سام يونو

مقالات اخرى للكاتب

ثورات‎ الخريف العربي مع اشكالية الازمة في سوريا

2012 / 3 / 7

بعد‎ ان اجتاحت ثورات الخريف العربي بعض الدول مثل تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين والسعودية في نهاية عام 2011 وبدايات عام 2012 ادت الى سقوط سريع للنظام التونسي والمصري تحديدا , بينما في ليبيا تاخر سقوط النظام لعدة اشهر .
في‎ اليمن تم ايجاد حل سلمي , في البحرين تم اجهاض عملية سقوط النظام السني , اما في سوريا اصبح الوضع اكثر تعقيدا بعد مرور احد عشر شهرا من بدأ عملية ازاحة النظام السوري العلوي الطائفي واستبداله بنظام اسلامي سني اكثر ارهابا وتطرفا واجراما وتعصبا واقصاءا وتخلفا هذا هو المتوقع و كما هو الحال الان في الدول العربية التي اجتاحتها نار ثورات الثيران الهائجة .

عندما‎ نتحدث في شؤون وسياسة الدولة والحكومة والنظام في الدول العربية خاصة , علينا ان نكون واقعيين وبرغماتيين وصريحين ولا نخدع انفسنا والاخرين , وان لا نصبح كالنعامة التي تخفي راسها في التراب .
الانظمة‎ العربية مع الغالبية العظمى من شعوبها تتباهى وتتفاخر بانها انظمة اسلامية دينية طائفية مذهبية وقبلية وعشائرية وعائلية .
اكثر‎ من 80 % من الشعب التونسي طالب برحيل النظام واسقاطه , لقد ادرك نظام زين العابدين وفهم مطالب الشعب , لهذا قد استجاب بتلك السرعة الغير متوقعة
الشعب‎ التونسي ينتمي الى احد المذاهب الاسلامية السنية الاربعة وهو المذهب المالكي 85 % والمذهب الحنفي 15 % اي 99 % مسلمين ,
بطبيعة‎ الحال ان يصاب ايضا الشعب التونسي بوباء مرض الصحوة الاسلامية حاله كحال باقي شعوب المنطقة العربية والدول الاسلامية المنتشر منذ نهايات عقد السبعينات من القرن الماضي.
البديل‎ للنظام الساقط كان جاهزا ومتهيأ لاستلام الحكم وزمام الدولة وخوض الانتخابات الديمقراطية المزيفة في تونس وهم جماعة اتباع اخوان المسلمون الممولة ماديا ومعنويا واعلاميا من انظمة دول العبيد والغلمان وملكات اليمين وعلى راسها السعودية الوهابية ودول الشر الخليجية.

في‎ مصر اكثر من 70 % من الشعب متاسلم ويدين بالمذهب الشافعي والحنفي , ويرغب باقامة دولة خلافة ونظام ديني اسلامي يلتزم ويطبق الشريعة والشورى التي لا تتماشى والعصر وقرارات ومواثيق الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان والحريات وكرامة الانسان واحترام ذاته ومعتقداته وارائه وحرياته الشخصية .
النسبة‎ المتبقية من الشعب المصري لا دور لها في الشارع وثورات التغيير التي هي نحو الاسوأ دائما . بعد ثلاثة وثلاثون عاما من عمر زواج نظام مبارك وهو الثالث مع الاسلاميين بعد كل من عبد الناصر والسادات , ادرك مبارك وحاشيته بان سنوات زواجه العرفي والمتعة والمسيار مع الاسلاميين لا بد ان تنتهي وان يحصل تبادل في الادوار وان تتولى هذه الجماعات دور القيادة وزمام الحكم والنظام في العصر الراهن كما هو مرسوم ومخطط له .
تنحى النظام مجبرا بصفقة سرية بين الاطراف الثلاثة وهي / الرئيس وحاشيته , الجيش بمجلسه العسكري , الاسلاميين ممثلا عنهم الاخوان المسلمين , ان يتولى المجلس العسكري الاسلامي المتاسلم هذه الصفقة وادارتها . لا ننسى بان هناك من يقوم بالتهيأة والاعلان والدعاية والترويج والتسويق للمنتوج الجديد وفي مقدمتهم بعض من شيوخ الدجل بقيادة محمد حسان شيخ القذافي ومناصره وغيره , والاعلام الحكومي والفضائيات الاسلامية في مصر وخارجها.

ليبيا‎ الوضع فيها مختلف تماما عن تونس ومصر لعدم وجود دولة حقيقية بنظام ودستور ومؤسسات وقوانين واحزاب ومعارضة حقيقية والخ ,
الشعب الليبي مقسم الى قبائل اسلامية تدين بالمذهب السني المالكي .
من اهم العوامل الرئيسية التي ادت الى زوال النظام وانتهائه هي / العداء الشخصي ما بين القذافي وملك الوهابية مروج مهزلة حوار الحضارات والثقافات والاديان , تقديم كافة اشكال الدعم المعنوي والمادي واللوجستي والاعلامي من قطر والسعودية ودول خليجية , قرار جامعة الدول العربية السريع للتدخل الاجنبي العسكري , ليبيا منتجة للنفط , وقريبة من السواحل الاوربية وعملية الحد من الهجرة اضافة الى اسباب عديدة اخرى .
في البحرين اجهضت بسرعة البرق عملية اسقاط النظام الملكي السني الطائفي , نظام الاقلية العنصرية المذهبية . اعتبرت ثورة البحرين ثورة مدعومة من ايران ومن الطائفة الشيعية المنتشرة في بعض الدول مثل العراق ولبنان وسوريا . تم وضع هذه الثورة في خانة نظرية المؤامرة المكتشفة من قبل المتخلفون فكريا وعلميا وثقافيا وعقائديا وعقليا . . .
دول التخلف والرجعية التي تنتهك ابسط مبادئ حقوق الانسان الخليجية وفي مقدمتها السعودية الوهابية ارسلوا قوات مرتزقة من الجيش والشرطة واجهزة الامن والمخابرات وعصابات مكافحة الشغب والمظاهرات لقمع الطائفة الشيعية التي تنادي بحقوقها المشروعة وقامت بارتكاب ابشع الجرائم ضدها من قتل وسحل في الشوارع واعتقالات وضرب دون اي قرار اممي او من الجامعة العربية الفاسدة , بل كان ذلك القرار فردي من السعودية وما يسمى بدول مجلس الاحقاد الخليجي .

