حين عاد سامر من الحافة// رانية مرجية
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 29 أيلول/سبتمبر 2025 14:21
- كتب بواسطة: رانية مرجية
- الزيارات: 156
رانية مرجية
حين عاد سامر من الحافة
رانية مرجية
كان سامر في السابعة والعشرين من عمره. شاب هادئ، يشبه أي شاب تراه في الطريق، لكن في داخله حرب صامتة. منذ سنوات وهو يحمل حزنه كحجر ثقيل في صدره. لا أحد كان يرى ما خلف ابتسامته القصيرة، ولا أحد كان يعرف أنه كل ليلة ينام وهو يفكر في أن الغد قد لا يأتي.
الانحدار نحو الحافة
بدأ كل شيء كحزن عادي. فشل في العمل، خيبة في الحب، غربة عن العائلة. لكن شيئًا فشيئًا تحوّل الحزن إلى اكتئاب، والاكتئاب إلى فراغ، والفراغ إلى فكرة: “لماذا أستمر؟”
كان يمشي في الشوارع كظل. الناس من حوله يضحكون ويتحدثون، وهو في رأسه ضجيج لا ينتهي. لم يكن يريد أن يموت، كان يريد فقط أن يتوقف الألم.
اللحظة السوداء
في ليلة باردة، جلس سامر على حافة جسر، ينظر إلى الماء تحته. كان يشعر أن كل شيء انتهى. دموعه سالت بلا صوت. لم يكن هناك أحد. كان يشعر أنه غير مرئي للعالم، مجرد رقم زائد.
لكن هاتفه رنّ. كانت رسالة من صديقة قديمة:
“كنت أفكر بك اليوم. لا أعلم لماذا خطر اسمك فجأة. هل أنت بخير؟”
قرأها، ثم انفجر بالبكاء.
كانت أول مرة منذ سنوات يشعر أن أحدًا ما يراه.
النجاة
تلك الرسالة لم تكن سحرًا، لكنها كانت الخيط الأول الذي أعاده إلى الحياة. في اليوم التالي، تواصل مع طبيب نفسي، للمرة الأولى في حياته. جلسات طويلة، أدوية، صمت ثم اعتراف ثم دموع.
لم يشفَ بسرعة. لكنه بدأ يتعلم أن الألم ليس عيبًا، وأن طلب المساعدة ليس ضعفًا. بدأ يكتب في دفتر صغير كل صباح: “أنا ما زلت هنا. أنا أستحق الحياة.”
رسالة من سامر
اليوم، سامر يتحدث في مجموعات دعم للشباب الذين يفكرون بالانتحار. يروي قصته ويقول:
“لم أكن أريد أن أموت. كنت أريد فقط أن يسمعني أحد قبل أن أسقط. أن تلمسني كلمة، أو يد، أو نظرة. تلك الرسالة أنقذت حياتي. لا تستهينوا بالكلمة، فهي قد تكون حبل نجاة لشخص على الحافة.”
الانتحار ليس نهاية… بل صرخة
قصة سامر تذكّرنا بأن الانتحار ليس قرارًا باردًا، بل صرخة ألم مكبوت. وأن هناك دومًا فرصة للنجاة إذا وجد الإنسان من يصغي له.
منظمة الصحة العالمية تقول إن الانتحار من بين أكبر ثلاثة أسباب للوفاة لدى الشباب، لكن يمكن منعه. الدعم النفسي، العلاج المبكر، والاحتواء الإنساني هي جدران تحمي الأرواح قبل أن تسقط.
ختامًا
لكل من يقرأ هذه الكلمات:
إذا شعرت أن الحياة أثقل منك، تحدث. إذا رأيت شخصًا ينسحب في صمت، اصغِ له. قد تكون كلمتك الفرق بين الحياة والموت.
الانتحار ليس ضعفًا، بل ألم بلا مخرج. والمساعدة ليست شفقة، بل إنقاذ حياة
المتواجون الان
479 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع