اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• رحيل مار نرسي رفيق درب قداسة البطريرك

تيري بطرس

رحيل مار نرسي رفيق درب قداسة البطريرك

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

الاحد الرابع عشر من شباط، غيب الموت غبطة المطرافوليط والقائم البطريركي مطران سوريا ولبنان واوربا، مار نرسي د باز، عن عمرينهاز السبعون من عمره. حيث ولد غبطته في 17 ايار من علم 1940. رسم كاهنا في 23 اذار 1968 وفي نفس السنة نال الدرجة الاسقفية وذلك في 28 تموز على يد قداسة مار ايشاي شمعون، ونال الدرجة المطرافوليط في 17 تشرين الاول من عام 1976 على يد قداسة مار دنخا الرابع.

 

في اعوام 1973 _1976 مرت كنيسة المشرق بايام صعبة جدا، فكان المؤمنين غير واثقين من صمود كنيستهم، نتيجة للخبطات القوية التي تلقتها، في هذه الفترة، فكانت استقالة قداسة مار ايشاي شمعون ومن ثم ايقافه ومقتله وغيرها من الامور، مثار شجن وحزن عظيم في الكنيسة. كان للكنيسة غبطة مار يوسف خنانيشو والذي كان يحضى باحترام وتقدير كبيرين جدا من ابناء الكنيسة ومن الكنائس الاخرى لا بل حتى  من بعض رجال المعروفين على المستوى المناطقي من الاخوة المسلمين. ان مكانة مار يوسف التي وصلت لدى البعض لحد تقديسه وهو حي، لم تشفع للكنيسة وللمؤمنين. وغالبية المؤثرين حينها في الكنيسة  وقراراتها كانوا من كبار السن، وفي بداية سنة 1973 كانت الكنيسة قد فجعت بوفاة (؟) نياقة الاسقف الشاب مار يوالاها، والذي كان الكثيرين يتنبوا له بمستقبل كبير وخصوصا وهو كان على علاقة جيدة مع الحركة الكوردية، كما ان شبابه وصغر سنه كانا يحملان الناس للتطلع لكي ياخذ موقعا كبيرا في الكنيسة واصلاحها وكذلك في العلاقة مع الدولة وخصوصا وهو يمتلك نوع من الدور السياسي. وفي تلك السنة كان غبطة مار يوسف قد رسم الاسقف الشاب الاخر مار ابرم خامس كاسقف لبغداد، وكان هناك الاسقف الشاب الاخر مار سركيس، اذا رغم ان الكنيسة كانت تدار بشكل عام من رجال كبار في السن، الا انها كانت تمتلك اربعة اساقفة شبان، حين حدثت الاحداث التي جعلت الكنيسة تشبه تلك السفينة التر تتلاطمها الامواج. تم ادراة الكنيسة في البداية كل اسقف من موقعه، الا ان ما كان مثيرا حقا هو قيام اللجنة المركزية للطاائفة الاثورية (هكذا كان اسمها، رغم ان الاثوريين او الاشوريين لم يعترفوا يوما انهم طائفة) قامت في تلك الفترة وبحركة التفافية غريبة وهي عقد اجتماعات تدعوا لها ابناء الشعب وفي مناطق متعددة من بغداد، والغاية المعلنة منها الاعتراض على قرار الاساقفة في ايقاف قداسة مار ايشاي شمعون، بحجة تضحياته للشعب وللامة. كنا في تلك الفترة لا زلنا شبانا مندفعين، الا اننا احسينا برائحة المؤامرة من خلف هذه الدعوات وخصوصا وانها موجهة من اللجنة المركزية التي كانت حينذاك تعتبر من قبلنا انها اداة الحكومة في تسيير شؤون الكنيسة، فقرر الحزب الوطني الاشوري وخوفا من حدوث انقسام اخر يشبه انقسام1964 ، ان يقف بالمرصاد لهذا التحرك، ولذا فعقد الحزب ان يلقن مخطط اللجنة المركزية درسا كبيرا وفي منطقة كانت تعتبر نوعا ما عقر دار الحزب اي في المنطقة التي كان له فيها نفوذا كبيرا وهي منطقة كراج الامانة (تل محمد، الصناعة). وعند دعوة اللجنة المركزية لاجتماع في النادي الاثوري الرياضي، حضره جمع غفير من الناس، وتركنا للجنة المركزية المجال لكي تشرح مخططها، ومخططها كان عدم الانصياع لاوامر الاساقفة والدعوة لعودة قدارسة مار ايشاي شمعون، لانه ضحى لاجل شعبه وامته، وكان الحزب قد وضعني كراس حربة في المواجهة، ولذا فقد طلبت الاذن بالكلام وعندما سالتهم ان كان احد منهم يفقه بالقوانين السنهاديقية، فصمت الجميع، وللخروج من حالة الحرج هذه طرح احدهم وقال اننا اذن اتفقنا على اعادة مار ايشاي شمعون، فقلت له وللجماهير اننا لم نتفق على شئ وهلموا نحرج، وعند بدانا بالخروج خرجت الجماهير كلها ولم يبقى الا اعضاء اللجنة المركزية ممن اشترك في ادارة الندوة، وهنا اخذني نائب مسؤول الهيئة الادارية لكنيسة مار عوديشو حينها الفريد ريهانة وقال لي ان حركتكم كانت سياسية ققلت له لا سياسية ولا هم يحزنون، الا ترى انهم يريدون تقسيم الكنيسة مرة اخرى؟ اذكر هذه الامور لاقول للقارئ الكريم كم كانت الايادي المختلفة والاهواء المتضاربة تحاول ان تنال من كنيستنا في ذلك الوقت، ولكن وبهمة الثنائي قداسة مار دنخا وغبطة مار نرسي واخوتهم الاساقفة، تمكنوا من اخراج سفينة الكنيسة  من الامواج العاتية التي كانت تحاول ان تزعزعها،  والرب لا ينسى كنيسته ابدا.