الاسباب التي ادت الى افشال مطالب ثورة الشيعة في البحرين هي / الابقاء على النظام العنصري السني الطائفي , وجود قاعدة الاسطول الخامس الامريكي في البحرين مع قطع بحرية بريطانية , قرب البحرين من ايران , الخوف من انتشار هذه الثورات في دول الخليج والسعودية كما حصل في القطيف وانتفاضة الشيعة لنيل حقوقهم من النظام التكفيري الارهابي الذي لا يقبل الاخر .
في اليمن تم ايجاد مخرج للنظام بالرغم من كل تلك الجرائم والمجازر وعمليات القتل واستخدام الغازات السامة والاسلحة المحرمة التي قام بها نظام علي عبدالله صالح واجهزته الاجرامية .
مبادرة قدمت من قبل مجلس الارهاب الخليجي برئاسة السعودية الوهابية , القرار كان ايضا انفرادي وبعيدا عن الامم المتحدة والجامعة العربية ومجلس الامن .
عملية انقاذ النظام اليمني جاءت بسبب / للقضاء والتخلص وتهميش دور الحوثيين باعتبارهم امتداد للطائفة الشيعية وايران , شماعة وجود القاعدة وانتشارها في اليمن وهذا ما نجح به نظام صالح طيلة فترة حكمه , وهي مجرد عملية للابتزاز والخداع لكسب الاموال وتقديم المعونات , محاذاة اليمن بحدود مع السعودية ودول خليجية والخوف من انتقال هذه الثورة اليها .

اشكالية الازمة السورية . مراقب الاحداث وعما يجري في العالم يقف مندهشا عندما يشاهد ويتابع بانوراما تسلسل الازمة السورية منذ ان بدات قبل احد عشر شهرا تقريبا .
- لماذا حسمت باقي ثورات الخريف العربي بتلك السيناريوهات الهزلية في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن والسعودية باستثناء سوريا وعملية اسقاط نظام بشار الاسد الفاشي والدموي ? .
- لماذا الجامعة العربية افتت باستعمال الحل العسكري والتدخل الاجنبي في ليبيا منذ الاسبوع الثاني , ولم تفعل ذلك مع سوريا لانقاذ الشعب السوري من آلة البطش والقتل والتنكيل التي يقوم بها سفاح سوريا ? .
- لماذا ابدت استعدادها سرا كل من السعودية وقطر ودول خليجية اخرى بدفع تكاليف وفواتير ضربات الناتو في ليبيا , ولم تكمل جميلها مع الشعب السوري ان كانت السعودية ومن معها على خلق عظيم ? .
- لماذا تطلق الجامعة العربية مبادرات حول سوريا وان قراراتها غير ملزمة وان التصويت عليها يجب ان يكون بالاجماع , وهي تعرف حق المعرفة بانها مبادرات فاشلة لا قيمة لها وهي مجرد لكسب المزيد من الوقت لقتل اكبر عدد ممكن من الشعب السوري لتلقينه الدروس وان يدفع اثمان اخطاء نظامه نظام العروبة والتصدي والتحدي والممانعة والمقاومة الذي وقف بوجه الامبريالية العالمية واسرائيل طيلة اربعون عاما في لبنان وفلسطين والجولان ومناطق اخرى ? .
- لماذا لم تطلق الجامعة العربية مبادرات او تتخذ قرارا وتطالب الدول العربية وفي مقدمتها مصر والسعودية ودول خليجية اخرى التي تمتلك ترسانة من الاسلحة وجيوش جرارة للقيام بعمليات عسكرية وايجاد مناطق امنة للمدنيين وتقديم المساعدات بمختلف انواعها واشكالها للمقاومة والمعارضة والجيش الحر السوري ? ان كانت نواياها صادقة , كما فعلوا مع البحرين , ومع العراق عام 2003 عندما ارسلوا الاف الارهابيين والقتلة وانواع الاسلحة وقدموا الملايين من الدولارات باسم المقاومة العفنة المجرمة التي قتلت العراقيين ودمرت العراق لكي لا تنتقل التجربة العراقية الى هذه الدول الفاشلة والمتخلفة والرجعية , بدلا من مطالبة دول العالم للقيام بتدخل عسكري وهو كفر لديكم , وان يتم تطبيق قول / انصر اخاك ظالما او مظلوما / ! .
لمتابعة المقال اذهب الى الصفحة الثانية / انقر التالي ادناه