم مناصب تافهة وحقيرة بثمن زهيد، ماذا تعني دماء الأطفال، ماذا تعني دموع الأمهات. ماذا يعني جرح في قلب كل عراقي؟، فالمهم هي كراسيكم، تبًا لكم ما أحقركم وما أقساكم، كلكم بدون استثناء، لقد كان الموت أيها السادة في أولى ساعات الصباح، يوزع صكوكه على فقراء بغداد، إنه أمر عجيب يا لها من مفارقة، يخرج الفقراء صباحاً للبحث عن لقمة العيش، وسرعان ما يمنحهم الموت صكوكه، فيعودون إلى بيوتهم جثثاً مقطعة أشلاء أشلاء

 

ايلاف

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.