 

ما ميزالاسقفين الشابين لحمل المسؤولية الكبيرة، وهي ادارة كنيسة تتوزع على بلدان عدة، وهذه البلدان في الغالب متعادية في ما بينها وبالاخص، العراق وسوريا وايران ولبنان، والمهجر الامريكي، ان الاسقفين مار دنخا ومار نرسي كانا يقيمان في بلدين فيهما نوع من الحرية السياسية والدينية، وكان من السهولة لهما الاتصال ببعض المناطق وان لم يكن اغلبها. اي ان الاسقفين تشعبنا من الحياة الحرة ومن الانفتاح وليس الانغلاق الذي تطبعت به الحياة في العراق وسوريا بالاخص. كما ان الاسقفين كانا بحق نتاج تبلور الوعي القومي ما بعد العشائري او ما بعد المسلح، وعي قومي يريد لملمة الجراحات ويقر بالتغيرات القائمة ويريد ان يدخل العصر بخطابه ونظرته، ولذا فقلما نجد كلمة او خطاب او مشاركة لقداسة مار دنخا وغبطة مار نرسي ومن تبعهم من المطارنة والاساقفة، الا وكان هناك فيها مكانة للامور القومية والاهتمام بالترابط القومي ووحدة العمل للحقاظ على الانتماء والهوية القومية كحفظنا على الهوية الدينية. 

 

من كنيسة الامل المفقود، الى كنيسة تتقدم بخطى ثابتة نحو التطور والتقدم، من كنيسة كان يعاب عليها انها لا تمتلك الا اساقفة ومطارنة تقليدين، لا يعرفون الا فك الحرف السرياني، الى كنيسة لا اسقف ولا مطران فيها دون ان يحمل شهداة اكاديمية بالاضاف الى الدراسات الكنسية من اللاهوت واللغة وتاريخ الكنيسة المسيحية ومقارنة الاديان، خلال  33 عاما خطت الكنيسة خطوات كبيرة رغم من طعنات بعض الابناء والرغبة المحمومة لهذا البعض لكي يوجهوا ادارتها بحسب رغبتهم وطموحاته، بحيث تكالبت مرة اخرى قبل اعوام قليلة اصوات وقوى مختلفة لم تكن لها من غاية الا تفتيت الكنيسة او اركاعها، الا ان الابناء الجدد للكنيسة ممن امتلكوا قوة الايمان الديني والقومي، كانوا اقوى بارادتهم المستمدة من ارادة رب الكنيسة.

 

اليوم يغيب عن الكنيسة والامة بجسده غبطة المطران مار نرسي ديباز، ولكن بروحه وبالاشعاع الذي اضافه هو وقداس البطريرك في الكنيسة، ستتقدم الكنيسة بصورة افضل وبخطوات اسرع، لان رب الكنيسة معها في كل مصاعبها. اليوم نقول رحمة الله عليك يا مطراننا الجليل، وليكن مكانك بصحبة القديسين والابرار، ومن هناك ترنو برحمة على شعبك ورعيتك، مادا لهما حبل المودة والتلاقي والامل.

 

من حقنا ان نقول لقد كنت احد اعمدة الكنيسة، ولكن ذاك العمود الذي يترك مكانه للاخرين لكي يحلوا محله ويزيدوا ويطوروا وليس العمود الوحيد والاخير.

 

تعازينا الحارة الى كنيسة المشرق، والامة برحيل احد رجالاتها الكبار، ونحن لعلى ثقة بان الامة المنجبة ستنجب غيره وغيره، تعازينا لعائلة غبطة المطران مار نرسي، بمصابهم ومصابنا.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.